لعل جنون اللذين ذهبت عقولهم لسبب من الأسباب فسكنوا مكبات النفايات وداروا مع القطط والكلاب السائبة في الأزقة والشوارع ارحم في أحايين كثيرة من جنون بعض الناس المحسوبين على العقلاء الأسوياء من عباد الله . انك لتحار في كيفية التعامل مع هذا الصنف (العاقل) من الناس الذي تجده أمامك في كل مكان وفي أي زمان , تجده في شرطي الشارع , صاحب السكلة , صاحب المولدة , موظف الدائرة , سائق التاكسي, البقال الخ... وباختصار لا يكاد يخلو بيت عراقي واحد من هذا النموذج الغريب من العقلاء . تجده للوهلة الأولى هادئا ,كثير التبسم ,لطيف الكلمات وعلى لسانه ملعقة عسل ومثلها من الزبد التركي ,ولكنك ما ان تدخل منطقة ( الحظر النفسي ) خاصته والتي لا تعرف خطوط طولها من عرضها حتى يتبدل كل شيء لماذا ؟ لأنك قلت له دعني أمر مثلما سمحت لصاحبك بالمرور أو لأنك قلت له : لم تكن بضاعتك بالمستوى الذي اتفقنا عليه او لأنك قلت له : لقد جعلت صديقك الذي حضر منذ دقيقتين يأخذ دوري وأنا المنتظر منذ ساعتين , أو لأنك ذكرته بدين مرت عليه مئة ( باجر) وألف ( بعدين ) او لأنك قلت له : إن بناءك ( قيراج ) و( طاب وطالع) وانك لم تلتزم بالاتفاق , وقبل ان تفرغ من عتابك شغل عليك مضاداته اللفظية الصاعقة بكل مستوياتها الثقيلة والخفيفة ليخرجك من منطقة الحضر النفسي خاصته جاعلا إياك (فرجة ) للناظرين وإزاء ذلك لا تملك إلا أن تسكت مستخلفا الله لأنك أمام إساءات بلا محاسبات وظواهر بلا تشريعات , وكم تمنيت لو استطعنا خلق وتفعيل عرف اجتماعي معين يلزم المقصر بدفع ثمن تقصيره وإخلاله أو بإجباره على الاعتراف بخطئه وعدم تكراره وذلك ( اضعف الإيمان ) . هذا الصنف الدمبله ( الدملة ) التي لا تعرف متى تنفجر في وجهك أو من أي المواضع تلمسها فهو ( حرجيس ) بتعبير جنوب العراق ويبدو ان حرجيس في الأصل ( حار الملمس ) لان ( الجيس ) مأخوذة من الجس وهو اللمس كما في قولنا جس الطبيب نبضي .كفانا الله غلظة وشر هذا (الدمبله) و(الحرجيس ) الذي يأتمر بأوامر إبليس فحقه حق وحقنا هين وباؤه تجر وباؤنا لاتجر .
|