بين عامود الكهرباء الذي يشكو الحنين لمصباح ينير ما حوله نتيجة جشع مقاولي الساسة وضيق الافق وعامود الصفحة اليومية التي لا تجد سبيلا لقراءتها إلا ما ندر في ظل زحمة مواقع الشبكة العنكبوتية والفضائيات علاقة لا تخلو من الالم تارة والحزن تارة اخرى ، وكما ان الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب من بركات عراق الديمقراطية والتجديد فعامود الكهرباء صار يحمل لافتات المرشحين ودعواتهم لأنفسهم عوضاً عن مصابيح الإنارة ومن المفارقات الحزينة ان بعض هؤلاء الذين سيحضون بمقاعدهم التشريعية بنزاهة او بدونها سينسون تلك الاعمدة المسكينة ولا يتذكرون فضلها في حمل صورهم خلال رحلتهم نحو سلطتنا التشريعية وتبقى أعمدة كهرباء أحياء الفقراء تشكو الاهمال وتنتظر الوعود وهي تستمع لسين المستقبل على ألسنة الساسة الجدد ولسان الحال يصرخ " شتان ما يومي على كورها ويوم حيان اخي جابر " عسى ان يرحمها من يتذكر انينها الممزوج باهات الفقراء والمعوزين الذين حلموا ان يكون مرشح الديمقراطية دوائهم الناجع لكل ما يتمنون .
لا ابتغي الانتقاص والتهكم على مرشحي دورتنا البرلمانية الجديدة بقدر ما ادق جرس الإنذار في أذانهم من أن التأريخ لا ينسى رغم مآسينا معه ومحاولات التزييف غير المنتهية وما خسرناه من ارواح غالية ودماء طاهرة بسببه ، وليعتبروا بمن مضى ليس منذ نيسان التغيير في 2003 فحسب . فيما لو حاولوا جادين تقديم سلطة تشريعية قوية قادرة على ان تشرع القوانين التي تضمن حياة حرة كريمة للعراقيين دون تمييز لفئة ومذهب ومكون عسى ان تكون نظرتهم للجميع من زاوية العراق والاخلاص له لا غير وعسى ان يلد من رحم هذه السلطة التشريعية فيما لو كانت نتاج شرعي خارج الاساليب والأطر غير الشرعية من انتخاب ابن العشيرة والمنطقة والحزب والجيران وذا النفوذ الاقتصادي على حساب الكفاءة والنزاهة .
فالأعمدة الكهربائية تبحث عن من يزين وجودها بالمصابيح واعمدة الصحف تبحث عن من يقرأ ما تشير اليه من سلبيات وإيجابيات واعمدة القوم تسعى لان يكون تأييدها لزيد دون عمر في محلة دون اتباع للهوى وجميعها تتمنى ان يكون المولود حكومة تمثل الجميع قادرة على ان تدير الملفات دون تشنجات وازمات وتعيد ترتيب البيت العراقي ووضعه الاقليمي والدولي الى ما يتمناه الجميع وذلك مركون الى ما ستفرزه نتائج صناديق الاقتراع فيما لو سلمت من عبث العابثين .
|