استغرب كثيرا وأنا أتابع الحملات الاعلانية المبكرة للكثير من النواب في شوارع بغداد والمحافظات العراقية التي تهدف تسويقهم كنواب قادمين لهذا الشعب المسكين الذي لم يرى هؤلاء السادة النواب او المرشحين الجدد بينهم الا في تلك الايام فطيلة السنوات الماضية لم يرى هذا النائب او ذاك أهالي المناطق التي أوصلتهم الى البرلمان العراقي وأقعدتهم تحت قبته ليستلموا تلك الرواتب العالية والمخصصات والامتيازات الغير معقولة والكثير منهم لم يقدم شيئا الى شريحته الفقيرة التي تريد منه إقرار القوانين المهمة والتي تمس المواطن بشكل مباشر لكن للاسف الكثير منهم ذهب الى ابعد من ذلك وهو التسقيط السياسي ومحاولة الانتصار على الخصوم في حفلات ملاسنة ومجادلة ومنازلة كلامية امام وسائل الاعلام العراقية وغيرها حتى أصبحنا نمتلك برلمانا وحيدا في هذا العالم الواسع يعمل بشكل ممنهج بأسلوب تسقيطي لا فائدة منه سوى خدمة المصالح الحزبية والشخصية والكل يريد الظهور أمام المواطن بأنه الحنون والمتأثر على مأساته المتمثلة بأنه يعيش الحرمان .
انا اقول من كان قريبا من الشعب ويعيش آلامهم فعلا وقولا ويواكب بشكل كامل كل المعاناة والحرمان ويعيش حالة الفقر والعوز معهم لا يحتاج الى كل تلك الدعايات المنتشرة في شوارع العاصمة بغداد وغيرها من المحافظات ولا حاجة الى صرف فلس واحد طالما يمتلك القلوب والوجدان الجماهيري وكان الأولى ان يصرف كل تلك الاموال على الفقراء والمحتاجين والايتام والمتعففين ليدفع اليهم في السر وليس في العلن كما تفعل بعض الفضائيات ومالكيها وبعض السياسيين عند تقديمهم المساعدة لأي محتاج حيث الإذلال الظاهر على وجوه الناس وهم يتناولون ذلك عبر شاشات الفضائيات .
من كان يمتلك تلك القلوب الجماهيرية لا يحتاج الى اكثر من أن يدفع رسوم المشاركة في الانتخابات وتقديم برنامجه الانتخابي ببعض المنشورات التي لا تكلف الا شيئا بسيطا وما اعتقده هو ان الجماهير ذاتها سوف تتبرع له في اقامة الدعاية الانتخابية وغير ذلك لأنها ترغب بمجيئه الى العملية السياسية لإحساسهم بأن هذا الشخص هو من سيقدم لهم الخدمة المطلوبة ويلبي حاجاتهم الخدمية والاقتصادية والاجتماعية وكذلك السياسية من خلال طرح القوانين التي توصل هذا المواطن الى ما يريد .
ان الذي يريد ان يخدم البلد ليس عليه سوى ان يكون في عمق مشاعر وأحاسيس الجماهير ووسط معاناتهم لكي يحاكي الواقع الصحيح وبالتأكيد سيبقى هذا النائب تحت قبة البرلمان لدورات عديدة يستظل بالعمق الجماهيري ومساندتهم له وهذا يذكرني بالنائب اللبناني المسيحي نجاح واكيم الذي ما زال الى اليوم ومنذ العام 1972 هو عضو في البرلمان اللبناني لأنه كان كان قريبا من الحس الجماهيري ومن معاناة الشعب اللبناني ولا يعنينا توجهه السياسي بقدر ما هو قريب من معاناة اللبنانيين وقد كنت طيلة سنوات من تواجدي في لبنان وأتحدث اليه أحيانا سائلا إياه بماذا تقنع الناخب اللبناني لتبقى طيلة هذه العقود من الزمن تحت قبة البرلمان ؟؟ فكان يقول انا ابن الطبقة الجماهيرية الفقيرة وهي الاوسع بين ابناء الشعب واتابع كل آلامهم يوما بيوم وشهرا بشهر وسنة بسنة دون انقطاع، بل وحتى حينما قاطع الانتخابات عام 2000 وحينما لم يفز بالانتخابات كان على تواصل تام مع الجماهير اللبنانية بكل أطيافها باحثا عن مشاكلهم واحتياجاتهم ليطرحها على الملأ من اجل ان يحصل لهم على حلول .
فهل نمتلك هكذا نواب أنا اعتقد يمكن ان نمتلك مثل هذا النموذج اذا دققنا وأمعنا الاختيار فالخيرين من الشعب العراقي بأعداد كبيرة ويمكن الاعتماد عليهم وعلى وطنيتهم فلنحسن الاختيار.