العلاقة بين الآباء والأبناء علاقة أزلية فهي في الوالدين فطرية أودعها الله عز وجل فيهم من أجل أن يربيا ذلك المولود الصغير الذي لا يملك حولاً ولا قوة فما فيض المشاعر والمحبة والحنو إلا نعمة إلهية محضة أما علاقة الأبناء بالآباء فهي علاقة وفاء و رد جميل وإرجاع أمانة وأي أمانة أعظم من سنين شباب فنيت مع الكثير من الوقت وسهر وصبر بذلت كلها في تربية الأبناء، والطبيعي في الأمر أن يكون جزاء الإحسان إحسان مثله او يزيد عليه، لكن هذه العلاقة كثير ما تعصف بها رياح المشاكل والخصام وعدم الطاعة ونكران الجميل فنجد الأبناء ينكرون كل ذلك الجهد والعناء فلا يسمعون كلمات الوالدين ولا يطيعونهم في شيء فالولد يخرج متى ما شاء ويعود متى ما طاب له أن يعود، لا يجمعه مع والديه سوى سقف واحد وعالمه بعيد عن عالمهم بكثير تلك المشاكل لها اسباب كثيرة فالبعض يجمعها بكلمتين هما الولد سيئ دون ان يناقش الظروف والأسباب التي جعلته يصل الى تلك النتيجة ولعل الآباء أنفسهم يتحملون جزءً من المشكلة أو هم سبب من بين تلك الأسباب فالأب يهتم بتوفير لقمة العيش لأولاده والأم تبذل كل الجهد في توفير الطعام وكل ما يحتاجون له من وسائل الراحة إلا الجلوس والكلام معهم والسؤال المهم كم نعطي لأطفالنا من الوقت كم نتحدث معهم وهل استمعنا لكلماتهم وقصصهم التي نراها غير مهمة في السنوات الأولى من أعمارهم علماً أن لها الأثر الاكبر في بناء شخصية الفرد وتكوين نظام العادات والقيم التي يؤمن بها والغفلة عن كل هذه الأشياء هي سبب رئيسي يدفع الأبناء الى صيرورة عالم خاص بهم مليء بالمشاكل والأخطاء نتيجة نقص الخبرات والتجارب وغياب المرشد الواعي والمستشار المخلص الذي يهب خبرة السنين دون أي طمع سوى أنه أب أو أم، والواجب في الحفاظ على هذه العلاقة هو ان نشعر أبنائنا بالحب وأن نشاركهم حياتهم صغاراً حتى يسمعونا كباراً.
|