• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : " تيفو" وعي .
                          • الكاتب : ليالي الفرج .

" تيفو" وعي

بدأ مؤخراً لدينا تداول كلمة " تيفو " على ألسنة الكثيرين في الإعلام المحلي والعربي، وخاصة بين أولئك المتابعين للوسط الرياضي، وتحديداً لعبة كرة القدم، معشوقة الملايين، كما يعبر عنها الرياضيون والكتاب الذين يفردون الملاحق الرياضية في الصحف المطبوعة، والعديد من التفريعات والارتباطات في المواقع الإلكترونية، والأمر يزهو في أغلب الفضائيات سواء ما كانت مختصة بالمواد الرياضية، أو تلك الفضائيات العامة.
 
والنتيجة أن التوسع في استعمال وتداول مفردة ذات دلالة ضمن الخطاب الإعلامي أو المجتمعي فإن في ذلك إشارة  بحدوث تأثر بدأ يأخذ موقعه في أدبيات وأذهان المهتمين والمتابعين ومن هم على علاقة بذلك.
 
أما عن كلمة "تيفو" فهي في الأصل كلمة إيطالية وترتبط بظاهرة بين الجمهور الرياضي  لفرق كرة القدم في إيطاليا، وفي أوربا بشكل عام، وبدأت  في الظهور في نهاية الستينيات الميلادية وبداية السبعينيات.
 
وتتمثل هذه الظاهرة في شكل ظهور للوحات فنية بصرية في هارمونية جاذبة من جهة ومؤثرة بما تتركه من انفعال من جهة أخرى، وتطبق حينئذ باعتمادها على المجاميع البشرية التي يحققها وفرة الجمهور في لعبة جماهيرية مثل كرة القدم.
 
إن تقسيم أجزاء لوحات التيفو البصرية بين كل فرد في الفريق الكبير الذي يتقاسم الأجزاء في تنوع الألوان وفي المواقع، يحقق عملية إنتاج لمشهد بصري يستطيع من صناعة إدهاش واجتذاب للمشاهد سواء مباشرة في نفس الموقع أو من وراء ألواح التلفاز الحديثة بتقنياتها البصرية العالية.
 
هذه الرؤية البصرية الباذخة الجمال والمتسببة في إكساب المشهد الرياضي مناخاً من المتعة والجاذبية، يستحق أن يلتفت إليه وتأكيد إيجابيته من خلال التشجيع على إنتاجه، ورفد فرق العمل فيه بالحافز، من خلال إبراز وتكريم المبادرين والمتفوقين فيه.
 
وفي مقام إعادة إنتاج مثل هذه الظواهر الناجحة، يجب أن يلتفت إلى ضرورة ابتعادها عن السلبية من خلال التوجيه بتبني المضامين التي تعزز من نشر الوعي بمعناه الواسع مجتمعياً وثقافياً، فإن وجود مشهد ينشر ثقافة الاستعمال الآمن للطرق والمركبات، أو مشهد يرفض العنف بكل أنواعه، خاصة ومع تنامي موجات العنف الأسري ونحوه، أو ما يمكن أن يوصل رسالة التعايش والمودة، بل كل مجالات العلاقات الإنسانية سواء نظافة البلد أو التعليم أو الالتزام بالنظام أو محاربة الفساد بكل أنواعه، حيث يمكن ضخ كل ذلك واستثمار هذه الطاقة الإيجابية لتكنيك            ال "تيفو" في نشر مفاهيم الوعي وترسيخ مضامين الروح الرياضية في الوعي المجتمعي حتى تنتقل المفاهيم من مستوى الأفكار إلى مستوى أعمق وهو المشاعر التي ماتلبث أن تنتقل إلى مستوى أكثر عمقاً ووعياً وهو مستوى السلوك الذي يتطور إلى عادة سليمة، بل إلى طبع وملَكَة راسخة.
 
والمأمول أوسع حيث إن ثمة ظواهر سلبية بدأت تتوسع خاصة بين فئة الشباب ومن أخطر ما يُتداول هذه الأيام هو ما بات يعرف بظاهرة "الدرباوية"، التي لابد من معالجتها، ولعل من أهم ما يأتي التفكير فيه هو البدء الفعلي بإنشاء أندية السيارات والمركبات التي صار استخدامها السلبي وبالاً  وخطراً على الجميع.
 
 وهكذا فإن تقنيات التيفو يمكن لها حينئذ أن تكون ضمن الأدوات الثقافية القادرة على صناعة وعي يتجاوز المستويات السطحية إلى ما يجعله قادراً على تشكل مجتمع الوعي الراشد، فيمكن أن تتضمن مدرجات الجمهور في أندية السيارات التي يجب أن تتولى تأسيسها ورعايتها الرئاسة العامة لرعاية الشباب  وتساهم الشركات ولا سيما الكبرى منها بدعم مثل هذه المشاريع الشبابية.
 
ومن طريف القول أن مقلوب الكلمة المعربة "تيفو" هو الفعل "وَفَيت"، وهكذا فمن صناعة تيفو وعي نكون أكثر وفاءً لبلادنا حفظها الله وحفظ أهلها.

كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : وسام الركابي ، في 2014/02/24 .

السلام عليكم
أسعدني كثيراً أن أطّلع على مقالتكم لروحها الإيجابية العالية ،
وهذا منهج طرح مهم جداً في نظري ، وهو ليس منهجاً لتبرير كلّ شيء طبعاً ، بل لاقتناص الفائدة المتاحة وتطوير مهارة التفاعل الإيجابي مع الحياة ..
شكراً لكم .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=43157
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 02 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13