• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : حرية الصحافة والإعلام الحر .. شبهةٌ أو حقيقة .

حرية الصحافة والإعلام الحر .. شبهةٌ أو حقيقة

الكاتب :طلال الحكيم
ينبغي ان ينتبه الاعلاميون أنه ليس كل ما يعرف يقال وليس كل عثرة سبقٌ صحفي..
 
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)
 
هتاف من معتوه، وعقيرة من متعصب، وضوضاء من حانق، ولفظ من معربد، وبحث عن عثرة، وتتبع لعورة، وهوس وهياج، ولغوٌ وتركاض، فتن وأهواء وتيه في غلواء من غير تلك السفاسف وعيبة السقطات، يمارون في الباطل ويتحكمون تحكم الجاهل، يطنون في اذن الدنيا بالاخبار الزائفة والمراسيل الكاذبة، يقولون رهجاً ويذهبون عوجاً حتى صار الكذب والافتراء عندهم شعاراً والزور والتدليس راية ومناراً، وبعد هذا وذاك يدخل كل ما ذكر تحت مظلة حرية الصحافة او الاعلام الحر.. ولا ادري أأضحك أم أبكي؟!
 
اصول وثوابت وخطوط عريضة رسمتها المؤسسة الاعلامية لنفسها بكل انواعها المرئي والمسموع والمقروء وهذا من حقهم فالإعلام ونقل الخبر علم مستقل بنفسه له قوانينه ومسائله لكن بعض هذه القوانين وللأسف لم تخضع إلى ركن وثيق ولم تبتن على اسس شرعية صحيحة تتوافق مع القانون الإلهي الحكيم الذي هو حاكم على كل الانظمة والقوانين الوضعية وما اقرته من مبادئ ونقاط وديباجة عمل, وأي قانون وضعي في اي علم كان في السياسة أو الاجتماع او الطب أو الاحياء إذا كان مشتملاً على ما يتعارض مع ثوابت الدين الحنيف وما قال به الرب الحكيم الذي رسم للبشرية طريق سعادتها وتقدمها وازدهارها وجب ان يعيدوا النظر به، ولو التزموا باحكام الله تعالى وطبقوها لنالوا بذلك السعادة وحصلوا على الرقي، قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ) وكان ما كان من هذه المقررات الاعلامية ما يسمى بـ(حرية الإعلام) إن كان في حرية الصحافة وما يكتب فيها أو في حرية الفضائيات وما يعرض فيها، أو من المسموع وما يتكلم فيه.
هذا المقرر او هذا الاصل يحتاج إلى تهذيب وإلى تصحيح المسار، فالله عز وجل لا يوجد عنده فوضى، ولا يرضى بالظلم وأمر بالعدل والاحسان ومراعاة الحقوق كلا بحسبه، قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) وهذا يعني ان المرجع الصحيح الذي عليه مدار الصحة والفساد والخير والشر والحق والباطل هو ما قضاه الله ورسوله، وأن خيرة الناس واملاءاتهم ومقرراتهم قابلة للخطأ والصواب وللحقيقة والسراب ولأجل ذلك تعالوا معي لنتعرف على بعض هذه المقررات..
ليس واضحاً مصطلح (حرية الصحافة)
حرية الصحافة بشكل خاص او الإعلام بشكل عالم ولا خصوصية للصحافة بل من باب تسمية الشيء بإسم بعضه كيفما كان، ماذا تريدون من الحرية ها هنا؟ إن كنتم تقصدون من الحرية ان ينقل الخبر او تصل المعلومة إلى الناس على ما هي عليه بمعنى الاخبار عن الواقع بعد ان يتأكد المراسل من هذا الخبر ومن صحة المعلومة فهذا جيد، ولكن هل المسألة تنتهي إلى ها هنا؟ ألا توجد هناك أمور اخرى يجب اخضاع الخبر تحت موازينها؟ فهل انقل الخبر حتى ولو لزم ترويجاً للباطل وتشجيعاً للمنكر واشاعة للفساد؟ هل هذا الخبر فيه قرائن لفظية او خارجية تحتم كذبه وافتراءه؟ هل هذا الخبر فيه تسقيط او تشهير إلى بعض الناس المؤمنين لمجرد خلاف او نزاع بينهما؟ هل هذا الخبر خالٍ من الامانة العلمية والاخلاقية بالنقل عندما يكون مثلاً خصومة بين المؤمنين فتنقل دعوى طرف واحد؟ هل هذا الخبر خالٍ من الفائدة العلمية للناس بأن يكون عبثاً وسخافة؟ هل وهل..
فإذا كانت الحرية هكذا فاقدة للموازين الشرعية والعقلائية فمهلاً اخي الكريم، هذا في بعضه زيف وكذب وفي بعض ظلم واجحاف وفي البعض الآخر سعي في الارض الفساد وكله قد حرمه الله عز وجل..
وإن كنت تقصد من الحرية ان تنقل الخبر من دون ان يخضع إلى شخص معين او جهة معينة او حزب معين او طائفة معينة حتى لو كان يتعارض مع سياسة القناة او مقررات الصحيفة او خلفية الناقل من مراسل او مقدم او مدير قناة فجيد لكن هذا مؤطر بإطار الاحتمال الاول اي انه يرجع إليه لانه لم يخضع الخبر فيه إلى جهة معينة او إلى طائفة معينة بل الخبر بما هو خبر يعني يراد منه (المصداقية) ومطابقة الواقع وإذ رجع إلى الاول وإن اختلفت العبارة فسيرد عليه ما ورد من الاشكاليات الشرعية السابقة..
وإن كان المراد بالحرية في الإعلام هو نقل الخبر بما يتوافق وسياسة القناة او الصحيفة فكل ما يوافق القناة او المذهب أو المعتقد أو الحزب فينقل وإلا فلا، فهذا بالإضافة إلى ما يرد عليه من الاشكاليات ايضا يرد عليه انه ليس بحرية بل تقيدية فالمعلومة شخصية او حزبية او فئوية او طائفية..
إذن مصطلح الحرية هذا الذي كثيرا ما نسمعه في وسائل الاعلام كافة يجب تهذيبه واعادة تقديره فالحرية على نفسك ان تختار المذهب الذي تريده ولك مطلق الحرية في قراراتك وافعالك لكن لا على الاطلاق فالقرارات والافعال التي فيها اذى على الاخرين او سلب حقوقهم لا حرية فيها، انت ستكون ظالماً متعديا بحكم العقلاء وانك قد تجاوزت الحدود فالحرية ليست على الاطلاق وليست اعتباطا متى ما شئت ومتى ما اردت، هناك ضوابط شرعية، هناك احكام عقلائية، فالظلم قبيح عند كل الناس بما في ذلك عند السيخ والبوذ، ولا يقبل الاعتذار انني حر في نقلي للخبر بل يجب ان تراعى فيه كل مستلزمات الامانة الشرعية التي حفظ بها قانون السماء حقوق الناس والتي تتماشى مع فطرتهم وما تحكم به عقولهم، كيف؟ والشرع المقدس هو سيد العقلاء، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ).
الحرية في الاعلام هي نقل الخبر الصحيح
مع مراعاة الموازين الشرعية
يعني فلنسميها حرية ضمن مجال معين، وضمن مساحة لا اقول انها محدودة بل واسعة في رحاب احقاق الحق واشاعة العدل وانصاف الناس كلا ضمن ما يستحق وبشرطها وشروطها.
الحرية في الاعلام ايصال صوت المحرومين والذين لا معين لهم إلا الله، الحرية التكلم بلسان المظلومين والمساهمة في ارجاع حقوقهم، الحرية في الاعلام الخصومة مع الظالم واسترجاع الحقوق المسلوبة، الحقوق كشف زور الكذابين والمنافقين، الحرية القاء النصح إلى المؤمنين، الحرية دفاع عن الله ورسوله وعن ما اوصى به من بعده، الحرية اسكات الاصوات النشاز التي تنطق بها شياطين الانس، الحرية بث روح الحب والسلام والامان، الحرية في الاعلام الغيرة على الدين وعدم المجاملة على حسابه، الحرية في الاعلام عدم النفاق فلا يجمع بين الاضداد والنقائض، الحرية في الاعلام عدم الضوضاء والغوغاء والمشاغبة في نقل الخبر، الحرية في الاعلام ان لا تستمع إلى لفظ معربد فتأتي لتنقل ضجيجه إلا إذا كان للرد عليه وتنبيه الناس، الحرية في الاعلام ان لا تتخذ المضلين عضداً وأن لا تركن إلى الذين ظلموا كي تأتي وتستضيفهم، الحرية في الاعلام الكلام بما فيه تقوى الله واتباع ما امر به في كتابه، الحرية محبة الناس واللطف بهم والتودد إليهم ومداراتهم بالحق فإنهم صنفان يقول امير المؤمنين(عليه السلام): (إما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق)، الحرية في الاعلام ان لا تبحث عن عورات الناس وعثراتهم وتكشفها امام الملأ، الحرية ان لا يأتي بمن لا يقوى على اداء الواجبات الملقاة عليه عندما لا يتقن الصنعة فيسيء إلى الجميع وليس فقط إلى نفسه، الحرية ان لا تكون بعيداً في خطابك الاعلامي عن هموم الناس ومشاكلهم وحاجاتهم فإن ابتعادك وسكوتك شعبة من الضيق وقلة علم بالامور، الحرية في الاعلام اياك والتشجيع على سفك الدماء من غير حق والتحريض على الفتن، الحرية في الاعلام ان لا يأخذك الزهو والغرور والفخر والعجب وحب الاطراء فإن ذلك كما يقول امير المؤمنين(عليه السلام): (من اوثق فرص الشيطان ليمحق ما يكون من احسان المحسنين)، الحرية في الاعلام ان لا يكون خطابك مشفوعا بالاغراض الشخصية والمصالح القومية والنعرات الطائفية، الحرية في الاعلام عدم العجلة في الامور والتأني في ارسال الخبر فإن سقطة الاسترسال لا تقال.. وبالجملة الحرية في الاعلام الالتزام بالدرجة الاساس بما انزل الله عز وجل من سلطان وما تركه لنا من دستور وليس بمقررات الامم المتحدة ولا بهيئة الاعلام..
جعلنا الله وإياكم ممن امتثل بأوامره وانتهى عن نواهيه..
إنهاء الدردشة 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=42506
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 02 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14