كنت في صحن ابي عبد الله الحسين عليه السلام مع موكب أهالي الكاظمية المقدسة ، فصعد قارئ يقرأ قصيدة أعدها لهذه المناسبة ، وكان من ضمنها كلام سياسي وفيه مطالبة الحكومة بتوفير الأمن ودحر الفساد والتحنن والعطف على الشعب وغيرها من هذه المسائل .
وعندما خرجنا سمعت بعض أفراد الموكب يكلم بعضهم الاخر ويذم هذه القصيدة ويقول : ما علاقتنا بالسياسة ! اليوم جئنا للحسين وما علاقته ( الحسين ) بالسياسة ! وهكذا دواليك .
وهنا تبادر في نفسي عدة أسئلة :
1- هل هناك علاقة بين الأمام الحسين ( عليه السلام ) والسياسة ؟
2- هل يجوز للقارئ الحسيني ان يتكلم في السياسة ؟
3- من أوصل الناس الى هذه الفكرة ؟
و في الجواب على هذه الأسئلة نقول :
عندما نطالع واقعة الحسين او قضيته بالتفصيل نجد انها بأجمعها متعلقة بالسياسة ! وذلك عندما نرى انه بأبي وأمي خرج ضد حاكم جائر وهذا الخروج من أوضح مصاديق السياسة ، لانها محاولة لقلب النظام القائم . وعندما نقرأ هدف ثورته الذي صرح به هو سلام الله عليه حين قال : ( ما خرجت أشراً ولا بطراً ولا ظالما ولا مفسداً ، إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي .... ) ، وهذا الإصلاح كما هو واضح هو الإصلاح السياسي ، باعتبار انه ثار ضد الحكم الفاسد ليزيد ابن معاوية . وكان خروج الامام عليه السلام بسبب دعوة أهل الكوفة له بأن يكون حاكم عليهم ، الحاكم والحكم هو من المسائل السياسية ..... والى اخره من الأمور السياسية التي تضمنت ثورة الامام الحسين عليه السلام .
و بما مر يمكن ان نقول ان القارئ او الشاعر الحسيني لا فقط يجوز له ان يذكر بعض الأمور السياسية بل يجب عليه الإشارة اليها ، لانها من أسس الثورة الحسينية . وهذا الامر هو الذي جعل من ذكر الحسين وثورته يقض مضاجع الظالمين في كل زمن ، وإلا لو صارت مجرد ذكر لإمام استشهد قبل اكثر من الف عام ، ولو ان الحركة الشعبية العارمة التي تأتي لزيارة قبره الشريف ليس لها هم سوى ندبه والحزن عليه بأبي وأمي لما خاف ظالم وما ارتجف عرشه من هكذا امر قط . إنما الظالم يفهم ان قضية سيد الشهداء هي قضية سياسية متشحة بثوب الحزن ، بإستطاعتها ان تقلب الطاولة على نظامه الظالم .
اما جواب السؤال الثالث فإتركه للقارئ اللبيب الفطن الذي يفهم من يريد تغيير معادلة نهضة الحسين عليه السلام بقصد او من دون قصد !!! .