في الحقب الماضية؛ كانت الموازين الطائفية والإثنية مختلة إلى أقصى حد، وليس من المبالغة القول بأن أهل التشيع والولاء نالوا في تلك الفترات النصيب الأوفر والأشد من الاضطهاد والتمييز والظلم والتعسف، كما تعرضوا إلى تهميش وإقصاء متعمّديْن من قبل السلطات الحاكمة والمناوئين لهم من النواصب وأضرابهم. وكان لحالة التهميش والإقصاء الدور الأكبر في حرمان الشيعة من حقوقهم وحجزهم عن الانطلاق في حركتهم الدعوية، فبقوا أسارى نطاقات محلية ضيقة، عاشوا فيها محرومين حتى من ممارسة شعائرهم التعبدية بحرية وأمان، فضلا عن نشر عقيدتهم ورسالتهم والدعوة إليها.
عاش الشيعي ملاحقا ومطاردا لا يهنأ بحياته خائفا على مستقبل أبنائه، وحتى في الزمن الأخير حين تكونت هذه الدويلات التي أعقبت سقوط الدولة العثمانية؛ عاش الشيعي في وطنه الجغرافي كمواطن من الدرجة الثانية، تنظر إليه حكومته نظرة العداء، أو نظرة عدم الارتياح في أحسن الحالات، أما الذين يحيطون به من أبناء الملل والمذاهب الأخرى فكانت نظرتهم إليه نظرة الانقباض والمقاطعة غالبا.
وبسبب هذه الحالة اختلّ الميزان الطائفي والإثني بين الشيعة وغيرهم، فلأن الآخرين كانوا يعيشون حياة آمنة مستقرة تتوفر فيها كل الحقوق – وما فوق الحقوق – فإنهم كانوا سادة الموقف في كل آن وحين، فانطلقوا في التبشير لعقائدهم والدعوة إلى مذاهبهم بكل حرية وفاعلية، واستطاعوا في موازاة ذلك أن يصنعوا واقعا فرضوا فيه قوانينهم وفرماناتهم ضد منافسيهم التقليديين – أي الشيعة - فأصبح لغير الشيعي الحق في أن يقول ما يشاء ويصنع ما يشاء ويكفّر من يشاء ويهاجم من يشاء ويقتل من يشاء! أما الشيعي فليس له إلا أن يظل حبيس داره خائفا مرعوبا من أن ينقض عليه جلاوزة الأمن أو المخابرات فيجدون عنده تربة حسينية أو نسخة من الصحيفة السجادية هرّبها إلى داخل بلاده ليتسنى له أن يعبد الله ويدعوه بها!
على هذا الغرار ومن هذا القبيل كانت ولا تزال غاية ما تنتهي إليه المطالب الشيعية، والشيعة ليسوا ملومين في إبقائهم مطالبهم ضمن هذه الحدود، ليس لأن هذا الإبقاء صحيح فهو حتما خاطئ في حد ذاته؛ وإنما ارتفع عنهم اللوم لأن الذهنية الشيعية العامة تربّت في أجواء الحرمان والقلق والخوف والاضطهاد كما أوضحنا، ومثل هذه الذهنية لا يكون لها همّ أكبر سوى الخلاص من هذه الحال التي تكون كل حال عداها أفضل منها في نظرهم.
الى أن قيض الله لهذه الطائفه علماء عدول اخذوا على عاتقهم حمايه مكاسب التشيع من جهه والحفاظ على بيضة الأسلام من جهه اخرى
لفت نظري مقال منشور في احد المواقع فرايت فيه من التخبط مما جعلني مترددا في
كتابة رد مناسب عليه ابين به بعض الامور التي اثارها ...فكتبت بعجالتي ما سنح في خاطري حول مفترياته
ان مقام المرجعيه الدينيه عند الشيعه الاماميه مقام مقدس وله شروط وضوابط لايحققها الا ذو حظ عظيم, وقد عرفت الشيعه بدقة ملاحظتها وتحريها في شخصية القائد والرمز حتى لا يتمكن أي فرد أو مدع أن يغامر في أدعاء مركز القيادة المرجعي لأنه يخضع لأسس وقواعد تعكف النخبه في الأمه الشيعيه على متابعتها وتوجيه الجماهير لها .....
والمدار في تصدي المرجع وتمكنه من قيادة الامه هو توفر فيه صفتين اساسيتيين وهماالعدالة والاعلميه ,, ولكنهما قد تتوفران في كثير من العلماء وفي زمان واحد ولكنهم يختارون من يرونه بينهم أورعا وأعدلا وأعلما وأقدرا على زعامة الطائفه .
وحين يتسنم المجتهد الجامع للشرائط كرسي الأفتاء أو منصب المرجعيه المقدس ويتلبس بالعنوان ... فيتمتع بالحصانه الكاملة التي نالها من قبل الامام المعصوم عليه السلام التي ترى الشيعه ان قوله حجة عليهم امام الله تعالى وأمر ملزم لهم...
فقد ورد عن الامام عليه السلام باتفاق جميع العلماء حديث ( أما الحوادث الواقعه فأرجعوا
بها الى رواة حديثنا فأنهم حجتنا عليكم ونحن حجة الله عليهم الراد عليهم كالراد علي
والراد علي كالراد على الله والراد على الله في النار)
والراوي لحديث اهل البيت هنا المقصود به المرجع الجامع للشرائط والذي يرد عليه يعرض
نفسه للعقاب الأخروي وغضب الله سبحانه وتعالى وهذا هو المفهوم من نص المعصوم والذي يسمى في عرفنا بالحصانه .
ولايخفى على أحد أن الامام المعصوم لايناقش ولايخفى عليه ان المرجع بشر غير معصوم ولا يحق لنا تعليم الامام تكليفه وهو الاعلم بالمصلحه من الجميع بكيف يعطيه هذه المنزله ويجعل لأرائه وقراراته الأعتبار الشرعي ويؤكد عليه السلام أن الراد عليه متطاول على الله ومخالف للحكم الشرعي .... أذن لم تبق حجة لمعترض في مناقشة المرجع الأعلى لأنه مسند بقول المعصوم بلزوم الطاعه لأوامره بكونه نائب الأمام (ع) .
واصبح الأمر جلي لكثير من المثقفين المتفقهين ان المرجع لايعطي الفتوى من أجتهاده المستقل التابع للأستحسانات العقليه أو من عندياته بل ان المرجع لا يعطي حكما شرعيا من عند نفسه وأنما هو ناقل لما فهمه من رأي الشريعه الاسلاميه فتجد حكمه الشرعي مستندا لأية كريمه أوحديثا للنبي (ص) أو قولا لمعصوم (ع) أو على ضوء قاعدة أسسها له المعصوم .. ومع توفر النص لا يحق للمجتهد أن يجتهد أصلا حسب المقوله المشهورة ( لا أجتهاد مع النص ) وحين لا
نص يرجع الفقيه الى القواعد الشرعيه التي أستنبطها من كلام أهل البيت .... وتراث أهل
البيت عليهم السلام زاخر بالروايات المتضمنه للأحكام الشرعيه وتوصياتهم لشيعتهم بالتفقه معروفه وكان أتباعهم مكثرين في الأسئلة لهم . مما نتج موروث كبير للشيعه من الاحكام الشرعيه عن طريق أهل البيت (ع)
قال الشهيد الأول محمد بن مكي العاملي المتوفى سنة (786)هـ : يعتبر في الفقيه امور ثلاثة عشر قد نبه عليها في مقبول عمر بن حنظلة عن الامام الصادق ( ع ) انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف احكامنا فارضوا به فإني قد جعلته عليكم حاكما فإذا حكم بحكمنا ولم يقبله منه فانما بحكم الله استخف وعلينا رد وهو راد على الله وهو على حد الشرك بالله فإذا اختلفا فالحكم ما حكم به اعدلهما و افقههما واصدقهما في الحديث وأورعهما
الامر الاول. الايمان لقوله منكم لان غير المؤمن يجب التثبت عند خبره وهو ينافي التقليد
الثاني. العدالة لذلك ايضا وعليه نبه بقوله اعدلهما
الثالث. العلم بالكتاب
الرابع. العلم بالسنة ويكفي منهما ما يحتاج إليه ولو بمراجعة اصل صحيح
الخامس. العلم بالاجماع والخلاف لئلا يفتي بما يخالفه
السادس. العلم بالكلام
السابع. العلم بالاصول
الثامن. العلم باللغة والنحو والصرف وكيفية الاستدلال وعلى ذلك دل بقوله وعرف احكامنا فإن معرفتها بدون ذلك محال
التاسع. العلم بالناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه والظاهر والمأول ونحوها عما يتوقف عليه فهم المعنى والعمل بموجبه كالمجمل والمبين والعام والخاص
العاشر. العلم بالجرح والتعديل ويكفي الاعتماد على شهادة الاولين به كما اشتمل عليه كتب الرجال إذ يتعذر ضبط الجميع مع تطاول الازمنة وفي الكافي ومن لا يحضره الفقيه والتهذيب بلاغ واف وبيان شاف والى ذلك اشار بقوله وروى حديثنا
الحادي عشر. العلم بمقتضى اللفظ لغة وعرفا وشرعا
الثاني عشر. أن يعلم من المخاطب ارادة المقتضي أن تجرد عن القرينة وارادة ما دلت عليه القرينة ان وجدت ليثق بخطابه وهو موقوف على ثبوت الحكمة
الثالث عشر. أن يكون حافظا بمعنى انه اغلب عليه من النسيان لتعذر درك الاحكام من دونه
لذلك عرف فقهاء الشيعه بحنكتهم القياديه ومحافظتهم على أمانة المسؤوليه وتجلت للعيان أمكانياتهم المعرفيه وذكاؤهم الوقاد والتزامهم بالقران والسنه النبويه في جميع فتاواهم, وعدم أنجرارهم وراء صيحات العولمه ودسائس المندسين في أخراج المرجع الأسلامي عن هدفه ومهمته الحقيقيه.
ومن أبرز المرجعيات الشيعيه على مستوى الطائفه ككل هو سماحة اية الله العظمى السيد السيستاني دام ظله وبركاته ... فكل كاتب مهما كان توجهه اسلامي أو غيره يقف اجلال وتكريما لمقامه السامي حين يتناول موقفا من مواقفه او شيئا من سيرته فكان المجسد الحقيقي والواقعي لسيرة أهل البيت في زمننا هذا ...
وأعترف الجميع بعلمه وفقهه وخير دليل بحثه المبارك على مدى خمسين سنه الذي شهد له كل من حضره أن سماحة السيد كالغواص الماهر الذي يغوص في بطن الروايات ليستخرج منها الدرر واللالئ ليعطيها لطلابه والدارسين عنده ....
وتكفيه فخرا شهادات الاعلام من زعماء الطائفه الذين شهدوا بعلميته واجتهاده واهليته
لقيادة الطائفه قبل خمسين سنه واعطوه هذه الشهادات بخط ايديهم كالامام السيد الخوئي والشيخ المرجع حسين الحلي والمحقق المتتبع اغا بزرك الطهراني وغيرهم ... وأصبح الكلام في أعلمية السيد السيستاني كمن يناقش في موضوع هل الشمس منيرة أم مظلمه فاعلمية السيد أجلى من الشمس وضوحا ....
أما زهده وورعه فيشهد له مكانه ومقر أقامته وبعده عن كل زخرف الدنيا حتى البسيط منه ليكسر أنف الدنيا وطغيانها ويجعلها تركع مهزومة بين يديه وتعلن عجزها من أن تدخل قلبه ولو بمقدار الذره ...
وأما رعايته الأبويه فائقة النظير للشعب العراقي فأصبحت مضربا للمثل وأسس لهذا البلد ما عجزت عنه أمة بكاملها من المسلمين وغيرهم على مدى قرون , فحقق ماكان يتصوره رجال العراق انه حلم وضرب من الخيال فجعله السيد السيستاني بحكمته حقيقه وواقعا ملموسا وأمرا معاشا .....
فخجلت والله وانا القاصر أن اكتب عن نجم متلألأ في سماء أتباع أهل البيت وقائد عظيم في معسكر الأسلام ..
ولكني جرني المقال المنشور في احد المواقع ورأيته يتهجم على مقام
يحتل قمة الهرم في كرامة الطائفه الشيعيه وكرامة الشعب العراقي ومنزلته التي تحتل الرقم واحد عند كل العراقيين والخيريين في أنحاء العالم فأساء هذا الموقع ومقالهم المنشور فيه لكل انسان شريف في العالم بأسائتهم لسماحة السيد حماه الله من شرور الحاقدين والحاسدين والمغرضين .
فحاولت ان ارجع وانقل لكم ماكتبه اهل الاختصاص والمفكرين عن مقام السيد السيستاني فرايته ياخذ مني ساعات في انتقاء الجمل من أطنان الاشادات الكريمه من ذوي الأختصاص المعتد برأيهم بهذا الموضوع
وكذا أن من يدعي نفسه كاتب المقال ليس من أهل
الأختصاص وممن لامعرفه ولادرايه له بأمور الفقه والمرجعيه فلا يحتاج الرد عليه لمزيد من
المؤنه بسبب وهن الادعاءات التي طرحها وهشاشتها .
فاني أوجه كلامي للقارئ الكريم حتى يفهم ان هذا المتطاول على مقام المرجعيه ليس له أي فهم في هذه المواضيع وما فهم ماكتب وتناول موضوعا للتهجم ليتصيد به أعجاب أعداء الاسلام والمنحرفين فكريا وينال الجائزة حسب تصوره من أعداء أهل البيت وتصفق له النواصب وغيرها بما حققه من نصر مبين في مجال الكتابه اللاأخلاقيه والمعروف روادها وتجارها وسوق البورصه الذي يتواجدون فيه ومصادر تسويقهم أصبحت واضحه لمن يتبنى نشر مقالاتهم ان تنزلنا واسميناها مقالات .
أما أذا نادى بشيء بعض اللصوص الذين تزيوا بزي طلاب العلم وأنكشف أمرهم وليس لهم اي اعتبار في الساحه العلميه او الاجتماعيه ودافعهم كان الحقد على الدين والحوزه الشريفه فلو صرخوا في قارعة الطريق ليلتفت اليهم الماره ... ونجعل تصرفهم هذا هو المدار والحجه والممثل للرأي العام الشيعي والوسط الحوزوي فهو من السخف بمكان .
فكما يقول طالب الأبتدائيه: أنه بحسب فهمي البروفسور الفلاني لا يفهم شيء ؟ فنجعل كلام هذا الطالب حجة في تقييم ومناقشة البروفيسور ونحن متيقنين بحسب الضرورة أن طالب الابتدائيه لايفقه في تخصص البروفيسور وامكانياته ونترك شهادات الأختصاصيين والأساتذه والعلماء في الأشاده بهذا البروفيسور ونعول على هذا الجاهل في تحديد عداله عالم ما ؟؟؟
وعجبي لهؤلاء الأوباش كيف يتكلملون عن موضوع وكأنما في
مثلث برمودا وليس في العراق ....؟؟؟
ولكنه الحقد الاعمى وما اسهل الارتكاب من الحاقدين ويزين لهم الشيطان سوء عملهم
فليس من الصعب ان ينتهج من اراد ان يكون ضحلا مثل هذه الامور وان يركب هذه المراكب فلو كان كل من يقال يصدق حتى لوكان حديث خرافة فغدا نقول : أن الحداد الفلاني صنع مركبة فضائيه أذهلت وكالة ناسا للفضاء بما فيها من تقنيه الكترونيه واثبت الحي الصناعي قدرته الهائله في الاختراعات التكنلوجيه ... طبعا والجماهير والمجتمع بحث وحقق ودقق فثبتت له هذه الحقيقه ؟؟
ونستطيع القول : أن الطبيب الجراح فلان الفلاني المشهور بعملياته الجراحيه فقد بحثت
الجماهير وحققت فوجدته لايفهم في شيء من الجراحه وهذا أصبح حديث أفران الصمون لأن محلات الحلاقه هالأيام أسعارها مرتفعه وليس فيها مكان للافته تؤيد او تعارض الطبيب الجراح ونكتب لافته ان هذا الجراح المشهور من خمسين سنه قضاها في اجراء اشهر العمليات الجراحيه
الناجحه لايستطيع اجراء عملية استئصال الزائده الدوديه ..... والجماهير والمجتمع بأسره
بحث وحقق ودقق وصفق وتفيهق وطبلت وزمرت ركاب الباصات وان كنت نسيت كيف استقل الباص بعد ان انهكتنا اجور السيارات الصغيره وعذرا لا استطيع ايصال اللافته لمكاتب الدلالين فنحن لانملك قطعة أرض نسأل الدلال عنها واتصور انها لاتلفت النظر لأنشغاله بتعليق لافتة نسبة أجور الدلاليه ... وهكذا ينتهي الأمر بنعم نعم لأراء ركاب الباصات وكلا كلا لاراء ذوي الأختصاصات ......
فيا هذا ان الذي يطرح مشروعا سياسيا وبرنامجا انتخابيا لقائمته وحزبه على منبر كتابات
عليه ان يعطينا نبذه عن هذه القائمه التي فيها خلاص العراق ولكنها صغيره لعلها فعلا
تخلص العراق من المتطفلين الذين يفهمون في السباب والشتائم فقط ولايفهمون كيف يكسبون ثقة الجماهير والناس .... وكيف نسى ان الجماهير والمجتمع لاتطيع المرجعيه فكيف طاعوهه بما يقوله هو وينسبه للمرجعيه وهذا هو التناقض العجيب .
واما ما أقوله لكل اتباع اهل البيت فأن أهل البيت هم أصدق القائلين بعد القران والنبي
وهم الامتداد الطبيعي لمقام النبي فهذا امامنا العاشر الامام علي الهادي عليه السلام
هكذا يقول في حق فقهاؤكم وعلماؤكم والسيد السيستاني هو المصداق الأجلى والواضح في زماننا هذا من كلام الامام عليه السلام : فقد ورد في تفسير الأمام والأحتجاج بالأسناد عن أبي محمد (ع) قال : قال علي بن محمد (ع) : (( لولا من يبقى بعد غيبة قائمنا منالعلماء الداعين أليه والدالين عليه والذابين عن دينه بحجج الله تعالى والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك ابليس ومردته ومن فخاخ النواصب لما بقي أحد ألا أرتد عن دين الله تعالى , ولكنهم الذين يمسكون أربة ضعفاء الشيعه كما يمسك صاحب السفينه سكانها أولئك الأفضلون عند الله عز وجل )) . |