• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : المجمع الفقهي العراقي ... بين التخاذل والاستحمار .
                          • الكاتب : محمد كاظم الموسوي .

المجمع الفقهي العراقي ... بين التخاذل والاستحمار

الإستحمار لغة من باب (الإستفعال) وهي صيغة تستعمل لطلب الشيء والوصول إليه، فالإستحمار هنا بمعنى طلب الحمارية وهي صفات الحمار وخصوصياته وفصوله ومميزاته والتي من أبرزها الغباء والجهل التي يتصف بها الحمار.
وعلى هذا يطلق الإستحمار على حالة تحريك الذهن نحو الغفلة والجهل والغباء والضلال والإنحراف وإلهاء الناس عن التفكير وصرف الأذهان عما ينبغي التفكير به وتزييف ذهن الناس بتغطية الحقائق وتعميتها وإخفاء الوقائع بشتى الوسائل والطرق.
والاستحمار عملية متقنة مدروسة يتم من خلالها تخدير العقل وإشغال الذهن وصرفه عما يدور حوله من أحداث وذلك عن طريق التزييف والتزوير للحقائق، فهو عملية يتم بموجبها تسخير الإنسان كما يسخّر الحمار ـ أجلّكم الله ـ وليست هذه العملية وليدة الساعة بل لها شواهد تاريخية كثيرة فالإستحمار التاريخي كثير وأبرز شواهده ما جرى في زمن الدولة الأموية وتحديداً في كربلاء فقد جرى استحمار الأمة وتسخيرها وتزييف عقولها وصرفها عن كل الحقائق والأسانيد الدينية حتى وصل الحال بأن يصور للأمة بأن شارب الخمور والزاني بالمحرمات وهادم الكعبة يزيد بن معاوية هو أمير المؤمنين وخليفة الرسول وولي الأمر وأن طاعته واجبة ولايجوز الخروج عليه، وفي المقابل جعلوا من الإمام الحسين عليه السلام هو الخارج على خليفة زمانه ومنعوا الناس من نصرته وهو ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله والإمام المعصوم وسيد شباب أهل الجنة مع ماله من الفضائل والكمالات.
ومن شواهد الاستحمار في الأمة نظرية عدالة الصحابة جميعاً وبلا استثناء حتى لو صاحب النبي يوماً واحداً، فلا يحق القدح في الصحابي ولا التكلم فيه حتى لو ثبت عليه شرب الخمر والكذب والخيانة وترك الصلاة كما فعلها بعضهم، كل ذلك لأجل صرف الناس عن التكلم في معايب معاوية وأمثاله ممن حُسبوا على الإسلام ظلماً وتزويراً.
هكذا صنع الإستحمار بعقول الأمة من خلال جوقة من وعاظ السلاطين والمنتفعين وعبيد الدنيا وشيوخ الدنانير، فقد زوّروا التاريخ وزيفوا الحقائق وصوّروا الحق باطلاً والباطل حقاً والمعروف منكراً والمنكر معروفاً، وتستمر عملية صنع الإستحمار هذه في الأمة حتى يومنا هذا، ففي مثل هذه الأيام حيث يمر العراق بأصعب وأحرج الظروف الأمنية وأخطرها وأكثرها حراجة على مستقبله السياسي والأمني حيث يواجه العراق حرباً شعواء مباشرة مع المجاميع الإرهابية المدعومة من قطر والسعودية وهي تنادي بالقتل والذبح وقطع الرؤوس وتترنم بشعارات طائفية وتهدد بتقسيم العراق بعمالة معلنة وبكفريات صريحة وبعداء سافر للعراق وشعبه. 
فما يجري في هذه الأيام من أحداث مصيرية تفرض على الجميع وقفة جادة لدعم جهود الحكومة وإسناد الجيش العراقي في القضاء على الفتنة وعلى العصابات الإجرامية وعلى كل ما يهدد أمن العراق ـ وهذا ما يفرضه العقل والدين والحكمة والشعور الحي بالمواطنة الصالحة والإنتماء الحقيقي للعراق ـ نجد أبواق الفتنة ووعاظ السلاطين يخاطبون الرأي العام ويصدرون البيانات بلغة الإستحمار من تزييف الحقائق ونشر الأكاذيب واستغفال الناس لصرفهم عن التفكير عما يجري حولهم ولجرهم إلى الفتنة ولإبعادهم عن واجباتهم الوطنية. 
 ومن شواهد صناعة الإستحمار في أيامنا هذه ما صدر من (المجمع الفقهي العراقي للدعوة والإفتاء) من بيانات التباكي على مايجري في محافظة الأنبار، وهي بيانات فتنة وتحريض واستحمار يراد منها صرف أذهان الناس عن الحقيقة الناصعة وعن حقيقة مايجري في الأنبار، فقد صوّروا فيها الباطل بصورة الحق، وقد وصلت بهم الخسة والدناءة أن يطلبوا من الناس التخاذل والتقاعس عن أداء دورهم الوطني في محاربة الإرهاب والعصابات التكفيرية، بل أفتوا  صراحة بحرمة المشاركة العسكرية في دحر الإرهاب، بل وطلبوا من عصاباتهم الإجرامية والتي تسمى (الحراك الشعبي) أن تقوم هي باستلام الملف الأمني وأن يتحملوا قيادة الميدان في الأنبار، وهذا دعم صريح وتأييد واضح للقاعدة ولداعش ولكل العصابات الإجرامية في صحراء الأنبار.
فمما جاء في بيانات شيوخ وصناع الاستحمار محاولين بذلك استغفال الناس ما جاء في البيان (107) بتاريخ (30/12/2013) والبيان (1) بتاريخ (2/1/2014) (الطلب من قادة الحراك أن يتحملوا مسؤولية قيادة الميدان وإدارة الملف الأمني وتفويت الفرصة على من يريد اقتحام المدن بحجة محاربة الإرهاب، ما تقوم به الحكومة بوادر لحرب بين أبناء البلد الواحد، تحميل الحكومة مسؤولية إشعال الفتنة وسفك الدماء، تحريم المشاركة في العمليات العسكرية، الطلب من رؤساء العشائر أن يمنعوا أولادهم في التورط في هذه الحرب، الطلب من ممثلي السنة الإنسحاب من جميع الالتزامات بما فيها وثيقة الشرف، الحكومة العراقية تقوم باختلاق المشاكل وتتعمد استعجال الفوضى، استمرار الحراك الشعبي).
هذا ما جاء في بيانات شيوخ الاستحمار، وفيها تأييد وتقوية للباطل وللإرهاب بدعمه باستمرار الحراك الشعبي، وتحريض قادة الحراك على استلام زمام الأمور، وتحريم المشاركة بالقتال، وتحريض شيوخ العشائر بمنع أبناءهم من المشاركة في القتال، والطلب من البرلمانيين والوزراء السنة الإنسحاب من الحكومة، وجميع هذه المطالب تصب في مصلحة الإرهاب والقاعدة وتساهم في إضعاف جهود الحكومة العراقية والجيش العراقي في قتاله ضد الإرهاب. 
وأما استغفال الناس بهذا البيانات والأكاذيب وإتهام الحكومة باشعال الفتنة واستعجال الفوضى فنقول إن دعم القاعدة والعصابات الإرهابية التي تمارس القتل والسلب هو من يستعجل الفوضى وهو من يسبب إشعال الفتنة وسفك الدماء، وأنتم يا وعاظ السلاطين أول  من مهد لدخول القاعدة وداعش إلى أرض الأنبار وذلك عن طريق ساحات الذل والمهانة والعار، وهذه بياناتكم شاهد صدق عليكم وعلى خياناتكم للعراق، فكفاكم استحماراً للأمة واستغفالاً لها، وكفاكم تخاذلاً.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=41287
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 01 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13