• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : كان الناس امة واحدة. حديث مع القلوب السليمة. .
                          • الكاتب : إيزابيل بنيامين ماما اشوري .

كان الناس امة واحدة. حديث مع القلوب السليمة.

شرذَمة الوطن وتقطيع اوصاله ليس بالامر المهم بالنسبة لمن يُكيد للآخر اذا كان المقصود من الوطن قطعة الأرض التي هي مساحة تجري عليها الخصومات وتكون مسرحا للرغبات وتصفية الحسابات أو بناء التاريخ السليم وتشييد الحضارات تبعا لسلامة القلوب ومرضها.
الوطن الحقيقي هو القلب الذي تنمو فيه المحبة فتورق علاقات طيّبة مثمرة تبني حضارة كل إنسان. من القلب يبدء التخطيط فهو الوطن الحقيقي التي تسكن فيه المشاعر وتتخذ منه وطنا واما الأرض فهي اللوحة التي سوف يحقق عليها الانسان آمال القلب في بلورة احلامه على (أرض الواقع). ووطن الانسان المادي هو المكان الذي تنشأ فيه ذريته ويكون عليه امتداده . ولكن يبقى القلب هو الوطن الأوحد الذي تتأسس فيه كل اواصر المحبة والتعاون والتسامح والألفة وتنبع منه كل القيم النبيلة السامية التي تُميز الإنسان عما حوله من مخلوقات يعج بها كوننا الفسيح وتكون سببا في اعمار الأرض . ولا اقصد بالقلب هذه القطعة الصنوبرية الخافقة في وسط الصدر. لأنك لو انتزعت هذه القطعة واخرجتها خارج الجسم سوف تبقى تنبض وتعمل ولا تفتقد مكانها الذي غادرته. المقصود هناهو القلب المعنوي غير المرئي مثله مثل النفس والروح والذي لو احسن الانسان استغلاله لكان افضل من الملائكة لا بل مثيلٌ للربِ في الأرض تُطاوعه وتُطيعهُ الاشياء. 
والقلوب نوعان . (قلبٌ سليم) ، و(قلبٌ مريض) وكلاهما يصنعهما الانسان نفسه فهو الربان وبيده دفة القلوب. ولا توجد منطقة أخرى بينهما. فاما ان يأتي هذا القلب ربه : (إلا من اتى الله بقلبٍ) سليم . وإما ان يصفه الرب بانه : (في قلوبهم مرضٌ فيزيدهم الله مرضا). 
هذا القلب هو المستهدف الآن ضمن المخططات الجديدة لعصر التلمود الذي اوشك على الانتهاء. لقد جرى تقطيع اوصال الوطن الواحد وتجزأة المجزء ورسم الفواصل على الأرض ، ولكن القلوب بقيت متوحدة قوية صلبة في علاقاتها متينة في حبها ولذلك عمدوا إلى تقطيع اوصال القلوب وزرعوا فيها حقدا وخبثا ومكرا عن طريق الاعلام المكثف ليل نهار حيث تصرف عليه مبالغ خيالية ويقف وراء الاعلام الفاسد عقول شيطانية تم تدرييبها بحرفية عالية .
الحدود الجغرافية على الأرض لا تعني شيئا بالنسبة للشياطين لانهم متى ما شاؤوا رفعوها او وضعوها وهذه سوريا عندما قرروا ان يُمزقوها رفعوا الحدود من حولها فتسللت كل زواحف الشر نحوها. 
وقد نجحت تجربتهم في تمزيق القلوب بين المسلمين وتجزأتها بصورة عامة وجعلوهم فرقا متناحرة ومذاهب متقاتلة وبقي أن يجزأوا المجزأ فعمدوا إلى كل مذهب لازالت فيه القلوب متلاحمة متماسكة متحابة متعاطفة . فتسللوا اليها بعناصر من بينها تم اختيارها بعناية فائقة : ((لأن الشجرة لا يقطعها إلا غصن منها)) وها نحن اليوم نرى الاعداء يقطفون ثمار نصرهم الشيطاني بعد أن اصبح العالم الإسلامي يعج بهذه الاختلافات والنزاعات الدموية المروّعة ، لابل اننا نرى اليوم تمزق الصف الواحد وتناحر الاخوة فيما بينهم والمخيف في ذلك ان من يقودون عملية التناحر والتفرق والتمزق والتشرذم هم من اغصان الشجرة نفسها وهذا ما يُدمي ((القلوب السليمة)) فأدخل هؤلاء الخلافات إلى كل بيت حتى وصلوا إلى الخدور. 
لقد فعلوها في البوذية فمزقوها شر ممزق حيث اوقعوا بين ماهاسانغيكا و ستارفيرا . ثم مزقوا بين المذهب الواحد فمزقوه قسمين نيرافادا وماهايانا واتجهوا إلى الهندية فاوقعوا بين الدرافيديون والسيخ والهندوس ثم اوقعوا بين البراهما والجينيون وقد وقع الديوبند ضحية كبرى بينهم ، والمسيحية أيضا مزقوها إلى كاثوليكية وارثوذكسية ولوثرية وبروتستانتية ونسطورية وغيرها . والآن جاء الدور على المسلمين فبعد ان انتهوا من تمزيقهم على مستوى الاطار العام مذهبيا ثم جغرافيا، هاهم يوغلون الان بهم تمزيقا في المذهب الواحد فأصبح الأعداء من الخارج وهم من الداخل وهذا من اعجب الاعاجيب التي نراها ، ثم يصرخون آناء الليل واطراف النهار (ياحجة ابن الحسن عجل على ظهورك) فهل يخرج على اشلاء امة؟ ومن هنا لابد من وجود مسيح يخوض معارك ضارية لكي يهيأ له جيشا عماده الاخلاص فيُبايع له ويُصلي خلفه ويُسلمه زمام قيادة هذه الجيوش فيُسخر كل المعاجز التي وهبها الرب له من اجل التمكين للمهدي.
فماذا لو خرج المهدي ورآكم اشلاء ممزقة وملل متناحرة لن يخرج والرب حتى تُغيروا ، لأن التغيير مطلب اساس في عملية الظهور. 
لقد ضربت لنا مسيرة الانبياء اروع الامثلة في التفاني والاخلاص من اجل انقاذ الامم من الشرور ولكن الامم قابلتهم بالقتل والتنكيل والتكذيب والتسفيه ، حسدا وبغيا قتل قابيل اخاه ، وحاولوا قتل موسى وأخيه ، وفعلوا الافاعيل بعيسى . واوذي نبي الاسلام وقيل قتلوه مسموما ، وحورب ابن عمه وتم قتله غيلة . وقُتل الحسن ، والسجاد وذُبح الحسين بصورة ماسوية وسبُت ذراري الانبياء وطيف برؤوسهم وقُتل الباقر وسمُ الصادق وعُذب وسجن وقتل الكاظم ، وسُم الرضا ، وسُم الجواد ، وسُم الهادي . وسمُ العسكري ، ولايزال ولدهُ خائفا يترقب .. فعلى يد من حورب وقوتل هؤلاء ، أليس على ايدينا نحن . فما يدريكم إذا نزل يسوع او خرج المهدي أن نقوم نحن بقتالهم وقتلهم وتعطيل مشروعهم الاصلاحي الكبير. نعم نحن انا وانت والدليل انظروا ماذا نفعل بعضنا ببعض ولا اقصد على مساحة المسيحية أو الاسلام كلها . لا بل على مساحة مذهب واحد يزعم انه الصفوة وانه على الحق وما سواه على باطل وأن حركة المهدي منه والتغيير على يديه. ولكن هل افعال هذا المذهب اليوم تدل على ذلك ؟ 
سيقولون لي : وما دخلك انت في ذلك ؟ فاقول لهم لاننا شريكان في حركة التغيير، وانا احرص ان يكون شريكي في مستوى دعوة السماء وتخطيطها لانقاذ البشرية مما فيه. عجيب امركم . عدوكم يُفجر نفسه فيكم انتصارا لدعوته الباطلة ويحز رقابكم بسكاكين حقده الاسود ويغزوكم في عقر داركم، وانتم تُعينونه على ذلك فيذبح بعضكم بعضا ويُكفر بعضكم بعضا ويتم تسقيط اهل العلم ، وتسفيه القيادات .وكلُ حزبُ بما لديهم فرحون. 
أما آن للذين تخشع قلوبهم لذكر الله ان يتداركوا امرهم ويعودوا إلى رشدهم قبل فوات الأوان الناس من حولكم يتخطفونكم يُحللون اموالكم وانفسكم واعراضكم وانتم قلوبكم شتى لا بل تُعينونهم على انفسكم واصبحتم تستعينون بالقرآن لتبرير اعمالكم فأمعنتم في آياته تأويلا على الرغم من تحذير القرآن من اتبّاع ما تشابه منه او تأويله.
ابحثوا في قلوبكم واكتشفوا بانفسكم هل ما يخرج من هذه القلوب يدل على سلامتها ام مرضها. والويل لمن يكتشف ان قلبه مريض ، لأن الرب تعهد ان يُزيده مرضا.فقال : في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا. ابحثوا عن سليمي القلوب لانهم يُعاينون الرب وابغضوا مرضى القلوب لان الشيطان حليفهم فاوقعهم في الجحيم. 
من يعلم ان الرب يفحصُ جميع القلوب، ويفهم كل تصورات الافكار. وان الله مخلص مستقيمي القلوب يجب عليه ان يرتدع عن أذية اخيه في الانسانية وإن لم يكن ففي الدين ، وإن لم يكن ففي الانتماء الواحد للمذهب وإن لم يكن فإنما انتم بشرٌ عيال الله يقول داود النبي في مزاميره : (الطاهرٌ اليدين ، والنقيّ القلبِ، يحملُ بركة من عند الرب . الملتوي القلب لا يجد خيرا وطوبى للانقياء القلب ، لأنهم يُعاينون الله). 
(( فحمٌ للجمرِ وحطبٌ للنار، هكذا الرجل المُخاصمُ لتهييج النزاع. الشفتان المتوقدتان والقلب الشرير إذا حسن صوته فلا تأتمنهُ، لأن في قلبهِ سبعَ رجاسات. من يعطي بغضه بمكرٍ، يكشف خُبثهُ بين الجماعة. من يحفر حفرةً يسقط فيها ، ومن يُدحرج حجرا يرجع عليه)).سفر الامثال.
أتمنى أن تغفروا لي وتسامحوني على هذه الشقشة فحق الصديق على الصديق النصيحة. 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=40995
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 12 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12