موقف الإسلام من السيارات المفخخة ، كان عنوانا عريضا لبرنامج تلفزيوني
عرضته إحدى القنوات الفضائية ، وكان الضيوف فيه من علماء الدين المسلمين
الذين أجمعوا على حرمة هذا الفعل وبشاعته وعظم أذاه وسوء حال من يصر عليه
، بل كل من يمارسه حتى لو تاب في وقت لاحق ، وكيف له المتاب وقد قتل
عشرات من الأبرياء ،ودمر المساجد والدور والمستشفيات وحرق الوجوه ، وقطع
الأجساد ، وأهلك الحرث والنسل جهلا وتعصبا وحقدا ، وكيف ومن مارس ويمارس
القتل بالمفخخات عشرات بل مئات بل آلاف ، وياخوفي أن يتحول التفخيخ الى
ثقافة وفعل بشري يسوق العالم الى جحيم من الرعب لاينتهي مع وجود من يتطوع
للإفتاء، وخداع الأبرياء ، وتضليل الشبان وتحويلهم الى وقود لمحارق
دائمة ؟
حديث العلماء عن سوء هذا الفعل ولعن من يمارسه ومن يدعو له ويحرض عليه
ويحبب الناس به لم يعد ذات قيمة تذكر وهو يشبه الى حد بعيد الإستراتيجيات
الأمنية التي تطبق من حين لآخر في مواجهة العنف والإرهاب والقتل المجاني
،ولاتعدو أن تكون محاولة غير ذات جدوى ،حتى إن الإرهابيين والعنفيين
يهاجمون غالبا المراكز الأمنية ليضربوا تلك المنظومة بمقتل ويحيدوها
ويضعفوا من ثقة العامة بها فلاتعود تحمي الناس ، بل تبحث عن طريقة لحماية
نفسها والعاملين فيها من عسكريين ومدنيين ، ومثال ذلك إمتناع مائتي موظف
من العمل في سجن (بادوش) شمال العراق بعد تهديدات طالتهم من جماعات
متطرفة ، وفي النهاية ليس ممكنا أن نرفض الدعوة الى السلم ، وأن لانصغ
لحديث العلماء لمجرد اليأس من الحل ، فالطريق طويلة حتى نصل الأمان في
معركة شرسة مع مجموعات بشرية حولت الدين الى مطية لأهوائها وصارت تقتل
الناس بوسائل بشعة وطرق يندى لها الجبين ويقشعرالجسد وتهتز الضمائر الحية
فرقا منها ومن نهاياتها الشريرة التي لاتبق في الحياة من أسباب للتواصل
مع وجود من يخدع بهولاء ومن يمولهم ويساندهم ، وكأن المزيد من البشر
صاروا ينحازون لفعل الشر ويمارسونه، مع إنهم يمقتون الشر وفاعليه وأذاه .
مايجعل الناس مضطربين ومنقادين ومنساقين لأفعال شريرة وهم يكرهونها
ولايعلمون إنهم يمارسون الشر بعينه ، هو الإضطراب الفكري ، وشتات العقل
تحت وقع التفكير الضال، والخلاف العقائدي والمذهبي ، وتمسك كل طرف
بمالديه من مبادئ وعقائد يرى الحق فيها ، بينما لايعرف سوى الضلال في
نقيضها ، أو في المخالف له ، ونجد اليوم من يبرر للعنف والعنف المضاد
ويشرعن له ويدفع القدح عن ممارسيه وهم في لجة الضلال والتيه ،ونسي هولاء
إن الفتل والتدمير سيقوضان محاولات الإنسان لبناء مستقبله ،فتعطيل
العمران والعلم والتطوير وقتل الأبرياء وحرمان المواطنين من فرص الحصول
على العمل والتدريب والطعام هو عمل شيطاني لايحقق فائدة تذكر ، أوسيكون
سببا في إتساع مساحة الجحيم
|