• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : لوحة الولاء .
                          • الكاتب : نعيم ياسين .

لوحة الولاء

 
      يرسم عشاق الحسين (ع ) في زيارة الاربعين خطوطا تبدأ من اصقاع العراق والعالم لتلتقي عند مرقده الشريف , يرسمون خطوطا لم تخطها الانامل , ولم تلونها الاصباغ , بل خطتها القلوب بايمانها وولائها , ولونتها الدماء الزكية بجريانها وهي تسفك بمفخخات الارهاب , فكانت اربعينية السبط الشهيد اروع لوحة صنعها الانسان منذ عرف الفن وعشق الالوان , لون اللوحة الحسينية لون ولاء , ولون عشق فمن اين لكل لوحات العالم ان تاتي بمثله ؟ .  
هل سارت الملايين الى كعبة الشهادة قبر ابي عبد الله بقضاء الله وقدره ؟ لا املك جوابا في القضاء والقدر لانني اقل شانا , واضعف وجودا من اصل الى قرب عتبة هذا العلم وانما اسمع جواب من ملك عليّ قلبي وخالص ولائي سيد المتكلمين علي (ع) ,
" روى الكليني في الكافي : ان امير المؤمنين جلس في الكوفة بعد منصرفه من صفين فاقبل شيخ وسأله :
اخبرنا يا امير المؤمنين عن مسيرنا الى اهل الشام , أبقضاء من الله وقدر ؟ فقال امير المؤمنين (ع) :
اجل ياشيخ , ما علوتم تلعة ولا هبطتم بطن واد الا بقضاء من الله وقدر , فقال الشيخ:
عند الله احتسب عنائي يا امير المؤمنين , فقال الامام :
مه ياشيخ , والله لقد عظم الله لكم الاجر في مسيركم وانتم سائرون , وفي مقامكم وانتم مقيمون , وفي منصرفكم وانتم منصرفون ولم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين , ولا اليه مضطرين ".
وقبل ان ادخل في التعليق على هذه الرواية الشريفة اقول : كل علم لايغترف من علوم ال محمد يظل علما تشوبه الشوائب , فالامام (ع) وضع مذهب اهل البيت في هذا الحديث فيما يخص القضاء والقدر , والجبر والتفويض فان كل شيء يجري في هذا الوجود بقضاء من الله وقدر لان ذلك من تجليات سلطانية الله على مخلوقات وشدة قبضته على ما في سمواته وارضه , ولكن فيما يخص الانسان فقد اكرمه الله بحرية الاختيار في افعاله وقراراته فلا اكراه ولا اضطرار ليستحق الثواب على الله تعالى , وهذا ما اراد الامام (ع) للسائل ان يفهمه لانه كان يائسا من ثواب المسير الى صفين مادام الامر قدرا مقدورا من الله تعالى عليه .
    واين تقع مسيرة الاربعين من مسيرة صفين , اليست المسيرتان مسيرتي حق بين يدي امامين فرض الله طاعتهما هما علي والحسين ؟ . بشراكم ايها السائرون الى كربلاء فهذا امير المؤمنين يقول لكم :
والله لقد عظم الله لكم الاجر في مسيركم وانتم سائرون , وفي مقامكم وانتم مقيمون , وفي منصرفكم وانتم منصرفون ولم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين , ولا اليه مضطرين ".
ايها الاربعينيون , لقد حملكم الولاء كما حمل الذين من قبلكم , فهذا عقبة بن عمرو السهمي يزور قبر الحسين في اواخر المأئة الاولى من الهجرة ويرثيه بابيات كشف فيها عن خوالج نفسه وان الدمع يسعد عينه والزفرات تسعد نفسه اذا كان على ابي الشهداء , ويصور لنا في ابياته ان قبور الانصار طافت ىبالحسين واحاطت به واحتضنته احتضان النجوم للقمر , ويمضي السهمي صادق الولاء ليدعوا لزوار قبر ابي عبد الله وانهم جميعا بكل الوانهم واطيافهم واعراقهم يفوح عليهم مسك وعبير القبر الشريف .
مررتُ على قبر الحسين بكربلاء   

    ففاض عليه من دموعي غزيرُها
وما زلت أبيـكه وأرثِ لشـجوه        ويسعد عيني دمـعُها وزفيرُهـا
وبكيتُ من بعد الحسين عصائباً        أطافت به من جانبـيه قبورُهـا
       
سلامٌ على أهلِ القبـور بكربـلا        وقلْ لها مني سـلامٌ يزورُهـا
       
ولا بـرحَ الوفّـاد زوار قـبرِه        يفوحُ عليهم مسكُها و عبيرُهـا


 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=40712
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 12 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13