• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : هل ستنتحرالديمقراطية في العراق ؟! .
                          • الكاتب : علي جابر الفتلاوي .

هل ستنتحرالديمقراطية في العراق ؟!

 
سؤال من حق أي مواطن أو مراقب أن يطرحه ! لو أنتجت العملية الأنتخابية أشخاصا غير كفوئين ، أو فاسدين ، فهل بالأمكان القول أن الديقراطية في العراق تسير بالاتجاه الصحيح ؟
يفترض بالعملية الديمقراطية السليمة أن تدفع الى مواقع المسؤولية ألأشخاص الكفوئين والنزيهين ، لكن نرى وللأسف الشديد الكثير ممن يتصدى لمواقع المسؤولية لا يمتلك هذه المواصفات ، بل نرى من يتصدى للمسؤولية ، غير الكفوء ، أوغير النزيه  أو المزور، أو المرتشي ، بل نرى بعض المسؤولين الداعمين للارهاب من خلال مواقعهم داخل مؤسسات الدولة ، والمضحك المبكي الكل يتهم الكل ، من غير رادع لضمير أو خوف من الله ، وأنْ وجد من يريد العمل باخلاص ووفاء وكفاءة ، فهو أشبه بمن يسبح ضد تيار، لأنه محارب من كل هؤلاء ، وكل واحد منهم يحاربه بعنوان ، وبطريقته الخاصة  ! ولا أدري كيف سيعيش المخلص والكفوء والنزيه في هكذا محيط  موبوء ؟
هذه السلبيات تجلب نتائج سيئة الى المواطنين ، ولو أنّ بعض المواطنين يتحملون جزءا من المسؤولية ، في دفع هؤلاء الى مواقع هم غير مؤهلين لها ، رغم أقرارنا أنّ المواطن المساهم في دعم هؤلاء ، هو ضحية الخداع والكذب والتدليس والزيف الذي تمارسه الأحزاب التي ينتمي اليها هؤلاء المفسدون وغير الكفوئين ، باستخدامها الاساليب غير النظيفة في العمل السياسي لغرض التغرير بالمواطن ، خاصة أن أغلب مواطيننا من الناس البسطاء الذين يفتقرون الى الوعي والثقافة ، ويضعون ثقتهم بهؤلاء المحتالين بكل بساطة ، من خلال الوعود الكاذبة ، أو تقديم بعض الهدايا المضللة ، مما يؤدي الى ضياع ثمرات الديمقراطية التي لا يستفيد منها الشعب ، ألّا أذا كانت  تعيش أجواءها الطبيعية ، وتتنفس الهواء غير الملوث .
الديمقراطية حق للشعوب ، تمارس فيها أرادتها في أختيار الحاكم لفترة زمنية محددة وفق دستور كل بلد ، ولكي يمارس الشعب حقه في الأختيار الصحيح ، يجب أن يتمتع كل فرد بحريته الشخصية ، ويشترط عدم  تقاطع الحرية الشخصية مع حريات الاخرين ، وأنْ لا تُصادرالحرية تحت أي عنوان ، ويجب أن لا يصر أي منا على حريته ويتجاهل حريات الاخرين ، (( ولو أصرّ كل واحد على حريته لما بقي حر واحد على وجه البسيطة )) ولسون .
 كي نكون أحرارا علينا أن نضحي بجزء من حريتنا ، ليتمتع الاخرون بحريتهم أيضا ، وهذا نسق أجتماعي علينا أن نقر به ونحترمه ، كي نتمتع بحريتنا علينا أن نشعر بالمساواة مع الاخرين في حق الحصول على الحرية ، وفي هذه الحالة فقط تتحقق العدالة ، أن لم نشعر بالمساواة مع غيرنا في حق الحصول على الحرية ، لن تتحقق العدالة ، ولن تسير الديمقراطية في أتجاهها الصحيح ، الديمقراطية أشبه بالكائن الحي ، أن سلبنا منه مقومات الحياة ، تحول الى مجرد هيكل بلا روح ، ومقومات حياة الديمقراطية ، هي الحرية ، ومساواة الجميع في التمتع بها ، من غير تأثير من الاخرين على سلب هذا الحق .
نحن على أبواب أجراء الأنتخابات النيابية القادمة ، فهل سنمارس حقنا في الأختيار الحر للأكفاء والنزيهين والمخلصين أم سنقع في الوهم مرة أخرى ؟
أرى أننا واقعون تحت تأثيرات شعورية ولا شعورية ، تخرجنا عن المسيرة الديمقراطية السليمة ، وتسلب منا حرية الأختيار ، وهذه التأثيرات تترك آثارها على الطبقة العامة خاصة ، كون هذه التأثيرات تتحرك بعناوين محترمة عند العامة ، كأن تتحرك باسم الدين ، أو العشيرة ، وأحيانا تكون مناطقية  أو نفعية ، كل هذه المؤثرات تساهم بنسبة ما في التأثير على أرادة الناخب ، وستترك أثرها في تجاهل أو نسيان الكفوء والمخلص والنزيه ، أنْ وقعنا في هذا الوهم مرة أخرى ، أرى الديمقراطية في العراق سائرة في طريقها الى الانتحار بصورة لا شعورية ! أما الذين يمتلكون حريتهم وأرادتهم الحرة في الأختيار فهم القليلون للأسف الشديد ، وهذا هو واقعنا !  ولن يستطيع هؤلاء القليلون من النخبة تغيير المعادلة لصالح الوطن والمواطن .
لو دققنا في الساحة السياسية العراقية ، سنشعر بخيبة أمل كبيرة ، لأن سياسيينا واحزابنا بما فيها الأحزاب الأسلامية يتحكم فيها النسق العشائري ، ينتصرون للمنتمي لحزبهم حقا أو باطلا ، ينتصرون له حتى وأن كان فاسدا ، بل بعضهم ينتصرون له حتى وأن كان قاتلا ((كل حزب بما لديهم فرحون)) المؤمنون، 53   واليوم ونحن على أبواب الأنتخابات نسمع دعوات من بعض السياسيين للعفو عن المدان طارق الهاشمي ، والمتهم رافع العيساوي ، ولأغراض أنتخابية رخيصة ، فهل نتوقع الخير من هكذا سياسيين يتاجرون بدماء الابرياء .
المراقب للساحة السياسية العراقية يرى كل حزب من هذه الأحزاب قد تحول الى عشيرة ، ويسير وفق مبدأ ( أنصر أخاك ظالما أو مظلوما ) ، وقد نسوا دعوة الاسلام بأن تنصر أخاك الظالم بردعه عن ظلمه ، والمظلوم بأن تقف الى جانبه وتنصره بغض النظر عن أنتمائه ، هذه هي المبادئ الأنسانية والأسلامية ، لكن نرى  بعض الاحزاب قد تحولت الى عشائر تنتصر للمنتمي اليها حقا او باطلا ، هذه الاحزاب السياسية والتكتلات كونها تعمل بالنسق العشائري الجاهلي ، وليس الاسلامي الذي ينشد الحرية والمساواة والعدالة للجميع ، أخذت تعمل بأتجاهين كلاهما يجلب الضرر الى المجتمع .
الاتجاه الاول : العمل على تضليل الجماهيرالبسيطة بشعارات ومسرحيات مزيفة تتلبس بالوطنية او الدين .
الاتجاه الاخر: أن تقوم هذه الأحزاب بدفع أفرادها الى مواقع المسؤولية بغض النظر عن الكفاءة او النزاهة .
 سيكون الناتج لطرفي المعادلة مرشح غير كفوء وغير نزيه ، يصاحبه تضليل أعلامي يتلبس بالوطنية والقداسة الدينية ، وهناك حالة سلبية أخرى لها دورها في تزييف أرادة الناخب ، هي دفع الرشا لشراء بعض النفوس الضعيفة او المريضة ، أو الدفع لبعض الأفراد المحتاجين ماديا فعلا ، بسبب فقر وعوز هؤلاء الافراد ، فيضطرون لبيع أصواتهم في سوق الأنتخابات ، والمشتري من السياسيين المرشحين لن يدفع الّا بعد أن يقسم هؤلاء الفقراء بالقرآن أنهم سيصوتون لصالحه ، وليس غريبا أن يقوم هذا النموذج من السياسيين بهذه العملية ، لأن هذا السياسي لن يدفع لوجه الله تعالى ، بل الدفع من أجل شراء الأصوات ، فهو يتعامل بمعيار الربح والخسارة كونه تاجر سياسي .
 من كل هذه المعطيات ، سيكون تحصيل الحاصل ، سرقة أرادة الناخب وحريته في الاختيار ، وبهذه الأفعال الرخصية ، نكون قد أبعدنا بشكل عملي المسؤول الكفوء والنزيه ، بسبب سرقة حرية الناخب وارادته بطرق غير نظيفة  وغير شرعية ،  وبعملنا هذا نكون قد ساهمنا في قتل الديمقراطية ، وحولناها من ديمقراطية الأختيار الحر الى ديمقراطية الشكل والمنظر والديكورعلى غرار ما هو موجود في بعض دول المنطقة ، وهذه النتيجة السيئة لا يهتم لها هؤلاء السياسيون ، لأن الهدف المركزي عندهم ، هو الحصول على المنصب بأي ثمن ووسسيلة ، فالغاية عندهم تبرر الوسيلة ، وبناء على هذا المبدأ يبيحون لأنفسهم تسقيط السياسيين الاخرين ممن يتصفون بالأخلاص والكفاءة والنزاهة ، ليخلو لهم الجو ، حينئذ يعيثوا في الارض فسادا وتخريبا .
 أملنا بشعبنا كبير لتشخيص هؤلاء السياسيين الذين يمكن أن نصفهم بتجار السياسية الذين يرتدون رداء الوطنية الكاذبة ، أو الذين يلبسون عباءة الدين  زورا ، او الذين يدّعون باطلا ألنزاهة والكفاءة ، ثقتنا بشعبنا عالية ليرمي بهؤلاء المزيفين بعيدا عن الساحة ، وعلينا أن نحتاط  من الوقوع في حيل هؤلاء الذين يريدون سرقة الارادة الشعبية ، وأذا نجحوا في ذلك لا سامح الله تعالى ، فأنّ هذا يعني أننا نساهم معهم في دفع الديمقراطية في العراق الى الانتحار




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=40563
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 12 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14