لا يمكن ان نقفز على الحقائق ونقول ان السياسيين في العراق يمتلكون من العصمة في حدودها الدنيا لتؤهلهم ان يركبوا موجتها ويتصدرون لقيادة الأمة والوطن والعصمة هنا لا تدخل في مجال عصمة النفس وتزكيتها من الخطأ الفاحش كبيرا كان الذنب او صغيرا ولكن العصمة الواردة في هذا الاطار هي العصمة الوطنية لأن من يمتلك العصمة الوطنية يمتلك ان يكون قائدا جماهيريا يدخل قلوب الجماهير دون دعاية انتخابية او تسلل خاطيء لعوب وهي خصلة لا يمكن ان نصف احدا بها لا في زماننا الحالي ولا غيره إلا ما ندر لأن من جسّدها وجعلها نموذجا حيا للتاريخ هو نبينا محمد (ص) وأهل بيته عليهم السلام ولا اريد هنا في تلك السطور ان اجعل من تلك المقاربة واقعا نستند إليه ونحتمي خلفه فشتان ما بين من تمثل بهم حكم الإسلام وهو الرسول الكريم وأهل بيته عليهم افضل الصلاة والسلام وبين تلك العصمة السياسية التي ننشدها على مستوى البشر العاديين ليحملوا ولو جزءا منها من اجل الاعتناء بالرعية والحفاظ عليهم من كوارث الزمن ومصاعب الحياة لأن المواطن اليوم لا يرجو أكثر من القليل جدا من حقوقه التي ينتظرها مما يعطيه الوطن من خيرات.
العصمة السياسية لدى غالبية إخوتنا السياسيين انحرفت عن جادة الصواب وراحت الحناجر تزمجر بصوت عال جدا راكبة موجة التسقيط السياسي فيما بينها من خلال حرب الملفات التي سيحمى وطيسها خلال الأشهر القادمة وتكون أداة للذبح المجاني بأبناء الشعب العراقي لأن الملفات الحمراء لا يمكن ان تمر مرور الكرام دون ان يكون الضرب تحت الحزام سيد الموقف ووقود هذه النار التي سوف تستعر هو الفرد العراقي المسكين كونه مكشوفا لأيدي الإرهاب الخبيثة التي تحاول جاهدة استغلال لهو السياسيين والمناجزة بينهم ليضربوا بكل ما أوتوا من قوة إجرامية عابثين بدم الشعب الذي رسم صورة التغيير الحقيقي من نظام الطاغوتية الى نظام برلماني تعددي وهو ما لم ترغب به تلك المجاميع المسلحة التي لا تؤمن بغير لغة الغاب وفرض قوانينها الممزوجة بتعصب الجاهلية .
الشعب العراقي سوف لن يستفيد على الإطلاق من تلك الحرب المتصاعدة سياسيا بين الفرقاء وانما سيتفرج على مصيره المحتوم بعد عدة أشهر وما ستقرره صناديق الاقتراع التي سوف تأتي بنفس التركيبة المحاصصاتية البغيضة ونعود الى أسلوب كسر العظام بين الكتل وهو ما يعني استسلام أحزاب الى أحزاب اخرى والخضوع الى الابتزازات المستمرة طيلة الفترة الجديدة من عمر العراق بعد العام 2003 والى اليوم وهذا للاسف لا يسمى بناء دولة عصرية قادرة على العيش والنمو ومواكبة التطور الذي يحصل حتى في اقرب البلدان الينا والحل الوحيد في هذا الصراع هو الاعتماد على شريحة الشباب وخصوصا الجامعي منهم لأنهم يجب ان يكونوا عارفين بما يدور من حولهم وما هي الاجندات التي تتحرك بها الاحزاب ومن هو الذي ينفع ومن هو الذي لا ينفع فما عادت التبعية العمياء لشعارات البعض او الطاعة المتفانية للزعماء نافعة لأن الساحة كشفت الغث من الثمين وبانت عرى البعض منهم ولينظر الشباب الى حالة انتقاء الأبرز والتغيير بدماء جديدة ينفع السير بها على سكة الحياة السياسية في العراق ولا نريد لهذا القطار ان يتوقف في أي محطة من محطات الزمن المتعثرة بل يجب السير وان كان الأمر منهكا ولكن في النهاية سنكون في آخر الرحلة قد وصلنا الى بر الأمان الذي يوفر المستقبل الكريم للأجيال القادمة عندما يكبر أبناءنا ليقودوا المسيرة دون ان تغذي عقولهم افكار القاعدة والمتشددين والعصابات المليشيوية وهو ما يبعد بشكل كامل حوار السيف والطلقة وينتقل الى حوار الكلمة الحرة التي يمكن ان تحكم الانسانية جمعاء وليس شعبا من الشعوب.
عدم توفر العصمة ستقود الى التناحر السياسي لدى المتنازلين في الانتخابات وستجعل منها ساحة الصراع الانتخابي الدموي بعيدا عن صناديق الاقتراع والتنافس الشريف باسم الوطن ومن اجل الوطن وحفاظا على الوطن هذا إذا بقي لدينا وطن على أيدي الإرهابيين والمليشيات والعصابات المسلحة التي سظهر الى السطح.
|