نتفٌ عاشوريّةٌ (17)
السؤال :
أُعتبر عقد القاسم (ع) ، وكذلك رؤيا زوجة حبيب بن مظاهر الأسدي للزهراء (ع) ، إنّها من الأكاذيب التي يعلم الخطباء بكونها كذلك ، وينبغي التخلص منها ؛
أفيدونا برأيكم دفعاً للإختلافِ بين المؤمنين …
إجابة سماحة الشيخ “دام ظله الشريف” :
أما سرد الخطباء لزواج القاسم ونحوها من الأحداث والأمور التي ذكرها أرباب المقاتل القديمة تاريخياً أو التي ألفّها كبار العلماء الفقهاء كالطريحي ، فهو إحياءاً للتراث ، ولو أُقتصر في الحفاظ على التراث التاريخي والروائي الحديثي ، على مايصح منفرداً آحاديّاً ، وأُبيد وأُتلف التراث الآخر ، لذهب وأُبيد وطُمِسَ المتواتر والمستفيض والموثوق ، لأنه يتكوّن من القسم الآخر غالباً بتراكم الدلائل والقرائن كمّاً وكيفاً ، إلى أن تنصّل إلى ذلك ؛ فحذارِ من الإنزلاق وراء هذه الصيحات الغافلة عن حقيقة الأمور ، وكم سعت السلطات الأمويّة والعباسية والنواصب إلى يومنا هذا إلى طمس الحقائق وقلبها بجهدٍ جهيد ، فهل نكون شركاء معهم في ضياع الحقائق التى تكتشف من خلال شتات القرائن والشواهد والقصاصات كرأس خيوط تقود الباحث إلى لملمتها ، لترتسم لوحة الواقع جليّة ، والتكذيب والكذب هو من يتخندق في صف الظالمين لطمس الدلائل ، ولو كانت مبعثرة متباعدة في النظرة الأوليه .
وأما طالب الحقيقة والدفاع عن المظلوم المضطهد ، من وراء ركام التعتيم ومن وراء حجب وستور عمليات الإخفاء ، وكم من حقيقة مغيّبة أُكتشفت من متناثر القصاصات من هنا وهناك وهنالك ، فكيف يستهان بالتراث المتراكم ، ولذلك لاترى عالم يجرأ يُقدِم على حذف وإبادة رواية ضعيفة في كتاب حديث ، ولا كتاب تاريخي مهما كان درجة ضعفها ، وليس ذلك إلاّ لأن التراث بتراكمه وتعاضده يقتنصُ منه تمام الحقيقة ، شريطة التتبع بلا إنقطاع وبلا إنحسار جيلاً بعد جيل ، مع التدبر والتحليل للقرائن والشواهد .
فمن ثَمّ فليعرف الخطباء للمنبر الحسيني ، مدى عظمة ما يقومون به من دور في إحياء الحق والحقيقة ، ونفض تراب التعتيم ، وإزالة ستور الحُجب الذي ضربها الظالمون لإخفاء الحقائق ، وهذا يستدعي منهم أيّدهم الله بعونه أن يستقصوا المزيد من المصادر ، وأن يحصوا كل شاردة وواردة ، كي تتسع الصورة على أُفقها الواسع أمام البحث والتنقيب ، وإلاّ فلو تركوا ذلك فسوف يتخلّون عن أكبر رسالة تحملوا مسؤوليتها أمام مشاغبات المعيقين ، وتكذيب المنكرين الجاحدين للحقائق .
كما نتوجه للأخوة المنكرين ، بدل إبداء مجرد الإنكار والإستنكار القيام بالكشف كل عام بل كل مناسبة ، عن المزيد من الحقائق المنطمسة ، و المتستَّر عليها ، والمغيّبة تحت ركام من الحجب والبعثرة والتشتيت ، فهذا هو البناء الحميد للطريق العلمي ، لا السعي لإندثار كل رؤوس خيوط الحقائق . |