في زمنٍ تعالت فيه الأصوات القامعةُ للحرية والمناهضة للوطنية والمنادية بالمذهبية والطائفية والعرقية والطامحة إلى تنفيذ مشاريع الخراب الساعية لتقسيم العراق وإشعال الحروب والفتن فيه, لم يرق لتلك الأصوات المتصادحة في عراق اليوم أن ترى وتسمع الصوت الوطني الشريف الذي يدافع عن وطنه وشعبه بقلبه وقلمه و دمه وروحه لأنه يُشكل العدو الأول والمهدد الأخطر لها وهو يكشف حقيقتها وزيفها وسوء نواياها اتجاه هذا البلد وشعبه الجريح الذي لم ينصفه القدر ولم يرشده الحال في أن يجد من يمثله حقاً وصدقاً في الحكومات التي تعاقبت عليه خلال عقود من الزمن .
وما الإعلام الوطني الحر المستقل ألا الصوت الوحيد الذي بقيَ ينادي اليوم على مساحة العراق كلها باسم الوطن الجريح والوطنية المعوقة التي تركها الآخرون وراحوا يبحثون وراء مصالحهم وأهدافهم البائسة وهم يحاولون تمزيق البلاد إلى ما يخدم تلك النوايا والأهداف الخبيثة والمدمرة فلم يكن منهم ألا أن يسكتوا صوت الشعب المطالب بحقوقه والمعبر عن تطلعاته وطموحاته بعد إن كشف الحقائق وأظهرها للرأي العام الذي عرف هو الاخر حقيقة الوجوه المقنعة التي يتستر خلفها أدعياء الدين والإسلام .
وفعلا وقف الإعلام الوطني الحر بصلابة الحق مدافعا عن شعبه وعن خيراته وثرواته التي تسرق في كل ساعة وكاشفاً للفساد والنهب والأجندات الخارجية التي تمثلها الجهات المتصارعة داخليا ,وكان لابد له أن يتعرض لما يتعرض له الشعب في كل يوم من إرهاب وقمع ومحاربة لأنه لسانه وضميره وقلبه حسب العقائد الضالة والمنحرفة لزمر القتل وأدعياء الدين والمطالبين بالعودة إلى الديكتاتورية والاستبداد .
فكان شهداء الصحافة والإعلام المستقل ثمن ذلك الصوت الحر الوطني الشريف الذي وقف الى جانب سنة وشيعة وعرب وكرد وتركمان وأقليات العراق جميعها دون تمييز ودون محسوبية وفئوية , فكان نصيبهما نصيب العراقي الذي يذوق اليوم طعم الحرية والديمقراطية على طريقة الموت المنتشر في كل مكان , الديمقراطية والحرية التي يقبع أصحابها خلف كتلٍ كون كريتية يخشون الخروج من ورائها إلا وسط ارتال عسكرية مدججة فأي ديمقراطية وحرية هي لا نعلم .
لكن صوت الوطن سيبقى مستمراً ومدوياً رغم أنوف أصحاب الإرهاب والفساد لأنهم زائلون والعراق باقٍ وأهله باقون وإعلامه الحر الوطني باقٍ ورجال إعلامه باقون ومخلدون .
نعم سيخلدهم الوطن والشعب و التاريخ لأنهم هم الذين صمدوا الى جانب الشعب لوحدهم في ساحة الموت مع أشرس و أعتا قوى الخراب والظلام والفساد المتنافسة على قتل الروح الوطنية في نفس الإنسان العراقي لتحقيق مأربها .لكن الوطن والعراق سيبقى متجذراً و متأصلاً في قلب كل إنسان عراقي كما كان في قلب شهداء الصحافة والإعلام الذين اخرهم محمد كريم ومحمد غانم والذين سبقوهم في قوافل القتل والماضين اليهم على حب العراق ,على حب الوطن ,على حب دجلة والفرات .. فهنيئاً لمن دمائهم ثمن مهنيتهم وعملهم .. |