لم تمس يداه الطعام مما اثار فزع امه ومن دون مقدمات رفعت يدها الى جبينه ، لااثر للحمى ترى ماالذي يشغل بال ولدها الوحيد الذي طالما تمنت من الله ان يرزقها به ونذرت النذور لميلاده ،لقد قامت باستجداء ملابسه من الجيران، اطالت شعره مثل البنات،لكي لاتصيبه العين ولا يفكر الموت في الاقتراب منه ولكنه ،بعد ان دخل الجيش بدا يطيل الصمت ويجلس منزويا ،فكرت في نفسها ربما يفكر في الزواج ،وكم ستكون محظوظة لو ان الزواج ما يفكر به،احتارت الام في تحديد سبب حزن ووجوم ابنها واستحلفته بكل الايمان والمعتقدات ان يخبرها عن السبب. اجاب الابن :__ان رئيس العرفاء يسيء معاملتي ويوجه الشتائم لي باستمرار . سالت الام:_وهذا رئيس العرفاء بماذا يزيد عليك يابني . الابن :_انه ياامي يمتلك ثلاثة خيوط سوداء زيادة علي. الام:_ ثلاثة خيوط وهل هذا امر مهم. الابن :_نعم ياامي فهو هكذا يستطيع ان يامر الجنودكلهم .الام :_ الله كريم يابني ، هيا لاتشغل نفسك وحاول ان تاكل وترتاح . وعندما اقبل الليل ذهب قاسم للفراش، قامت امه بتمزيق غطاء راسها (شيلة) وقسمته الى خيوط خيطتها على قميص ابنها العسكري ووضعت القميص قرب السرير ،وفي الصباح عندما استيقظ سارع لارتداء ملابسه العسكرية . وحين وقع نظر رئيس العرفاء عليه في ساحة العرضات اندفع سيل من الشتائم ، شتائم جديدة لم يكن يستخدمها سابقا معه بل انه اصدر له امر ان يذهب لآمر المعسكر ليقوم بحبسه حبسا انفراديا ، لم يدرك قاسم سبب انفعال رئيس العرفاء وان يكن قد تعود على لسانه البذيء الا ان الجرعة الشتائمية زادت اليوم عن المعتاد ورغم ذلك توجه الى غرفة الآمر مسلما امره لله . بعد ان ادى التحية العسكرية . وجه الآمر له الكلام .الآمر :_ويلك كيف تجراءت على هذه الفعلة. قاسم :_ والله ياسيدي لم اقترف ذنبا . الآمر :_ وما هذه الشرائط على قميصك . قاسم:_ اى شرائط ياسيدي . ا’لامر وهل انت اعمى . يلتفت قاسم الى ذراعيه ويدرك كم كانت امه تحبه لقد خيطت ستة شرائط على ذراعه الايمن ،يفتح فمه مدهوشا ، يدرك السبب الذي دعاها لذلك , يخبر الآمر وهو خجل ,يضحك الامر يطلب منه ان يمزق هذه الشرائط ويعود لوحدته العسكرية، يلتفت الى رئيس العرفاء يطلب منه الرفق بالجنود لئلا يضع احدهم نجمات الضباط . |