لا سلام بلا حرّية ..
السلام لا يقوم أبدا إلا على قاعدة من الحرّية ..
الحرّية والسلام متحدان في عنصر واحد كالماء ...
كل الشعب العراقي يرغب في السلام وينشد الحرّية ويدفع الغالي لأجلهما معا..
فمن هو هذا الذي لا يريد الحرّية والسلام لبلاده ولنفسه ولأطفاله وأهله؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا)آل عمران/103.
(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ) النحل/125.
(لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ )آل عمران /164.
(وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا)آل عمران/167.
(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فصلت/33.
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )الحجرات/10.
(فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) آل عمران/7 .
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات/13.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)الأنفال/45.
(وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) الأنفال/46.
(وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ) الأنفال /47.
(لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ) الرعد/11.
(وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ*جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ*سَلامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ)الرعد/22 ـ 24.
(إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ )هود/11.
من أعظم النعم التي أنعم الله بها علينا نعمة بعثة النبي صلى الله عليه وسلم الذي أخرج الله به الناس من ظلمات الجهل إلى نور الحق والعرفان.
لقد كان الناس قبل مبعثه صلى الله عليه وآله وسلم في جاهلية عمياء وأفضل من يصف لنا حال الناس قبل مبعثه صلى الله عليه وآله وسلم هو جعفر ابن أبي طالب رضوان الله عليه فترك لنا هذه الكلمة ليحدثنا عن ذ لك الواقع المظلم قال جعفر بن أبي طالب وهو يحدث نجاشي الحبشة :
“أيها الملك، كنا قوما أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك، حتى بعث الله إلينا رسولا منا، نعرف نسبه، وصدقه، وأمانته، وعفافه، فدعانا إلى الله وحده، لنوحده، ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد، نحن وآباؤنا من دونه، من الحجارة والأوثان ’’
وقد روى الإمام أحمد رحم الله عن المقداد بن الأسود رضوان الله عليه أنه قال: ـ والله لقد بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم على أشد حال بعث عليها نبي من الأنبياء في فترة وجاهلية، ما يرون أن دينا أفضل من عبادة الأوثان، فجاء بفرقان فرق به بين الحق والباطل ـ ويجب علينا أن نحمد الله بزوال نظام المقبور الدكتاتور الفاشي صدام وحزب البعث المنحل دولياً , وأن مسألة الفقر هو في جميع العالم ..ونعم ما قيل في هذا الصدد:
مـاذا أقـول وقلبي بـات يعتصر ممـا يدور ومـا يجـري وينفطر
مـاذا أقـول وأعمـاقي ممزقـة والصمت ران كأن الْحال يحتضر.
والفقر واليتم ليس جديداً وهذه من سنن الحياة والموازنة .. ونعم مال قال المرحوم شاعر العراق معروف الرصافي في هذا اصدد:
لـقيتها لـيتني مـا كـنت القاها تـمشي وقـد أثقل الأملاق ممشاها
أثـوابـها رثّـةٌ والـرجل حـافية والـدمع تـذرفه فـي الخدّ عيناها
بـكت مـن الفقر فاحمرّت مدامعها واصـفرّ كالورس من جوع محيّاها
مـات الذي كان يحميها ويسعدها فـالدهر مـن بـعده بالفقر أشقاها
الـموت أفـجعها والـفقر أوجعها والـهمّ أنـحلها والـغمّ أضـناها
فـمنظر الـحزن مـشهود بمنظرها والـبؤس مـرآه مـقرون بـمرآها
كـرّ الـجديدين قـد ابلى عباءتها فـانشقّ أسـفلها وانـشق أعلاها
ومـزّق الـدهر ويل الدهر مئزرها حـتى بدا من شقوق الثوب جنباها
تـمشي بـأطمارها والـبرد يلسعها كـأنه عـقرب شـالت زبـاناها.
وقال الإمام علي عليه السلام في الفقر :
ـ لو كان الفقر رجلاً لقتلته ـ
ولكن في كل الأحوال المعنى صحيح وواقعي ..لان الفقر هو سبب الكثير من المشكلات ..
قبل عدة أيام حدثني صديق من الرياض وقال: كنت في أحد الطرق بمدينه الرياض ولفت انتباهي امرأة تتسول .أنظر يا أخي متسولون في أغنى بلد الذي يصدر يومياً عشر مليون برميل يومياً ! وهنا طبعا مع تحفظي على التسول سواء للرجال أو للنساء وغيرهم ومدى حاجتهم من عدمها ومدى صدقهم ...ولكن ما يهمني هنا هو كون المتسول في حالة ضعف وهو في حالة التسول فما بالك بالمرأة التي قد تتعرف للإساءة والاستغلال والابتزاز في كل الأحوال التي تكون فيها محتاجة للمادة .. وهذا الأمر ينطبق على الأطفال وأيضا الرجال من حيث كون الفقر سببا
للمشكلات والأزمات والجرائم والتساهل في أمور أساسية يكون منبعها المادة..
الثورة الإيرانية الثورة الفرنسية الانتفاضات العربية تونس مصر ليبيا البحرين واليمن ، ولكن العراق أسقط عرش الطاغوت وكل الدولة بما فيها الدفاع والداخلية وضع دستور جديد وأن المظاهرات هي من حق الشعوب للتعبير لوجود فساد في دوائر الدولة ,ولكن يجب أن تكون سلمية وبأدب واحترام حتى يبلغوا رسالتهم بأن الفساد لا يطاق والإصلاح واجب وتحسين الأحوال ..وللأسف أن البعث والقاعدة والمخربين العرب الذين لا يريدون للعراق وشعبه التقدم والرفاه هم السبب في هذا التأخير ؛ والسبب الثاني أن الدولة قد انخدعت أو تمادت وأتوا بالبعث إلى دفة الحكم وأن هذا هو الفساد والظلم معنا .. ومن جهة أخرى أن أكثر الذين في دوائر الدولة هم غير مؤهلين لإدارة مهامه الوظيفية وهذه هي الطامة الكبرى .. ومن المستحسن أن تعيد الدولة النظر وتسحب البعث من الدوائر لأن حلقات البعث التنظيمية في الداخل والخارج بدأت وهذا هو الخطر على سلامة العراق كله ! فيجب على الدولة وجهاز أمن الدولة أن تنتبه لأن هذا التنظيم هو خطر وسريع وأن الأيدلوجية البعث في عروقهم ..والخطر الأعظم أن الجماعة هم من موظفين البلاد الكبار وخلال أشهر يكون قد جهزوا أنفسهم ؛ وينتظرون خروج الأمريكان ويستلمون هم دفة الحكم وبانقلاب سريع وبغير اسم حزب البعث ولكن بسم أخر..الحذر الحذر ، وأقول للشباب أن المصداقية تفرض على الشباب الثائر وعلى المثقفين والإعلاميين والمعارضين العراقيين أن يُدينوا ثقافتهم العراقية والعربية وتُراثهم وحضاراتهم السومرية والبابلية والإسلامية, وبغداد وعصرها الذهبي التي كانت مركز مدار القارات الثلاثة والعالم . وأحب أن أقول للعرب أن الرئيس المصري بطالة تداول السلطة ثورات عربية شغب فوضى معارضة ما لم نسمعه، وما لا يُريد الكثيرون سماعه.. حول المظاهرات في التي كانت في مصر وفعلاً غيرة بعض الشيء ونحو الرئيس مبارك وأبعده عن الحكم ولكن على قول العراقيين التيلچه بعدهم همه... ويعني أن مـطلبهم ذهبت ..! وأقول للشعب أن الأمانة تفرض على العراقيين إعلان القطيعة من البعث وزمرها والتقيد بتراثهم ودينهم العقائدي وإدانة ممارسات التعصب والتفرقة البغيضة التي يريدون أن يجدونها في العراق ثانية’ لأن أسلاف المنافقين البعث والذين اتحدوا معهم
والذين أسسوا لنظرية التحايل وانتزاع البيعة من المواطنين والبطش بالمواطنين من أجل السلطة، والذين تجاهلوا مبدأ الشورى وابتدعوا وشرَّعوا نظرية المُغالبة من أجل الاستيلاء على الحُكم وتوريثه وتولية المناصب للأقارب.. منذ بداية التاريخ الإسلامي، وذلك قبل أن يكون من حقهم إدانة "الدولة الفتية" بسبب تشبث البعض بالحكم وتوريثه
فليس "الدولة الفتية" نِتاج ثقافة أمريكية أو أوربية حتى يُعاب عليه التشبث بالحكم وتوريثه، بل هو قانون ودستور وضع من قبل المثقفين العراقيين المسلمين العرب .و إن إدانة ممارسات
وإعلان القطيعة مع الماضي البعث هو من الواجب وهو أول وأهم ما يجب أن يفعله العراقيين حتى يحققوا الديمقراطية والحرية التي يُطالب بها الشعب العراقي اليوم . وإنه لا أحد يُنكر أن ما جرى في تونس ويجري في مصر واليمن والأردن
والجزائر والسودان والبحرين وليبيا…، هي ثورات ومطالب شعبية
لكن الواقع يقول: إنه إذا كانت هذه المظاهرات هي بسبب سوء الحالة الاقتصادية بالأساس، بدليل أنه قد أشعلها العاطلون عن العمل وأكملها البُسطاء والفقراء !
وأنها كانت بذريعة أن الفقر والبطالة هي بسبب فساد الأنظمة ممثلة في أشخاص الرؤساء وعائلاتهم ،..
وأن مقياس الفساد يقوم على تقييم الحالة المادية للرؤساء والمقربين منهم، مقارنة بالعائلات والطبقات الفقيرة في أي مجتمع !
إذا كان الأمر كذلك، إذن ينبغي اعتبار كل الرؤساء والملوك والأمراء والسلاطين في العالم والمقربين منهم، فاسدين منذ اللحظة الأولى لتوليهم السُلطة !
إذ لا يوجد ولا يمكن أن يوجد وجه للمقارنة بين مكانة وإمكانيات رئيس أي دولة وبين أي مواطن في تلك الدولة !
والاختلاف بين المجتمعات هو نسبي في أحسن الأحوال !
إنه ليس دفاعًا عن الرؤساء، لكن هل العائلات الأمريكية الفقيرة التي أُجبرت على الخروج من منازلها، والإقامة في خيام، وأصبحوا يتلقون الإعانات الحكومية على شكل وجبات يومية، بسبب الأزمة المالية ..
هل كان بين تلك العائلات الأمريكية التعيسة، عائلة واحدة من عائلات أفراد الحكومة الأمريكية أو من عائلات رؤساء أمريكا السابقين؟
وهل الفساد المالي والإداري الذي أدى إلى حصول تلك الأزمة العالمية وأدى إلى حصول البطالة في أمريكا..، هل كان بسبب فساد الحكومة الأمريكية، وهل أدى إلى سقوطها؟
من هنا وجب أن نتساءل ونقول :
إنه وبغض النظر عن شرعية المطالب التي ينادي بها المتظاهرون، لكنه ليس دقيقًا بل ليس صحيحًا وصف هذه المظاهرات بأنها عفوية وأنها دون قيادة خفية !
وليس من الأمانة ولا من الأخلاق حمل الأطفال على الأكتاف وتلقينهم شعارات الشتم والسِباب ضد الرؤساء – حتى من قبيل احترام الصغار للكبار كما تقول أخلاقنا وأدبي أتنا أو هكذا ندَّعي
إن مشهد الأطفال الأبرياء المُلقنين، وهم يهتفون بما لا يفقهون، ليشي بأن الشباب أيضًا ربما يهتفون بما لا يفقهون !
إن تأليب المعارضين للشباب ضد الأنظمة والرؤساء، عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل المختلفة، هو السبب الرئيسي والأساسي خلف هذه المظاهرات ،..
وإذا كان ذلك من حق المعارضين للنظام، فإنه ليس من حقهم استغفال البُسطاء وخداعهم، بالقول بأنها مظاهرات عفوية لا يقف خلفها أحد !
وإذا كان من حق المعارضين تأليب وشحذ ما استطاعوا من الشباب ضد الأنظمة، إذن يكون من حق الأنظمة تأليب ما تستطيع من الشباب ضد المعارضة!
وفي هذه الحال، تكون الأنظمة مُدانة (( فقط)) إذا لم تجد من يقف معها من داخل الوطن !
وإذا كان الفقر هو دافع المناوئين لأي نظام، إذن لا ضير في أن يكون الفقر هو دافع الموالين للنظام !
إنه ليس دفاعًا عن الأنظمة، بل هو تشريح لمواقف أراد لها البعض أن تظهر على غير حقيقتها !
إنها تساؤلات عن الأسباب والنتائج والمضاعفات التي تحويها مثل هذه المظاهرات !
ما هي المطالب والغاية من هذه المظاهرات والثورات الشعبية العربية؟
ومن هم القائمون عليها، ومن الذين يدفعون ثمنها، ومن الذين سيستفيدون منها؟
كم يُمثِّل المتظاهرون من تعداد الشعوب، ومَنْ الذي أعطاهم الشرعية وخولهم للتظاهر والمطالبة بإسقاط النظام باسم الملايين الغائبة؟
إننا إذا افترضنا أن عدد المتظاهرين بلغ في بعض الدول المليون، فإذا كان تظاهر مليون مواطن ينبغي أن يُسقط النظام القائم، إذن تأييد مليون مواطن آخر ينبغي أن يُبقي على النظام !
إنه لو كانت المظاهرات الشعبية المليونية تعتبر شريعة بشرية مُلزمة، إذن لبقي نظام صدام حسين، ولسقط نظام جورج بوش وتوني بلير، حين تظاهر الملايين في أمريكا وبريطانيا ضد الحرب على العراق !
إنه وبسبب هذه المظاهرات العشوائية (( هنا وهناك )) التي تُفسح المجال للهمجيين والعابثين، قد ينشأ من الفتن والأحقاد والعدوات، ويموت ويتضرر من المواطنين البُسطاء خلال أيام معدودة، أكثر مما يحصل خلال سنوات عديدة من الحُكم..، في الوقت الذي لا توجد أدنى ضمانة بأن نتيجة هذه المظاهرات ستكون تغييرًا للواقع بالاتجاه الصحيح- في غياب التخطيط والمنهجية !
ثم، هل صحيح أن الرؤساء العرب هُم على هذه الدرجة من السوء والأنانية والانحطاط الذي يوصفون به في مثل هذه المظاهرات وهذه الأجواء المشحونة؟
هل صحيح أن الرئيس التونسي والرئيس المصري الليبي والبحريني لم يُقدما لبلديهما شيئًا إيجابيًا يستحق الذكر، وأن كل ما قدماه هو سلبيات محضة !
ثم، أليس الطعن في مصداقية وأمانة شخص الرؤساء إلى هذه الدرجة، هو بالضرورة طعن في مصداقية وأمانة ووطنية الملايين من أبناء الشعوب، والآلاف من الصحفيين والمثقفين والضباط والقادة وفقهاء المساجد الذين يعملون مع الأنظمة هنا وهناك ويُشكلون أركانه فهل سيتم محاسبة الجميع، أم فقط هو انتقام من أشخاص الرؤساء؟
فليس الرؤساء سحرة، وليس أعوانهم إلا أبناء هذه الشعوب الثائرة!
أما التشبث بالحُكم وتوريثه، فلا شك أنها كارثة حضارية وفضيحة أخلاقية، لكنها ثقافة عربية وتراث إسلامي أصيل، وإنه لمن العبث والكذب تجاهل هذه الحقيقة، وليس من الأمانة تحميل مسئوليتها لرؤساء هذا العصر؛ فتغييرها يتطلب القطيعة مع جذورها التي تقدسها الشعوب العربية الإسلامية !
إنه ليس من نافذة التشاؤم ولكن من باب الواقعية، يمكننا القول بأن ما يجري في بعض الدول العربية، هو طريقة عربية للتعبير عن ألم الجوع وانعدام الرؤية الواضحة للحياة، وليس إشارة إلى استفاقة عقل !
إن اقتصار المظاهرات على المجتمعات والطبقات الفقيرة، واتسامها بالفوضوية والعبث والشغب، هو دليل على أن ما يجري لا يُبشر بحصول وعي، بل هو تعبير عن وجود فقر مادي وتخلُّف حضاري وتخبط ثقافي وقصور فكري !
وإذا كان الفقر وحده مبررًا كافيًا للتظاهر والانتحار، فإن ذلك لا ينفي حقيقة أن العالم بأسره يمر بأزمة اقتصادية، طالت أغنى الدول والشعوب، ومن الطبيعي أن يكون تأثيرها أكثر قسوة على شعوب الدول الفقيرة !
إسبانيا دولة ديمقراطية وغنية، لكن العاطلين عن العمل فيها ربما دخلوا كتاب ((غينس)) للأرقام القياسية، بتسجيلهم لأطول طابور بشري من العاطلين عن العمل في العالم !
إسبانيا بلغت المركز الثامن عالميًا من حيث إجمالي الناتج المحلي..، وهي اليوم تضطر لإلغاء الإعانة الاجتماعية التي كانت مقررة للمواليد الجُدد !
بريطانيا تُقرر تقليص الإنفاق الحكومي، وترفع رسوم الدراسة الجامعية !
لذلك أرى كما يرى الكثيرون، أنه من المؤسف والمحبط أن تشترك كل الثورات العربية في مطلب واحد، وهو إسقاط أشخاص الرؤساء أو أفراد الحكومات !
إن ذلك يُشير بوضوح مخجل، إلى أن العقل العربي لا يزال يقبع في عصور ما قبل الثورة الفرنسية !
إن هذه الثورات العربية كان يمكن اعتبارها مؤشرًا على حصول وعي عربي وتغير في العقلية العربية، لو أن مطالبها تجاوزت تغيير الأشخاص إلى تغيير الثقافات، هذه الثقافات التي أدت سابقًا وستؤدي لاحقًا إلى تكريس الواقع العربي المؤلم !
إنه ليس فقط مظاهرات جماهير الشارع التي يختلط فيها الغاضبون المُحِقون بالعابثين والانتهازيين ويستغلها المجرمون، بل حتى الأحزاب وكل أشكال المعارضات العربية الرسمية وشبه الرسمية، تشترك في ضبابية الهدف وعمومية الخطاب، والذي قوامه عادةً القدح في الأنظمة القائمة والسعي للاستيلاء على السلطة ،.. حيث يتضح من خطابها أن برنامجها يتلخص في إسقاط النظام القائم
– ممثلاً في شخص الرئيسين ، ولا شيء مفهوم غير ذلك ! وكأن الرئيس عبارة عن شيطان يرأس ملائكة !
إن أحزاب المعارضة العربية لا تختلف عن المتظاهرين إلا من حيث عدد الأفراد !
فهل تريد المعارضات والمتظاهرين العرب، إقامة ديمقراطية على النمط الغربي، في مجتمعات تحكمها الثقافة الطائفية والعشائرية !
هل ما يريدونه هو إقامة ديمقراطيات على غرار ما في لبنان والعراق والحقيقة أن في العراق ولبنان ديمقراطية!
إنه إذا كانت الديمقراطية هي الغاية، أفلا تكون الأولوية هي تغيير الثقافة السائدة بما تتطلبه الديمقراطية !
أليست الديمقراطية مُنتَجًا أجنبيًا – غربيًا !
أليست الطائرة والقطار منتجًا أجنبيًا !
فهل استوردنا الطائرة والقطار من الخارج دون أن نُمهِّد لها البنية التحتية التي تحتاجها، لكي تعمل عندنا كما صممها منتجوها! وهل يصح أن نستورد الديمقراطية دون تمهيد !
وهل منعت الأنظمة القائمة المثقفين أو المعارضة من تغيير ثقافة الشعوب العربية تمهيدًا للديمقراطية، حتى يكون تغيير الأنظمة السياسية هو الأولوية !
هل قامت المعارضات العربية بتشكيل جمعيات مدنية لتوعية المواطنين باستحقاقات الديمقراطية !
أم أن كل ما تقوم به المعارضة هو تأليب البُسطاء على الرؤساء !
هل ساهمت المعارضات العربية بمشاريع تنمية وتوعية لمساعدة الفقراء !
أليست ((الهند)) هي أكبر الديمقراطيات في العالم؟ فهل حالت الديمقراطية في الهند دون وجود الفقر والبطالة؟
ألا نسمع عن أغنياء أمريكا وهم يقومون بإنشاء المشاريع الخيرية في الهند !
لماذا يوجد الفقر في الهند ويوجد الغِنى في أمريكا، رُغم أنهما دولتان كبيرتان وديمقراطيتان؟
أليس اختلاف الثقافات هو السبب !
أليس الوعي وثقافة تحديد النسل وتقليص الإنجاب بما يتناسب مع الحالة الاقتصادية للأُسر، هو أهم الأسباب التي جعلت الغرب يتقدم على الشرق، وهو الفرق بين المجتمع الهندي والمجتمع الأمريكي !
فهل لدى المعارضات والجماهير العربية وعي وإدراك لهذه الحقائق !
فإذا كانت المعارضات العربية تُدرك وتتبنى مثل هذه الثقافات؛ فهل نشر هذه الثقافات بين الجماهير يحتاج إلى قرار سياسي، حتى تتخطاه المعارضة وتسعى مباشرة إلى بلوغ السلطة !
الثورة الشعبية الفرنسية (1789)، قامت من أجل إسقاط ثقافة حكم الكنيسة، وليس من أجل إسقاط شخص ((الملك )) الذي تتكفل قوانين الطبيعة بإسقاطه أو تغييره !
قامت من أجل إسقاط ثقافة سيطرة الكنيسة التي كانت تمنح الملوك قداسة سماوية مزيفة في نفوس البشر !
لم يكن إعدام الملك وحاشيته غاية لذاتها، بل كان إثباتًا لزيف تلك القداسة التي كانت تمنحها الكنيسة لشخص الملك، والتي كان الهدف منها هو سيطرة الكنيسة على الشعب بواسطة شخص الملك !
لقد أثبت الشعب الفرنسي للبشرية عامةً، أن السماء والآلهة المزعومة لم تتدخل لإنقاذ ظلالها الموهومة في الأرض، عندما داهمها الشعب الفرنسي – مسترشدًا ومستلهمًا ثقافته الجديدة من نظريات المفكرين والفلاسفة والفنانين الأحرار !
فكانت العلمانية (فصل الدين عن الدولة) وتحقيق الحرية الفردية هي مطالب الثورة الشعبية الفرنسية !
ولذلك استقر الشعب والدولة الفرنسية داخليًا منذ إسقاط ثقافة القداسة الدينية !
لكن المؤسف أن الذي تُطالب به الشعوب العربية في ثوراتها اليوم، لم يرقَ إلى مستوى مطالب الشعب الفرنسي وكل الشعوب الحرة في ثوراتها بالأمس البعيد، وهذا يعني أننا لا نزال نحن العرب كما نحن، رُغم ما يوحي به المشهد من تغيرات !
إن إسقاط أي رئيس، بهذه الطريقة الفردية الشخصية الفوضوية الانتقامية – كما حصل في تونس، ومصر لا يختلف عن إسقاط الرئيس المصري المقتول السابق ((أنور السادات)) .
ولا يمكن لأحدٍ أن يضمن كفاءة ومصداقية من يخلفهم .وأن نسبة كبيرة من الشعب المصري تتظاهر ضده كما رأيته عبر الفضائيات وكأنه مجرم أو قاطع طريق قادم من الفضاء، أو كأنهم لا يعرفونه منذ ثلاثين سنة .. المهم تعجبت أن نيتن ياهو يقول أن المتظاهرات حققوا نجاح لزرع الديمقراطية ويجب أن تتم في عدة دول عربية أخر وإيران ! يا للعجب أن الشعب الفلسطيني يقتل ويسحق هل هذه الديمقراطية يا سيد نيتن ياهو؟! المهم العاقل يفهم!! ومشهد جديد نسمعه بأن بن علي يملك 14 مليارا وحسني يملك 70 مليارا وأبنه يملك 13 مليارا وبعض الوزراء يملكون في حدود70 مليارا من الجنيهات المصرية فأن هذه مبالغة لأن مصر دولة فقير من دول العالم الثالث ولها قروض حوالي 35 مليارا من الدولارات فمن أين حصلوا هؤلاء على هذه المبالغ واليوم نسمع بأن القذاقي يملك 131مليارا من الدولارات في سويسرا فأرى بأن هذه مبالغة ،وغداً يقولون أن دول الخليج عندها بليون من الدولارات إذا كم بليون تملك السعودية يا ترى ؟؟ وأني أرى هذا تحريض من الخارج لقلب الأنظمة العربية وزرع البلبلة والفتنة ! وأني أقول لو تصدقون لماذا لا تقولوا كم هي ثروة حزب البعث الذي كان يقبض 5% من وردات النفط العراقي ولمد 34 عاماً ولماذا لم يسلمها للحكومة العراقية ، ولماذا لم يقول ويحددوا ثروة المقبور صدام والتي بلغت 19مليارا وأن 7مليارات موجود في الأردن تحت تصرف المعارضة بنت صدام والضاري لماذا لم يسلمون هذه المبالغ للحكومة العراقية؟؟؟؟....ولماذا لم يسلموا إيران ثروة الشاه التي كانت 51 مليارا والأرصدة التي كانت في حوالي 17 مليارا وجمدت ولحد الآن؟؟؟! ونعود لإيران...
وليست الثورة الشعبية الإيرانية، وما نجم عنها من ديمقراطية دينية، سوى مثال آخر، يُثبت أن تغيير الأشخاص، وتحقيق التداول (السلمي) على السلطة، ليس فقط أقل من طموح الشعوب الواعية، بل قد يكون هو المعضلة التي تصنعها الشعوب بأيديها ثم تعجز عن التخلص منها، ويصبح مجرد انتقاد الرئيس أو الزعيم يودي بصاحبه إلى غياهب السجون أو حبال المشانق، ويتم ذلك باسم الشعب، ليظل الشعب يدفع فاتورة ثورته المباركة إلى ما لا نهاية !
ماذا عن الرؤساء !
كان من اللافت والمستغرب أثناء الانتفاضة التونسية، عدم خروج الرئيس التونسي ليُخاطب شعبه منذ اليوم الأول لانطلاق المظاهرات والهتافات التي تطالبه بالرحيل !
كان من المتوقع أن يخرج الرئيس إلى الشارع ويواجه الواقع، ويضع الشعب والمعارضة أمام مسئولياتهم !
كُنا نتصور أن يُعبِّر الرئيس التونسي لشعبه عن تفاجئه بالشعارات التي يرددها المتظاهرون، والتي كانت تُطالبه بالرحيل أو التنازل عن السلطة !
كُنا نتصور أنه سيُعلن عدم استعداده لأن يكون رئيسًا أو ممثلاً لشعب يرفضه !
كان من المفترض أن يمنح الرئيس التونسي شعبه مدة وجيزة ليختاروا رئيسًا لهم خلفًا له !
لكن هذا لم يحصل مع الأسف، وأخيرًا رحل الرئيس بطريقة ليست مشرفة له ولا للشعب !
وأن الذي حدث في مصر وكان مختلفًا كل الاختلاف عن موقف الرئيس التونسي !
إنه حقًا لمن المخجل والمعيب أن يقبل الإنسان على نفسه البقاء رئيسًا لشعبٍ يرفضه !
لكن لعل السبب هو ...غامض!
فالثقافة التي تجعل المواطن يهتف بحب وحياة الرئيس أمامه، ويشتمه ويُمزق صوره ويهتف بموته من خلفه، هي ذاتها الثقافة التي تجعل الرئيس يحتقر ذلك المواطن عمليًا، ويُظهر احترامه له وحرصه على مصلحته نظريًا !
فلا الرؤساء يعلمون بحقيقة مشاعر شعوبهم تجاههم! ولا الشعوب تؤمن حقيقةً ولا تعي تمامًا ما تفعل وما تقول !
إن الفقر والبطالة لم يسقطا على رؤوس الشعوب العربية بغتة ومن شرفات القصور الرئاسية، وبقرار شخصي من الرئيس، حتى تكون هذه الكراهية المفاجئة مبررةً، ويكون اقتصار المطالب على تغيير شخوص الرؤساء أمرًا مفهومًا، ويستحق كل هذه الجُهود والحشود والفوضى وكل هذه الخسائر البشرية والمادية !
إن تغيير أشخاص الرؤساء وأفراد الحكومات ليس بالأمر المستحيل، ولا هو بالأمر المُحرَّم، لكن تغيير شخوص الرؤساء والإبقاء على الثقافات والمعتقدات والأعراف التي أنتجتم، ما هو إلا إضاعة للجُهد والوقت !
إنه ما لم يتم تغيير البُنية التحتية للثقافة الشعبية والأنظمة السياسية العربية، فإن تغيير الحُكام بهذه الطريقة الشخصية، لن يُنتج سوى حُكامًا بنفس ثقافة الحكام السابقين، لكن الحُكام الجُدد سيكونون محصنين ضد الطريقة التي أسقطت السابقين! ويبقى على الشعوب أن تبتكر طريقة جديدة لتغيير الحُكام الجُدد مستقبلاً !وأن الفقر متواجد في أوربا وأنا أرى كل يوم أن الكثير من المواطنين يبحثون في النفايا والأوساخ عسى أن يلقي قنينة بلاستكية لبيعها ويتصرف بثمنها وهي بمثابة 10فلس كويتي وللأسف وأن الكثير في أوربا هم فقراء ، وأنا شخصياً في ألمانيا ومريض ومصاب بمرض السرطان ويجب علي أن أذهب إلى المستشفى كل شهر نصف يوم إلى المستشفى للعلاج ..وتراهم هذه السنة قطعوا عني أجور الذهاب إلى المستشفى وأن أجرة السفر حوالي 40 يورو ومنذ شهر كانون الثاني .. وما العمل هل يجب أن أخرج بمظاهرة؟ وأن بعض الأدوية أدفعها من جيبي الخاص لأن القانون لا يسمح بصرف هذا الدواء! ما العمل ؟ يجب الصبر والصرف من جيبي الخاص والسكوت.. لأن اقتصاد العالم مصدوم ، وعلى كل حال يجب أن يوعوا المواطنين في التعبير عن رأيهم وقد سمح القانون لهم ولكن بكل أدب واحترام ليسمع صاحب الأمر وأن لا يسمح للمأجورين والمندسين أن يرموا سمومهم في الوطن ويفسدوا بأعمال إرهابية وتخريب,, هذا حرام شرعاً وعرفاً ويجب التحلي بأخلاقنا الحميدة وتربيتنا العقائدية والتفاوض بالتي هي أحسن لأن الله سبحانه يقول : (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ) النحل/125. وأنه ذكر في القرآن في 23 موضوع ..وحقيقة هي مناقشة علمية هادئة واليوم يجب أن يستفاد منه مع الحكام ،ويجب أن نعمل أيضاً لنتمم الرسالة الإلهية المطلوبة منا لقوله تعالى :
(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فصلت/33.
وجاء في البخاري أن رجلان من المهاجرين والأنصار تشاجرا فَقَالَ الأَنْصَارِىُّيَا لَلأَنْصَارِ. وَقَالَ الْمُهَاجِرِىُّيَا لَلْمُهَاجِرِينَ فَسَمِعَ ذَاكَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ : مَابَالُ دَعْوَى جَاهِلِيَّةٍ . قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ . فَقَالَ : دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ ..
رابطة الأخوة رابطة قوية ومتينة ، ربطها الله تعالى بين المؤمنين وحصرها بينهم فقال سبحانه : ( إنما المؤمنون إخوة)..
فعلى من اتصف بصفة الإيمان أن يحافظ على هذه الرابطة ولا يقطعها أو يحاول أن يضعفها أو يوهنها لأمر تافه
لقد حرص الإسلام على إقامة العلاقات الودية بين الأفراد والجماعات المسلمة وغيرها لأن الإسلام هو السلام.. ودعم هذه الصلات الأخوية بين القبائل والشعوب.. وجعل الأساس لذلك أخوة الإيمان.. لا نعرة الجاهلية ولا العصبيات القبلية...
ورسولنا أقام الدليل القاطع على حقيقة الأخوة الإيمانية وتقديمها على كل أمر من الأمور الأخرى.. فها هو رسول الله يؤاخي بين المهاجرين والأنصار.. وبين الأوس والخزرج.. وأخذ ينمي هذه الأخوة ويدعمها بأقوال وأفعال منه تؤكد هذه الحقيقة الغالية ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) مسلم (45)، البخاري (13 )
وقوله : ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)) مسلم (2586) . إلى غير ذلك من الأحاديث التي تقوي هذه الرابطة... وقال الرسول عليه افضل الصلاة والسلام عليه وعلى آله :
. "الناس سواسية كأسنان المشط "
أخوتي الكرام ألفت أنظاركم أن الله مع الصابرين إذا صبروا
كيف تتحول أحزانك إلى عبادة ؟ ما الذي تحتسبه في صبرك
من : نسمة إيمان
كيف تتحول أحزانك إلى عبادة ؟
ما الذي تحتسبه في صبرك؟
لماذا أنت حزين هكذا ؟....
وما هذه الهموم التي تخفيها بين أضلعك ؟ ...
لقد أتعبك الأرق والسهر، وذوى عودك وذهبت نضرتك...لماذا كل هذه المعاناة...؟
فهذا أمر قد جرى وقدر، ولا تملك دفعه إلا أن يدفعه الله عنك،
ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها فلا تكلف نفسك من الأحزان مالا تطيق!...
استغل مصيبتك لصالحك لتكسب أكثر مما تخسر، كي تتحول أحزانك إلى عبادة الصبر العظيمة (( عفواً )) إنها عبادات كثيرة وليست واحدة !.. كالتوكل ... والرضى .. والشكر .
فسيبدل الله بعدها أحزانك سروراً في الدنيا قبل الآخرة لأن من ملأ الرضا قلبه
فلن تجزع من مصيبته وهذا والله من السعادة ... ألا تري أن أهل الإيمان أبشر
الناس وجوها مع أنهم أكثرهم بلاء!
فكن فطنا ... فالدنيا لا تصفو لأحد وكلما انتهت مصيبة أتت أختها....
ونعم ما قيل :
إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى * ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه.
أيها الصابر
واطمئن أنوا إن شيئاً من الواقع لم يتغير سوى ما بداخلكم يا أخواني وأخواتي
قال الله تعالى : (لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ) الرعد
لقد تحول جزعك إلى تسليم، وسخطك إلى رضى ... فاجعل هذه الهموم والأحزان أفراحا لك في الآخرة فهي والله أيامك في الدنيا ولياليك فاصبر واحتسب :
أجر الصابرين ، فالصابر يكب عليه الأجر بلا عد ولا حد، قال الله تعالى : (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ)الزمر/10.
أن تفوز بمعية القوي العزيز، قال الله تعالى : (وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) الأنفال /46.
أن يحبك الله وما أنبلها من غاية، قال الله تعالى : (وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) آل عمران/146.
أن تكون لك عقبى الدار، قال الله تعالى :
(وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ*جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ*سَلامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ)الرعد/22 ـ 24.
احتسب في صبرك على مصيبتك أن ينصرك الله ويجبر كسرك وأن تكون العاقبة لك . قال الله تعالى : (فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) هود/49.
أن تكون من المفلحين الناجين، قال الله تعالى :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) آل عمران/200.
(إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ )هود/11.
أن تنال صلوات من ربك ورحمة وهداية لما يحبه ويرضاه... قال الله تعالى :
(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ*الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ*أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) البقرة/ 155 ـ 157.
انظر إلى الأشجار في فصل الخريف كيف تتساقط أوراقها ما أروع هذا المنظر!.. إن احتسابك للمعصية سيجعل ذنوبك تتساقط كما تحط الشجرة ورقها ,كلمة أخيرة الصبر يا أخواني وأخواتي ليس فقط على أقدار الله المؤلمة ...بل إنما هناك الصبر على طاعة الله وتنفيذ أوامره كذلك الصبر في كل الأحوال فلا تنسوا أن تحتسبوا تلك الأجور في جميع أنواع الصبر الذي وعدنا الله بالمقابل في العقبى ذكرت قسماً من الآيات ،وهنا يجب أن نتحد ونتعاون ولا نضع مجال للمنافقين والمندسين بيننا وأن نتآخى من القلب ونبي الوطن ونكون يداً ضاربتاً على المفسدين والمرتشين والذين يؤجلون عمل اليوم إلى الغد وأن نوقر شيخنا ونحترم نساءنا ونعطف على صغارنا وأن لا نكون من الذين يتفاخرون بأنسابهم ويتعالون على الآخرين بحجة أنه كذا وأبن فلان ....
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن الطعن في الأنساب، والفخر بالأحساب، والاستسقاء بالنجوم والنياحة".
وهذا ذم للفخر بالأحساب وذلك أن الإنسان إنما يشرف بأفعاله ولا ينفعه شرف آبائه وأجداده، وقال الشاعر
إذا افتخرت بأقوامٍ لهم شرف ........... قلنا صدقت ولكن بئس ما ولدوا.
وعلى الساسة التسامح والالتزام بالأفعال والأقوال كما قال الشاعر ونعم ما قال :
إذا قُلْت في شيء نعـم فأتمه.. .. .. فإن نعم دين على الحرِّ واجبُ
وإلا فقل:لا،تسترحْ وتُرِحْ بها.. .. .. لِئلاَّ تقـول النـاسُ إنك كاذبُ .
ومرة أخرى يداً بيد للتعاون والتآخي والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين.
المحب المربي
behbahani@t-online.de |