إن بحثا نشر في مجلة مجمع اللغة العربية، قبل عقدين من الزمن، ويصدر به عام 2012م كتابا بعنوان : ( الخليل رائد علم الصوت ) ، يدل دلالة قاطعة أن الباحث ( الأسـتاذ الدكتور حازم سليمان الحلي ) ، وجد انه بحاجة إلى طرحه في المحفل الأدبي لما له من أهمية في لغتنا العربيـة الجميلة ، حيث ظهر من الأصوات ، ما تريد التخلي عن قواعدها ، وأصولها 0
الباحث غني عن التعريف ، لما رفد المكتبة العربية من مؤلفات كثيرة ، والخليل بن أحمــد الفراهيدي (100 / 175هـ ) ، لا يحتــاج إلى تعريف فهو الـذي ( أحصى العربية إحصاءا تاما ، وبذلك هيأ مادة مصنفـة معروفـة لمن جاء بعــده من اللغويين الـذين صنفوا معجمات ) العين 1/8 بتحقيق المخزومي والسامرائي 0
ولعل كثير من الباحثين ، والدارسين في اللغة ، ينظرون إلى الخليـل نظرة أحادية ، انه من النحاة الأوائل، بل إن البعض منهم ينظر إليه من خلال علم العروض فقط ، دون النظر إلى علوم أخرى أبدع فيها 0
والدكتور حازم سليمان الحلي ببحثه (الخليل رائد علم الصوت) ، استطاع أن يظهر للمتلقي والقارئ أن الخليل (كان الرائد في علــم الصوت ، والعالـم الذي ما ســبقه إلى هذا العلم من أحد ، وكل من جاءوا بعده كانوا عيالا عليه ، فكان القمة الذي ينحدر عنه السيل ) ص 7 0
يبدأ الدكتور الحلي بحثه بعد المقدمة بعنوان ( إبــداع الخليـــل ) ، فيقــول فيه : ( ففي كتابه "العين" اتبع نظاما صوتيا ابتدعه بنفسه ، وهداه إليه علمه بالأصوات ، فاعتمـد مخارج الحروف وسمي كتابه بـ "العين" لأنه بدأ بصوت العين ) ص 13 0
و كان أمام الخليل الترتيب الأبجدي الذي يبدأ ( أبجد ، هوز )،والترتيب الهجائي أو الفبائي الذي يبدأ ( ا ، ب ، ت ) ، وله أن يختـار أحدهما قي ترتيب معجمــه ، لكنه لم يأخــذ بأحــد هذين الترتيبين ، واعتمد على خبرته الواسعة ، في مخارج الحروف الصوتية ، ليبدأ بالعين 0
في موضوع ( مخارج الحروف ) يقول الدكتور الحلي : ( بدأ بالعين لا لأنها أول الحروف مخرجا ، ولكنها أول الحروف نصاعة ) ص15 0
إن ما وصل إليه الخليل من ترتيب الحروف ، والذي لم يصل إليه من ســبقه من الباحثين ، والدارسين ، يؤكد انه كان على دراية ، ومعرفة ، بأصوات الحروف ، بل يذهب الدكـــتور الحلي إلى القول : ( كان يعرف قبـل أن يعرف المحدثون أن تيار الهواء الخارج من الرئتين هــو ســبب حصول الصوت ) ص 16، ولذا كان الخليل يهتم بصوت الحرف اهتماما كبيرا ويؤكد على ذلك بمحاضراته التي كان يلقيها على طلابه أثناء الدرس 0
كان الخليل يتذوق الحرف في موضع سكونه ، فيؤكد ذلك ابن جنــي (ت 392هـ) بالقول : ( لأن الحركة تقلق الحرف عن موضعه ومستقره ، وتجذبه إلى جهة الحــرف التي هـي بعضـه ) ص 19 0
وأوضح الدكتور الحلي الطرق التي اعتمدها الخليل في تصنيف الحروف ،حتى وصل إلى إن علماء الصوت في العصر الحديث ، وبإمكاناتهم التكنولوجيا المتطورة : ( اتفقـــوا مع الخليــل وسـيبويه في تحديد مخرج الهمزة ) ص 22 ، وبعد توضيحات لموقع وصوت كثير من الحروف عند الخليل ، قال الحلي ( واضح ان الخليل كان يريد الصوت ولــم يســتعمل مصطلح الصـوت ) ص 31 ، ووضع لنا جدولا بالحروف العربية ، فبدأت بالعين وانتهت بالهمزة في ترتيب الخليل ، وبدأت بالهمزة وانتهت بالواو في ترتيب سيبويه (ت 180هـ ) ، وترتيب ابن جني 0
وفي موضوع (صفات الحروف) في بحث الدكتور الحلي يقول : ( وجد الخليل وهو يتذوق الحروف أنها تختلف في صفاتها وخصائصها فهي ليست من طبيعة واحدة ) ص 37، ولذا قسمها على قسمين : هوائية وهي الواو والياء والألف اللينة والهمزة ، وســمّيت هوائية ،لعدم وجود حيز تنسب إليه ، والصحاح هي ما بقي من حروف العربية ، وهو التقسيم الذي (سـار عليه العلماء من بعده وتابعهم المحدثون في تقـسيم الحروف ، على صوامت وصوانت ، فالحروف الصحاح عنــد الخليل هي الصوامت عند المحدثين ، والهوائية عنده هي الصوانت عندهم ) ص 38 0
عندما وجد الخليل إن ( الراء واللام والنون ) ، تخرج من ذلق اللسان ، سماها ذلقية ، وان ( الفاء والباء والميم ) من بين الشفتين سماها شفوية ، وقسم ما بقي من حروف إلى (الطلق) وهما (العيـن والقاف) ، ويعتبرهما أطلق الحروف ، وأضخمها جرســا ، و (الصتم) وهـي ما بقـي مـن الحروف 0
وعندما انتقل بنا الحلي إلى ( ائتلاف الحروف ) ، أوضح قائلا : ( لاحــظ الخليل إن بعض الحروف قد تدخل في بعضها فتفنى ويحصل الإدغام وبعضها قد تستبدل بغيرها ،فيحصل الإبدال أو الإعلال ) ص 50 ، وأســهب الدكــتور الحلي في عشر فقر ، لتوضيح رأي الخليل في ائتلاف حروف ، وعدم ائتلاف أخرى ، ثم انتقل إلى خاتمة البحث ، فوجد أن الخليل بن أحمــد الفراهيدي رائد علم الصوت الذي اهتدى به الدارسون من بعده 0
وضع الدكتور الحلي نتائج بحته التي توصل إليها ، في (12) فقرة ، حيث توصــل إلـى أن ترتيب الخليل للحروف على أساس مخارجها ، لم يسبقه إليه غيره ،وكان الخليل ( قد بني دراسته الصوتية على دراسة الصوت مفردا كان أم مركبا على منهج علمي موضوعي ، وسار المحدثون على منهجه ) ص 58 ، والخليل ( أول من قسم الكلمات على صحيح ومعتل ) ص59 ، وتوصل إلى الإدغام ، والإعلال ، والإبدال ، التي هـي : (ظواهر صــوتية تترتب على ما للأصوات مــن خصائص ) ص59 0
اعتمـد الـدكتور حازم ســليمان الحلي (59) مصدرا ، لانجاز بحثه ، وصدر كتابه عن دار الفرات للثقافة والإعلام في الحلة 0
البريد الالكتروني ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ almosawe.mahmood@yahoo.com
سلم الى محمد علي ناصر يوم الثلاثاء 12 /2 / 2013م
نشر في جريدة الغد (173) يوم الاثنين 25/2/2013م ص5 الثقافية |