أن الأنهيارالأمني الكبيروالمخيف الذي يضرب البلاد طولا وعرضا ومنذ أكثرمن شهرين في العاصمة بغداد وباقي المحافظات حيث كثرة وشدة التفجيرات التي تحدث يوميا أو بين يوم وآخر على أحسن تقدير!! أثارت قلقا كبيرا لدى عموم الناس بأن القادم من الأيام سيكون أسوء وهناك شيئا ما سيحدث قريبا؟!!بعد ان تيقنوا بأن الحكومة أصبحت آيلة للسقوط في أية لحظة بسبب الأنهيار الواضح الذي تمر به البلاد؟!ويتضح ذلك من كثرة السيطرات الأمنية التي يتم نصبها داخل العاصمة وأطرافها وحالة الفوضى التي يشعر بها الجميع! والأهم هو كثرة التحصين الذي تشهده المنطقة الخضراء معقل الحكومة وقياداتها مدنيا وعسكريا ،ومن الطبيعي وسط هذه الأجواء تعود الى الأذهان فكرة ونغمة المؤمرات والأنقلابات العسكرية!! لا سيما وان رياح (الفريق السيسي) المصري سرعان ما وصل هفيفها على العراق!!، ومن الطبيعي أن البعثيين سيتصدرون مشهد وصورة المتآمرين لما عرف من تاريخهم بذلك؟! ليس في عقل الحكومة ومن السياسيين حسب ولكن حتى لدى غالبية الناس، لا سيما وأن أصابع الأتهام تشير الى أشتراكهم مع تنظيمات القاعدة في كل العمليات الأرهابية التي حدثت في العراق منذ سقوط النظام السابق ولحد الآن سواء أكان بأشتراك مباشر أومن خلال تقديم الدعم اللوجستي أو الأمني أو المخابراتي! وهذا ما دأبت الحكومة على أعلانه في بياناتها.
وعلى الرغم من مرور أكثرمن عشر سنوات على سقوط النظام السابق الذي قاده حزب البعث في العراق ، ألا أن البعث كحزب وأسم لا زال يثير حالة من القلق والكثير من الهواجس لدى الحكومة والأحزاب المؤتلفة معها!.لا سيما أذا علمنا أن بعض قيادات الحزب العليا السياسية والعسكرية والأمنية والمخابراتية قد أستطاعت الأفلات من قبضة القوات الأمريكية سواء بدون علمها أو بضوء أخضر منها!؟(الأمريكان بعد السقوط وضعوا وزير الأعلام السابق محمد سعيد الصحاف في طائرة خاصة مع عائلته معززا مكرما وأرسلوه الى أحدى دول الخليج! وهو الذي ظل يشتم الأمريكان عبر الفضائيات حتى قبل دخول قواتهم الى بغداد!!).القيادات البعثية الهاربة ألتجأت الى دول الجوار وبعض الدول العربية وحتى الى أمريكا نفسها وكذلك عواصم الدول الغربية والأوربية!وهناك أيضا بعض القيادات العسكرية من ذوي الرتب الكبيرة تم الأستفادة منها من قبل الحكومة في الكثير من المؤسسات العسكرية بسبب خبرتها. . وقد وفرت بعض الدول مثل(سوريا- قطر- ليبيا- اليمن- الأمارات- مصر- الأردن) للقيادات البعثية التي ألتجأت أليها كل الدعم المالي والأمني والأعلامي والسياسي من أجل أعادة نشاطها!!. وأذا كان تنظيم القاعدة الأرهابي يمثل العدو الأول والخطر الأكبرعلى العملية السياسية وحالة التغيير التي حدثت بالعراق من بعد سقوط النظام السابق بتبنيه لكل أعمال العنف التي جرت وتجري ضد مؤوسسات الدولة وشخوصها من مسؤولين وسياسيين وحزبيين وهذا لايختلف عليه أحد ليس بحسب بيانات الحكومة ولكن بأعتراف الكثيرين ممن ألقي القبض عليهم من المنتمين لذلك التنظيم.ألا أن الكثير من العراقيين تساورهم الكثير من الشكوك في مصداقية بيانات الحكومة بأن البعثيين لهم اليد الطولى في كل ماجرى ويجري منذ سقوط النظام السابق ولحد الان والناس ترى في ذلك شيئا من العداء التاريخي بين الحكومة (الشيعية وتحديدا حزب الدعوة) وبين حزب البعث!! . ولكن الأحداث المهمة التي جرت في شهر تشرين الأول 2012 المنصرم أماطت اللثام وأزالة الكثير من الشكوك وعدم المصداقية لدى العراقيين عندما أعلنت الحكومة ألقاء القبض على أكثر من 600 شخص ومن مختلف الشرائح أعترفوا بأنتمائهم لحزب البعث وحسب بيانات الحكومة وان هؤلاء يعملون من أجل أسقاط الحكومة الحالية!! لا سيما وأن بعض الفضائيات أظهرت أعترافاتهم تلك!. كما شهدت الفترة نفسها أعلان الحكومة ألقاء القبض على بعض الخلايا البعثية تروج لأفكار حزب البعث عبر توزيعها المنشورات، والملفت للأنتباه ان الكثيرممن ألقي القبض عليهم هم من مدن الجنوب والفرات الأوسط التي تشهد نشاطا ملحوظا لحزب البعث!!. وأيضا أعلنت الحكومة في حينها وعلى لسان وكيل وزير الداخلية عن ألقاء القبض على مجموعة بعثية
كانت تروم القيام بهجوم على المسرح الوطني الذي كان يشهد عرضا مسرحيا من أجل
السيطرة عليه وأحتجاز المشاهدين كرهائن مقابل أطلاق سراح ال(600) المعتقلين!!.
نخلص مما ذكرناه آنفا بأن اتهام الحكومة وعبر بياناتها بضلوع البعث بأعمال العنف التي تشهدها مدن العراق بين الحين والآخرلم يكن من باب (البروباكندا) السياسية والأعلامية ضد البعث حسب ما يذكر بعض السياسيين وشيوخ العشائرمن محافظات الأنبار وديالى والموصل و صلاح الدين تحديدا والذين يمثلون غطاء سياسيا وأعلاميا للبعثيين ويدافعون عنه بصورة علنية و غير علنية! والذي لم يعد ذلك خافيا على أحد. نعود الى صلب الموضوع: وهو هل حزب البعث فعلا قادر على العودة ثالثة الى الحكم وكيف يتم ذلك؟، بدأ لا أعتقد ان عاقلا يمكن أن يصدق بأن من ألقي القبض عليهم من البعثيين وعددهم اكثر من (600) شخص كانوا يرومون أسقاط الحكومة! ليس من باب التشكيك ببيانات الحكومة ولكن للأسباب التالية:
1- من الناحية العملية والتقليدية ان أسقاط الحكومة يحتاج الى سلاح ثقيل(دبابات –طائرات – اضافة الى عدد من الألوية والفرق العسكرية ) ولا أعتقد ان مثل هذه الأمكانيات متوفرة لدى البعثيين. نعم قد يكون هناك في الجيش موالين للبعث ولكنهم من الرتب العسكرية الصغيرة ولا يمتلكون ذلك التأثير القوي والفعال الذي يمكنهم من أسقاط الحكومة!.
2- لو كانت مثل هذه النوايا موجودة والأمكانيات متوفرة لكانت قد حدثت اثناء وجود الأمريكان وبمباركة منهم فهم أصحاب الحل والعقد بالشان العراقي كانوا وسيبقون! فهم لم ولن يسمحوا بذلك أبدا! فقط جعلوا من بقايا القيادات البعثية أشبه بسكين في خاصرة الحكومة للضغط عليها وتخويفها متى ما أرادوا ذلك!!
3- أن رئيس الحكومة هو نفسه القائد العام للقوات المسلحة كما انه يدير وزارة الدفاع والداخلية وكالة! وهذا يعني من الناحية العملية والأوامر العسكرية ان حركة أية قطعة عسكرية او حتى سرية مشاة صغيرة لا تكون ألا بأمر وبعلم منه!.
4- أن جميع قواد الفرق والألوية والأفواج هم من الموالين للحكومة ولرئيس الحكومة حصرا أن لم يكونوا من طائفته!!، وكذلك الأمربالنسبة للأجهزة الأمنية والمخابراتية الأستخبارية.
5- أن الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة العربية والتي تشهدها حاليا أثرت بشكل كبير على تواجد البعثيين في تلك الدول فغالبيتهم هربوا من ليبيا بعد سقوط نظام القذافي الذي كان خير داعم لهم ونفس الشيء تشعر القيادات البعثية المتواجدة على الأرض السورية بالحرج لما يمر به نظام الأسد والذي أصبح قاب قوسين او أدنى من السقوط وهي تشعر بالخوف من غضبة الجماهير السورية الثائرة على كل بعث سوري كان أم عراقي!.
6- ليس في ذهن الأمريكان الآن التخلي عن دعم الأحزاب الأسلامية بغض النظر عما تكون (شيعية أم سنية) لا سيما وان تقاريرلكتاب ومحللين سياسيين من داخل امريكا يرون فيها أن سياسة امريكا القادمة هو الأستمرار في دعم الأسلام الشيعي في العراق!.
7- حزب البعث لا زال يرتكب نفس الأخطاء السابقة بأستعمال العنف كسبيل للوصول للسلطة و يعتمد على سياسة الغاية تبرر الوسيلة! ، فلم نسمع ولو مرة واحدة أن ادانة صدرت من قياداته للأعمال الأرهابية التي تحدث بالعراق والتي يذهب ضحيتها العشرات والمئات من العراقيين الأبرياء ولو من باب كسب تعاطف الجماهير معها! وهذا مما يؤكد مصداقية الحكومة بأتهام البعث بالتعاون مع تنظيم القاعدة الأرهابي!.
8- على الرغم من وجود خلافات داخل التحالف الوطني (المجلس الأعلى –التيار الصدري – حزب الدعوة) ألا أنهم متفقين تماما برفضهم أي تساهل مع البعثيين!.
لذا ان مسالة عودة حزب البعث ثالثة لأستلام السلطة في العراق هي محض هراء! في ضوء التحولات التي تشهدها المنطقة العربية، فحزب البعث وكيفية وصولهم للسلطة في عام (1963 و1968) بدعم امريكي!!( مذكرات الكثير من البعثيين) تحت شعارات العروبة والقومية كلها أصبحت اوراق قديمة أستهلكت مفعولها ومضامينها،فلا عودة لحزب البعث الى السلطة ثالثة مهمها كانت الظروف.!