• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الحيدري المفسر الحلقة الاولى .

الحيدري المفسر الحلقة الاولى

 بسم الله الرحمن الرحيم

 سؤال الملائكة وليس اعتراضها
 
كثيرة هي السقطات التي وقع ويقع وسيقع فيها الحيدري ما دام لم يرجع الى الله تعالى ويتوب عن الكبر الذي في نفسه، فإن الكبر يقود العبد الى مهالك لا نهاية لها، وأول المتكبرين ابليس اللعين، فيقود اتباعه الى خطيئته فيجعلهم من المتكبرين، وبهذا يهلكهم اشد الهلاك وافظعه في الدنيا والاخرة.
 
فهذا الحيدري المدعي انه العارف بكل العلوم ومنها التفسير يُظهر جهله، وسنستعرض في هذا المقال كيف يقوده علمه واغتراره بنفسه في سقطات تضحك الثكلى، ويتبرأ منها الجهل لفظاعتها وشناعتها.
 
ولسنا بصدد سقطاته في كل تفسيره وإنما نتطرق إلى هذا المقطع كأنموذج مِن تفسيره وعليه قس ما عداه. 
 
وأذكر التعليق على هذا المقطع في نقاط:
 
الأولى:
 
في هذا المقطع يؤكّد الحيدري على انّ الملائكة قد اعترضت على الله تعالى، عندما خلق آدم عليه السلام قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} - البقرة - الآية - 30 .
 
وقال ان الملائكة لم تستفهم بل اعترضت.
 
وأقول:
 
إن الملائكة معصومون، فهل عصمتهم لا تمنعهم من الاعتراض على الله تعالى!!!
 
إنّ عامة المسلمين يعتقدون بعصمة الملائكة والتجري عليهم بانهم يعترضون على الله تعالى هو خلاف العصمة ويجر الحيدري إلى إنكار عصمتهم، والاعتقاد بعصمة الملائكة مما يعلمه الجاهل والعالم، كما أنّ الآيات صريحة في عصمتهم، وإنكاره كفر لكونه انكارا لضرورة من ضروريات الدين الاسلامي وتكذيبا للآيات ومنها قوله تعالى: (يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون ) و (بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون) و (يسبحون الليل والنهار لا يفترون).
 
ومن هنا نقول: إن الملائكة كانت تستفهم باستغراب عن جعل الإنسان في الارض وهو فيه القابلية للإفساد في الأرض وإراقة الدماء، مع أن الملاكة تعبده وتنزهه وتثني عليه فتمنت أن تكون هي التي تعبد الله في الأرض.
 
وسؤالهم هذا واستغرابهم وتمنيهم وإن لم يكن منافياً لعصمتهم إلا أنه كان ينبغي لهم الأفضل وهو التسليم دون سؤال، ومن هنا كان استفهامهم مقتضيا لتوبتهم واستغفارهم، ولقد قيل: إن حسنات الابرار سيئات المقربين، فإن مجرد السؤال والاستغراب والتمني وإن لم يكن خطيئة لغير المعصوم، إلا أنه مما لا يليق بالمعصوم.
 
وهذا مِن قبيل ما هو متعارف من عدم قبول السؤال من الجندي عند صدور الامر اليه من الضابط، فإن سؤاله واستفهامه وإن كان غير مقبول منه إلا أنه لا يُعدّ اعتراضاً ولا يُعدّ عصياناً للأمر الموجه إليه.
 
ولنقرأ ما في علل الشرايع للشيخ الصدوق ج1 ص104 بسنده عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: 
 
قال أمير المؤمنين (عليه السلام):( ان الله تبارك وتعالى... قال للملائكة انظروا إلى أهل الأرض من خلقي من الجن والنسناس فلما رأوا ما يعملون فيها من المعاصي وسفك الدماء والفساد في الأرض بغير الحق عظم ذلك عليهم وغضبوا لله وأسفوا على الأرض ولم يملكوا غضبهم ان قالوا: يا رب أنت العزيز القادر الجبار القاهر العظيم الشأن وهذا خلقك الضعيف الذليل في أرضك يتقلبون في قبضتك ويعيشون برزقك ويستمتعون بعافيتك وهم يعصونك بمثل هذه الذنوب العظام، لا تأسف ولا تغضب ولا تنتقم لنفسك لما تسمع منهم وترى، وقد عظم ذلك علينا وأكبرناه فيك.
 
فلما سمع الله عز وجل ذلك من الملائكة قال: إني جاعل في الأرض خليفة لي عليهم، فيكون حجة لي عليهم في أرضي على خلقي.
 
فقالت الملائكة: سبحانك، أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، وقالوا: فاجعله منا فإنا لا نفسد في الأرض ولا نسفك الدماء.
 
قال جل جلاله: يا ملائكتي إني أعلم مالا تعلمون إني أريد أن أخلق خلقا بيدي أجعل ذريته أنبياء مرسلين وعبادا صالحين وأئمة مهتدين أجعلهم خلفائي على خلقي في أرضي ينهونهم عن المعاصي وينذرونهم عذابي ويهدونهم إلى طاعتي ويسلكون بهم طريق سبيلي...).
 
فالملائكة إنما غضبت لله، وأحبت ان تعمّر الكون بالطاعة، وسألت الله تعالى عن فعله، ولم تعترض، ولو أن الحيدري استند للروايات لما وقع في مثل هذه السقطات ولكنه اقصاها فأُقصي عن المعرفة.
 
ولنختم هذه الحلقة بما ذكره السيد الطباطبائي في تفسير الميزان ج1 ص115 : (وهذا الكلام من الملائكة في مقام تعرف ما جهلوه واستيضاح ما أشكل عليهم من أمر هذا الخليفة، وليس من الاعتراض والخصومة في شئ والدليل على ذلك قولهم فيما حكاه الله تعالى عنهم: انك أنت العليم الحكيم حيث صدر الجملة بأن التعليلية المشعرة بتسلم مدخولها فافهم).
 
جزى الله علماءنا الابرار عنا خير الجزاء
 
واخر دعوانا ان الحمد لله وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
 
رابط المقطع:
 
http://cutt.us/NdER
 

 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=35819
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 08 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12