
قبر القديس بطرس بين الحقيقة والخيال. اسطورة كعبة الفاتيكان .
لم يذكر الكتاب المقدس أن (بطرس) سافر إلى روما . ولم تؤيد المراجع ذلك .لأن يسوع المسيح امره أن يكون في فلسطين ويبني كنيسته على الصخرة التي اشار له عليها .ولم يفكر بطرس يوما أن يذهب إلى روما وهو صياد متواضع من مدينة الجليل ولكن في سنة (1950) فاجأ البابا (بيوس الثاني عشر) الناس باعلانه عن اكتشاف ضريح القديس بطرس في روما!!؟.
كنيسة يسوع أولا .
حاضرة الفاتيكان قبلة المسيحية في العالم ومكان (حجهم الأكبر) هل هي فعلا بهذه المواصفاة وهل هي فعلا مكان مقدس ومدفن لشيخ الرسل ورأسهم (بطرس)؟
التاريخ لا يقول بذلك ولا اي مرجع آخر يزعم بأن الفاتيكان مكان مقدس او مدفن لمعتمد يسوع . بل أن جميع المراجع التاريخية اجمعت على أن أصل الفاتيكان مكان وثني بامتيار وإلى هذا اليوم. ثم تحولت تلة الفاتيكان إلى مكان لدفن المجرمين.
قبل ميلاد يسوع المسيح بسنوات أنشأ الإمبراطور الوثني (آغريبّا) معبد ((البانتيون)) في روما ، إيطاليا الحالية ،وذلك نحو سنة (27) قبل ميلاد يسوع المسيح . ثم أعاد بناءه (هادريان) نحو سنة (120) بعد الميلاد. ومعبد البانتيون من بين الأنصاب الوثنية الكثيرة التي لا تزال كما هي وتُمثل الواجهة الامامية التاريخية للفاتيكان الحالي.
جمع الامبراطور(آغريبا) و(هادريان) فيما بعد كل اصنام الآلهة الوثنية ووضعها في البانتيون لتوحيد العبادة .فكان هذا المكان وثنيا بامتياز.
ثم استعار هادريان (مسلة نصب الشيطان) من الوثنيين وهي المسلة الحالية التي تتوسط ساحة الفاتيكان والتي لا تزال على حالها ، لا يزال التعبد لهذه المسلة الشيطانية قائما.حيث يؤدي البابا صلاته من شرفته في الفاتيكان امام الجموع كل يوم أحد مشيرا للمسلة بعلامة الصلاة.
في سنة (609) بعد الميلاد، أعاد البابا (بونيفاس) تدشين هيكل البانتيون بعد اجراء اصلاحات عليه ثم رسمه ((كنيسة رسمية لعموم الديانة المسيحية)) مع الابقاء على كل الاصنام والنصب الوثنية والشيطانية والتي لازالت إلى هذا اليوم قائمة ولكن تم تغيير اسماءها إلى (القديسين) ثم أطلق البابا بونيفاس على البانتيون في بداية الأمر إسم (كنيسة سانتا ماريّا روتُندا) . وذكرت المجلة الإيطالية اليسوعية (لا تشيفيلتا كاتوليكا) : (( أن الاستعمال الخصوصي للهيكل الذي كان البابا بونيفاس يفكر فيه كان تمجيد جميع شهداء الحقل المسيحي ، او بالأحرى جميع القديسين ، وقبلهم جميعا أم الله العذراء)). (1) والمقصود بالقديسين هي تماثيل البانتيون الوثنية التي ابقى عليها الامبراطور هادريان.
أما اليوم فقد أعطت الكنيسة الرومانية الكاثوليكية اسمان للبانتيون هما (سانتا ماريّا آد مارتيوس) أو (سانتا ماريّا روتُندا)، وهما اسماء يرمزان إلى النصب الشيطاني الجاثم على مدخل الفاتيكان في ساحته المقدسة العامة.
إذن مما تقدم فإن (الفاتيكان) حتى سنة (609) بعد الميلاد ـــ بعد بعثة الرسول في الجزيرة العربية ـــ كان معبدا وثنيا. أي بعد رحيل يسوع بأكثر من ستمائة عام ، كان هذا المكان معبدا وثنيا تجتمع فيه كل نصب وتماثيل العبادات الباطلة. فماذا كان يفعل (رأس الرسل وشيخهم بطرس) هناك ؟؟ولماذا هذا الزعم بأنهم مات ودُفن هناك؟ علما أن بطرس مات بعد رحيل المسيح ببضع سنوات ..
في سنة (1950) أعلن راديوا الفاتيكان البشرى السارة بأنهم عثروا على ضريح القديس بطرس شيخ الرسل ومالك مفاتيح الملكوت تحت ابنية الفاتيكان وكان البيان الأول اذاعه البابا بيوس الثاني عشر شخصيا .
فخلال سنوات طويلة كان هدف الحجاج من زيارة روما هو اللقاء بخليفة بطرس (البابا) ونيل بركته وغفرانه. ولكن بماذا يُبرر الفاتيكان وجود كنيسة يسوع في روما وليس في أورشليم (فلسطين) كما اوصى يسوع . لأن النص المقدس صريح واضح لا غبار عليه يسوع يأمر وصيه بطرس أن يبني كنيسته في أورشليم على الصخرة المقدسة كما في إنجيل متى 16: 18 ((وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي. وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاوَاتِ)).
إنها مغريات هائلة ومسؤوليات يسيل لها اللعاب يسوع يعطي امكانية لمن يجلس في كنيسته بأن يكون نائبه في الأرض كل ما يحله ويربطه في الأرض ، يجده محلولا او مربوطا في السماء . نائب يسوع يمتلك مفاتيح ملكوت السماوات يمتلك صلاحية ادخال كل من هب ودب إلى السماء حتى لو جاء بجرائم وذنوب الثقلين.
فكما نعلم أن يسوع قال لبطرس : على هذه الصخرة تبني كنيستي .. أي في فلسطين . ولكن المسيحية انتقلت إلى روما بانتقال (بولس) إليها. فبولس يُعتبر مؤسس المسيحية الحقيقي هذا اليهودي المارد الذي زعم انه رسول المسيح وان الوحي الروح القدس ينزل عليه وجاء بإنجيلا لم اقرأ في حياتي كتابا (ارك اسلوبا) منه ولم ار مثيلا لخزعبلاته حتى في مقامات الحريري وقصص ألف ليلة وليلة. فمن اجل سواد عيون (بولس) شاول الطرسوسي ، عمد الآباء إلى تأسيس كنيسة يسوع في روما على قبر بولس زاعمين انه قبر بطرس مخالفين بذلك رغبة يسوع الأخيرة بأن تكون له كنيسة مقدسة في أورشليم. طبعا وهذا يعرفه كل مسيحيوا العالم حيث يعرفون بأن كنيسة يسوع كانت في فلسطين حتى الفتح الإسلامي ــ سنة 15 هجرية ــ عندما فتحت فلسطين على عهد عمر بن الخطاب وكتب لهم العهدة العمرية لبطريرك القدس صفرونيوس والتي من شروطها أن لا يدخل يهودي إلى البيت المقدس. وهذا يعني ان كنيسة يسوع كانت في فلسطين حتى سنة (638) ميلادية بينما كان الفاتيكان في روما او البانتيون وثنيا حتى هذه السنة.
إذن أين هي الحقيقة . وهل دُفن بطرس في روما ؟
نسبة عالية من مثقفي المسيحية وعلمائها ينكرون ان يكون بطرس دفن في روما . وهذا ما تؤيده كل عمليات التنقيب الفاشلة والخائبة التي أجريت تحت الفاتيكان. فقد بدأت عمليات التنقيب للبحث عن ضريح بطرس سنة (1940) ودامت عشر سنوات وبعد هذه السنين تفاجأ الآباء المقدسين أنهم وجدوا مدفنا وثنيا يحتوي على ضرائح عديدة وتماثيل مدفونة مع الموتى!.
واستمر البحث ليجدوا تحت المذبح البابوي الحالي مباشرة (أيدكيولا) وهي كوة او مدفن مصممة لوضع التماثيل والصور. وفي هذا المدفن تم العثور على عظام كثيرة مدفونة هناك معها تماثيل لآلهة روما . ولكن في سنة (1968) أعلن البابا بولس السادس اكتشاف (البقايا البشرية للقديس بطرس الجديرة بالتعبد والتوقير)؟!.
ولكن يأبى الله إلا أن تخرج الحقيقة كاملة لكي تكشف خداع رؤوس الكنيسة الكاثوليكية للناس والتمويه عليهم من اجل الكسب المادي. فبعد اذاعة البيان احتج عالم الآثار الكاثوليكي (انطونيو فِرووا) وهو يسوعي شارك في عمليات التنقيب ، وقال : ( إنه لم يُسمح له بنشر كل ما يعرفه عن الموضوع ). فتم اسكات هذا العالم وإلى الأبد.
وكانت المفاجأة الثانية عندما نشر الكردينال الكاثوليكي (يوبار) تقريرا في دليل روما سنة 1991 قال فيه : ( أن الفحص العلمي للعظام البشرية الموجودة تحت اساسات الحائط الأحمر لم يَبدُ أنه يمت بأي صلة إلى الرسول بطرس) . ولكن نذالة الآباء أبت إلا أن تستمر في غيها ، حيث ظهرت الطبعات الجديدة من كتاب : دليل روما لسنة 1991. وهي خالية من تصريحات الكردينال يوبار حيث تم حذفها ووضع مكانها جملة تقول : (حقيقة ثابتة: بطرس في كاتدرائية القديس بطرس). (2)
ولكن ماهي الحقيقة التي تم اخفائها بأمر من البابا بولس السادس؟
الحقيقة هي أن الذي تم اكتشافه تحت (الكوة) هو ((قبر لمجرم خطير كان اشهر من قيصر روما نفسه، عاش في تلك الفترة فالبقايا البشرية التي تم العثور عليها تعود للمجرم (برغرينُس) الذي ازعج روما بأسرها بغاراته )). (3) ومن خلال هذا يتبين ان الفاتيكان إنما يعود في اصوله معبد للوثنيين وان المكان المقدس الوحيد فيه هو قبر لمجرم خطير تم اعدامه من قبل امبراطور روما.
لابل أن اللاهوتي (أوسكار كولمان) يذهب أبعد من ذلك عندما يقول : لا تُعين عمليات تنقيب الفاتيكان مطلقا ضريح بطرس. وإنما تم العثور على العظام في مقبرة وثنية كانت على تلة هي الآن تلة الفاتيكان . (4) والرب انه مكان شيطاني بامتياز .
اضافة إلى كل ما تقدم فإن المؤرخ الدكتور : د . و . اوكونر يقول : لا تذكر المصادر الباكرة والجديرة بالثقة مكان استشهاد بطرس . ولكن المراجع والمصادر الحديثة والتي اشرف على تأليفها الفاتيكان تتفق على أن ضريح بطرس في الفاتيكان. وهذا رأي مؤسس على تقاليد غير جديرة بالثقة.دفعت بسطاء الناس أن يؤمنوا باخلاص أن قبر بطرس في الفاتيكان. لابل أن مراكز اكليريكية مختلفة من اجل تحقيق فوائد مادية زعمت أن لبقايا جسد بطرس قوى عجائبية فاندفع الناس بمئآت الألوف للحج إلى الفاتيكان وزيارة ضريح بطرس.
المشكلة أننا نعجب من الحضارة التي بلغها الغرب المسيحي ولكننا لا نتعجب من بقاء هذا الغرب على الخرافات وهي تسير جنبا إلى جنب مع مظاهر الرقي والتحضر . فكيف ذلك ..
يقوم الحجاج إلى قبر بطرس في الفاتيكان بشراء قطع قماش خاص يُباع هناك في الفاتيكان من خاصية هذا القماش أنه يُعيّن وزن البركة التي سوف يحصل عليها الحاج على قدر إيمانه . حيث يقوم الحجاج برمي قطع القماش هذه على القبر (بعد وزنها بعناية) وكتابة اسم الحاج عليها . فإذا كان إيمان الحاج راسخا وقويا ، فستمتلئ قطعة القماش عند استردادها ( من الفضيلة الإلهية) وسوف يزداد وزن قطعة القماش . يعني إذا كان وزن قطعة القماش قبل رميها على الضريح (100) غرام . فعند استردادها سيكون وزونها (250) غرام او اكثر حسب إيمان الشخص . وهناك حكاية تقول بأن البابا عندما رمى (خرقته) على القبر كان وزنها( 100) غرام ولكن عند محاولة استردادها لم يستطع أربعة من الكرادلة حملها لثقل البركة التي حلت بها ..
على مر السنين ساهمت هذه الخرافات والتقاليد إلى زيادة هيبة كنيسة الفاتيكان الكاثوليكية على حساب الكنائس الأخرى التي كانت اكثر شهرة منها. وقد وقف كثيرون من المنصفين ضد مزاعم الفاتيكان هذه ودفعوا ثمنا غاليا جراء معارضتهم . ومن هؤلاء (الولدووين) الذين اوضحوا بأن بطرس لم يذهب إلى روما قط مستدلين بذلك باقوال الكتاب المقدس نفسه. وكذلك ذهب مؤيدوا الإصلاح البروتستانتي إلى ذلك وانكروا ان يكون بطرس قد ذهب إلى روما ويقولون : كيف يُخالف بطرس قول الرب يسوع بأن يبني كنيسته في اورشليم على الصخرة . ثم يذهب إلى روما . (5)
الأدلة النافية لذلك من الأنجيل .
بعد اكثر من ثمانية عشر عاما على رحيل يسوع قال بولس في انجيله بأن بطرس كان معه في أورشليم ــ فلسطين ــ كما جاء في رسالة بولس إلى اهل غلاطية 2 : 1- 9 . (( ثم بعد أربعة عشر سنة صعدت أيضا إلى أورشليم مع برنابا وأخذت معي تيطس ...كما بطرس على إنجيل الختان.فإن الذي عمل في بطرس لرسالة الختان عمل أيضا للأمم)).
لا بل أن الكتاب المقدس يخبرنا بأن بطرس ذهب إلى العراق وبالذات إلى منطقة بابل (6) الضاحية الجنوبية لكاريبلا حيث بعث برسالة من هناك يقول فيها كما في رسالة بطرس الرسول الثانية 5 : 13 ((تُسَلِّمُ عَلَيْكُمُ الَّتِي فِي بَابِلَ الْمُخْتَارَةُ مَعَكُمْ، وَمَرْقُسُ ابْنِي)).
يضاف إلى ذلك أن بولس الرسول كتب رسائل كثيرة من روما وارسلها إلى اورشليم ففي سنة (60 ــ 61) بعد الميلاد سلم بولس في رسالته على اكثر من (30) عضوا في جماعته من دون أن يذكر بطرس معهم (7).
من كل ذلك يتبين لنا أن ما قام به بابوات الفاتيكان مبني على الخداع والكذب وتزوير الحقائق . فهل يوجد في عالم المسيحية المترامي الاطراف عقل يُفكر قبل أن يُسافروا إلى روما لزيارة ضريح بطرس وهل تقبل عقولهم تقاليد باطلة . وهل ستكون عبادتهم مقبولة من الرب يسوع .
ألم يُحذركم الرب يسوع عندما اوصاكم قائلا : (( احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان،ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة)).
ثم لماذا لا يتم تقديس مكان ولادة يسوع او مكان قبره في فلسطين التي ولد وترعر فيها ولماذا يتم اعطاء بطرس هذه الاهمية الفائقة على حساب النبي يسوع المسيح وأمه الصديقة؟؟
هذه هي حقيقة قبر بطرس وهذه هي حقيقة الفاتيكان أيها القابع في الفاتيكان وانت تعلم علم اليقين انك تجلس على اوهام ...
إيزابيل بنيامين ماما آشوري . استوكهولم. في 19/8/ 2013 .
المصادر ـــــــــــــــــــ
1- المجلة اليسوعية الإيطالية الأسبوعية (لا تشيفيلتا كاتوليكا) عدد سنة 3/ 1900.
2- راجع كتاب دليل روما فصل قبر بطرس لسنة 1991 تجد ان العبارة تم حذفها واستبدالها ، بينما لا زالت الطبعات القديمة تذكر كلام الكردينال يوبار الذي ينفي فيه وجود قبر لبطرس في روما.
3- انظر كتاب : ضريح القديس بطرس المقدس وعمليات تنقيب الفاتيكان، بقلم جاسلن توينبي وجون وارد بيركينز .
4- انظر أوسكار كولمان . لغز تلة الفاتيكان الفصل الأول منه . المقابر الرومانية الوثنية في روما .
5- وهذا ما ذهب إليه القس انطونيوس فكري في تفسيره لسفر رسالة بطرس الأولى حيث يقول : ثابت تاريخيا أن الرسول بطرس لم يصل إلى روما قبل استشهاده بها بفترة طويلة كافية لإرسال رسالتين ترتيب الولايات كما جاءت في الرسالة من الشرق إلى الغرب، مما يؤيد أن الرسالة كتبت من مكان ما بالشرق .. وهنا يقصد بابل المذكورة في رسالة بطرس.
6- وهذا ما يذهب إليه أيضا القس انطونيوس في تفسيره حيث يقول : كتبت الرسالة من بابل . قيل أنها بابل القديمة فعلا وكان هناك جالية كبيرة في بابل في مدينة عرفت باسم بابل الجديدة إلى جوار خرائب بابل القديمة .
7- انظر رسالة الرسول بولص إلى رومية 1 : 1 ، 7 ؛ 16 : 3 ــ 23 . وفي سنة (65) بعد الميلاد ، كتب بولص ستة رسائل من روما كلها موجودة على انجيله الذي بين أيدينا ولكنه لم يذكر بطرس ولا حتى في رسالة واحدة . ثم كتب من روما رسائل كثيرة إلى اهل افسس ، فيليبي ، كولوسي ، فيلمون ، العبرانيين ، ثم إلى تيموثاوس . وفي هذه الرسائل كلها لم يذكر بولص إسم بطرس .. |