العنوان أعلاه هو عنوان مُقَيْلَةٍ نُشِرَتْ قبل فترة في موقع صوت كردستان المؤقر ، أما كاتب المُقَيْلَة فهو مجهول بمجهوليته وجهله وجاهليته ، وما ورد فيها من جهالات فهي مرفوضة رفضا قاطعا في الاسلام ، وهي مرفوضة أيضا جملة وتفصيلا كما سنرى بعد قليل ، ثم إنها لاتليق إلاّ بالمستوى المعرفي والثقافي الضحل لكويتبها الذي جمع في آن واحد بين الجهل والحقد ، وبين الأمية الثقافية والكراهية ..
فحينما تتمركز عند هذا المجهول ، أو غيره من المجاهيل والمجهولين المختبأين خلف الأسماء المستعارة حالات الحقدية محل العلمية ، والكراهية محل التسامح ، والكيدية محل الموضوعية ، والبغضائية محل النقد والتحقيق والبحث والأمانة العلمية والأخلاقية ماذا ينتظر منه ، أو منهم ماذا يُنْتَظَرُ أكثر ذلك ، فهل نجني من الشوك العنب ، أو الزهور ...!
لقد ذكر المجهول بعض الروايات والأخبار من التراث الاسلامي وردت بأن فلانا قال : إن أصل الكرد يرجع الى الجن . في هذا الموضوع ، في منتصف التسعينيات من القرن الماضي نشرت مقالة مفصَّلة كرد على هذه الآثار والأخبار المختلقة والكاذبة الموجودة في بعض كتب التاريخ ، مثل كتاب [ مروج الذهب ] لمؤلفه أبي الحسن بن علي المسعودي ، أو التي وردت في بعض المرويات الحديثية والتراثية .
هنا بتحدٍّ أقول للمجهول ، ولغيره أيضا لو أنه كان صادقا ، أو حقا إنه يعتقد إن ماذهب اليه هو كذلك فلماذا لم يأتنا بآية قرآنية واحدة فقط ، أو حديثا نبويا صحيحا واحدا فقط ، ولماذا خلت كتابته تماما عن أيِّ متابعة وتحقيق لإثراء الموضوع الذي توهَّمه لنكون عليه من الشاهدين والشاكرين ...؟!
إن المصدر الرئيسي الأولي في قبول الاسلام ، أو نقده لابد من الإستناد أولا ، وقبل أيَّ مصدر آخر على القرآن الكريم كمصدر رئيسي أولي ، ثم على متواترات الأحاديث وصحاحها . وهذا مع شرط توافق الأخيرة وتطابقها مع الأيات القرآنية ومراميها ومقاصدها كما جاء في قول رسول الله محمد – عليه الصلاة والسلام – عن ضرورة عرض أحاديثه على القرآن : { ألا إنَّ رَحى الاسلام دائرة } ، فقيل له : فكيف نصنع يارسول الله ؟ ، قال : { أعرضوا حديثي على القرآن ، فما وافقه فهو مني ، وأنا قلته } ! . هكذا إذن ، فالقرآن هو المحك والميزان والقاضي والحاكم على الأحاديث النبوية . لهذا ليس صحيحا أن كل الأخبار والمرويات والأحاديث الموجودة في كتب التراث هي معصومة وصحيحة بالكامل . ويعتبر هذا الحديث ، أي حديث عرض الأحاديث النبوية على القرآن إشارة نبوية تنبُّؤية إستشرافية مستقبلية لِمَا قد يؤولُ اليه وضع الحديث ، أو ربما كثرة التقوُّلُ عليه من بعده . فإذا كان هكذا وضع الأحاديث المنسوبة الى رسول الله محمد – ص – بضرورة عرضها على محك القرآن الكريم وميزانه فمن باب أولى عرض جميع المرويات والأخبار التراثية الأخرى عليه أيضا . وهذا مما جهله المجهول في مقيلته النقلية بإمتياز ، التي قد تكون بلا نظير على الإطلاق .
إن الكاتب المجهول – سامحه الله وهداه الى سبيل العقل والعدل والإعتدال والإنصاف – لم يكتب مقالة أبدا ، بل إنه قد جمع بعض المرويات التي عثر عليها بالصدفة هنا ، أو هناك فقام بصفِّ بعضها وراء بعض ، فالمذكور أجزم بالقطع لم يقرأ القرآن ويجهل قراءته، تاهيك عن فهمه وإستيعابه ، ولا قرأ أيضا تلكم الكتب التي جاءت فيها الروايات التي نقلها في نقله المنشور المذكور ، فهل ياترى تسمى هذه بمقالة ..؟
عليه لاشك إن المقالات تدل على مستوى كاتبها من النواحي العلمية والمعرفية والثقافية والمعلوماتية ، وهكذا على المستويات الأدبية والتهذيبية والإنسانية . على هذا الأساس فلو قمنا بوضع هذه المقيلة وأمثالها من أصحاب الأسامي المستعارة في ميزان النقد السليم ، وعلى محك الغربلة والتحقيق لاآكتسبوا الكثير من الأصفار المتسلسلة الواحدة تلو الأخرى ! .
إذن ، إن هذا النوع من الكتابات والمقالات بالحقيقة هو تقليل من شأن القراء الكرام وتضييع لأوقاتهم في قراءة مقالات لم تضف أيَّ إبداع جديد ، أو كشف جديد ، أو تحقيق جديد في عالم الكتابة والمعرفة والثقافة والنقد وحسب ، بل هو تقليل من ساحة وشأن كل ماذكر ، أليس هذا كافيا كي يرتدع ويخجل هؤلاء ..؟ !
الجنس البشري في القرآن الكريم :
إن الانسان في الاسلام بعمومه هو مخلوق وكائن كريم ومكرَّم وقدير كما جاء في القرآن : { ولقد كرَّمنا بني آدم وحملناهم في البَرِّ والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضَّلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا } الإسراء / 70 ، و : { ياأيها الناس آتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبّثَّ منهما رجالا كثيرا ونساءً ...} النساء / 01
أما على صعيد الشعوب والقوميات فإنها واقعة ضمن التكريم والتقدير المذكور ، مضافاً إنهم من آيات الله سبحانه في الكون ، يقول القرآن في ذلك : { ومن آياته خَلْقُ السماوات والأرض وآختلاف ألسنتكم وألوانكم * إنَّ في ذلك لأيات للعالِمِيْنَ } الروم / 22 و: { ياأيها الناس : إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا * إنَّ أكرمكم عند الله أقاكم } الحُجُرات / 13
و على صعيد الأحاديث النبوية الصحيحة فإنها جاءت متطابقة كما ذكرتها الأيات القرآنية أيضا ، حيث آستشهدنا ببعضها توَّا . يقول رسول الله محمد – ص - : { الناس لآدم وحواء ، إنَّ الله لايسألكم عن أحسابكم ولاأنسابكم يوم القيامة ، إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم } ، و : { الناس بنو آدم ، وآدم من تراب } ، و : { لافضل لعربي على عجمي ، ولا لأبيض على أسود إلاّ بالتقوى } . هذا هو الجنس البشري وأصله وأساسه بمطلقه في القرآن الكريم ، وفي صِحاح الأحاديث النبوية الشريفة كما آستقرأنا مجموعة من شواهدهما عليه ..