• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : اراء لكتابها .
                    • الموضوع : المرجعية الدينية العليا أدوار وجهود يراد تجاهلها .
                          • الكاتب : هيئة مجلة الامين .

المرجعية الدينية العليا أدوار وجهود يراد تجاهلها

 
 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
المرجعية الدينية مفهوم ازدحمت عنده الاطروحات وتباينت حوله النظريات حتى نسجت حوله ظلالا من الشك، كان ثمرته إغفال الدور المشرف، والكثير من الصفحات المشرقة التي تزين هذه المرجعية، وبات المثقف الشيعي معبأ بعلامات الاستفهام حول دور المرجعية في الأمة وأزماتها .
 
والذي يعمق الاشكال هو وجود أشخاص معجبين بأنفسهم دأبوا على ذم مراجع الدين، وأوهموا الناس أنهم هم المصلحون وبيدهم الحل ككمال الحيدري ومن على شاكلته.
 
وبينما كنت أقلب مكتبتي وجدت كتابا مكونا من حلقتين بعنوان (المرجعية الدينية ) لسماحة المرجع الكبير آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم (دام ظله).
 
وفي الحقيقة وجدت فيه إجابة شافية وافية على الكثير من الاشكالات التافهة التي يروجها الحيدري وأضرابه، ويلوث بها أفكار عوام الشيعة المساكين، فيوقعهم في الحيرة والضلالة .
 
ومن جملة ما أسهب السيد الحكيم (دام ظله) في الإجابة عليه هو الشبهة المثارة على المرجعية من أنها منعزلة عن شؤون الناس ومحنهم.
وهذا ما حاول (الحيدري) أن يؤكده في أكثر من حلقة.
 
وهنا أحاول أن أنقل لك -أيها القارئ الكريم- بعضا من كلام السيد (دام ظله) حول هذه الشبهة :
 
قال في الحلقة الثانية من الكتاب ص 100 وما بعدها:
((حث الإسلام أفراد المسلمين عموما على الاهتمام بشؤون المسلمين، حتى ورد أن من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم..... فإذا كان الاهتمام بأمور المسلمين مطلوبا من أفرادهم عموما، فكيف بعلماء الدين ومراجع المسلمين الذين هم الأعرف بأحكام الإسلام وتعاليمه الشريفة....
 
ويشهد على ما ذكرنا أمران معروفان من حال مراجعنا العظام وسيرتهم.
 
(الأول) أن المرجع كثيرا ما يتخلى عن دروسه التقليدية وكثير من التزاماته الخاصة، نتيجة انشغاله بشؤون الناس ومتاعب الأمة؛ لأنها بنظره أهم من تلك الالتزامات التي أفنى عمره فيها اهتماما بها، وألفها في حياته طويلا وأحبها.
 
(الثاني) أن المرجع كثيرا ما يتعرض للمحن والمضايقات من اعداء الأمة والحاقدين عليها، ولولا اهتمامه بأمور الأمة ومشاركته لها في آلامها وآمالها، وسعيه لخيرها، ودفاعه عنها، ومطالبته بحقوقها لما تعرض لذلك. 
بل كثيرا ما يكون هو في واجهة المحنة، وعليه ينصب الحقد والنقمة.
 
وكم وقف علماؤنا الأعلام ومراجعنا العظام من العتاة والظالمين موقف الخصم المدافع عن حقوق المؤمنين المظلومين، والساعي لدفع الظلامات عنهم، واهتموا بمعالجة مشاكلهم، ومواساتهم في محنهم، واصلاح أمورهم، وسد حاجاتهم العامة والخاصة)). 
ثم يشرع السيد حفظه الله ببيان نماذج من دور علمائنا عبر التاريخ في النهوض بهذه الامة، وتثقيفها، وسد حاجاتها، ودفع الخطر عنها .
 
ومن جملة من ذكرهم :
1- المرجع الشهير كاشف الغطاء الكبير الشيخ جعفر (قده) . حيث تشفع عند السلطان فتح علي شاه لإطلاق سراح الأسرى العثمانيين؛ من أجل تخفيف حدة التوتر بين الدولتين.
وكذلك تكلم عن دوره في صيانة النجف الأشرف، ودفع غارات الوهابيين التي كانت تقصده وتكاد تفتك به كما فتكت بكربلاء.
كما تكلم عن كونه مفزعا للمستضعفين وكهفا لهم في الفتنة المعروفة بين فرقتي الشمرت والزكرت في النجف الأشرف.
 
2- الشيخ الجليل صاحب الجواهر (قده) والذي عرف عنه نهوضه للشعب العراقي عند هجوم الطاعون عليهم، ومسارعته لغوثهم ومواساتهم.
وسعيه كذلك بكل جد واجتهاد لإيصال ماء الشرب للنجف الأشرف.
 
3- السيد الشيرازي الكبير(قده) : لما اشتد الغلاء سارع لتخفيف وطأته عن الناس، فعين لكل محلة ولكل فئة جماعة يوزعون الحبوب على المحتاجين، واستمر على ذلك حتى حل موسم الحصاد الجديد وارتفعت الشدة عن الناس.
ولما ذهب الى سامراء نصب جسرا من القوارب على نهر دجلة كلفته ألف ليرة عثمانية؛ لتسهيل عبور الزوار .
 
4- الشيخ محمد طه نجف (قده)، وإنشائه خانا كبيرا ينزله الزائرون للحسين عليه السلام في طريقهم الى كربلاء لتخفيف معاناتهم.
 
5- المرجع الشهير السيد أبو الحسن الأصفهاني، ودوره الكبير في رفع الفقر عن الناس إبان الحرب العالمية الثانية.
 
6- السيد محسن الحكيم في عهد مرجعيته الطويل كان ملجأ للمؤمنين في العراق وخارجه، ودوره في تثقيف الشباب أشهر من أن يذكر.
 
7-السيد عبد الحسين شرف الدين وتأسيسه للكلية الجعفرية في (صور)، من أجل تثقيف شباب جبل عامل.
 
وذكر السيد دام ظله نماذج أخرى من علمائنا العظام ودورهم الكبير .
 
ثم إنه وضع يده على أسباب ودواعي هذه الشبهة -وهي أن المرجعية منعزلة- فكان أبرز سبب لها هو أن المرجعية لا تتصدى غالبا لإحصاء خدماتها، ولا للإعلام عنها والدعاية لها، فكثير من النشاطات التي تقوم بها، والخدمات التي تؤديها لا يطلع عليه إلا من صادف وقوعها على يده أو تواجده حين حصولها، وكثير منها لا يطلع عليه أحد أبدا.
 
كل ذلك لعدم الاهتمام بهذه الأمور بمقتضى الطبيعة الأولية للمرجعية، وإنما المهم تحقق الخدمة أداء للواجب واستجابة للضمير وتقربا إلى الله-.
 
ولا ننسى أن ننوه ونقدر عاليا جهود المرجعية العليا في النجف الأشرف في هذا العصر، إذ كان لها دور في غاية الأهمية لحفظ دماء العراقيين، ودرء الفتن العديدة التي أحاطت بهم، وكذلك دور مؤسسات المرجعية في التصدي للفتن الاعتقادية، ونذكر منها على سبيل المثال : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف إذ كان لها إصدارات عديدة من الكتب والنشرات والمجلات لرد شبهات المدعين زورا للمهدوية واليمانية، مضافا لإقامة الندوات والمحاضرات لدفع شبهاتهم، وكذلك مركز الأبحاث العقائدية، الذي كان ولا يزال يتصدى لدفع شبه الوهابية والنواصب، ويقيم الندوات وينشر البحوث والكتب العلمية، وكان المتخصصون العاملون فيها يعينون كمال الحيدري في إعداد وتهيئة المواد العلمية ، حينما كان يتصدى للرد على السنة، 
وأيضا لا يفوتنا هنا أن نشير لموقف المراجع المشرف من الحكومة العراقية لتقصيرها في تأمين الخدمات للشعب العراقي، وتوجيهها اللوم لهذه الحكومة ومطالبتها لتقديم الخدمات للشعب العراقي المظلوم؛ ولما لم تجد المرجعية آذانا صاغية من الحكومة قاطعت كبار المسؤولين فيها ولم تعد تستقبلهم. 
 
وأخيرا لا يسعني الا أن أخاطب الحيدري فأقول له: المرجو منك يا (سيد كمال) أن ترجع إلى نفسك وتتأمل في سيرة علمائنا العظام ، فتقف أمامها موقف الإجلال والإكبار والإعظام لا موقف المستهزئ المستخف.
 
فكم بنوا وشيدوا للدين وفي آخر الأمر أتيت لتهدم ما بنوا.
 
اتق الله في المؤمنين وفي أيتام آل محمد
 
هيئة مجلة الأمين



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=35021
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 08 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12