بغض النظر عن جميع المناقشات العلمية و المنهجية على منهج السيد كمال الحيدري، يبدو انه - من حيث يشعر او لايشعر - جاء ينفذ خطة خطيرة غايته في تبديل التراث الروائي الواصل من خزان العلم الالهي بالتراث الفلسفي و العرفاني.
فتراه انه في محاضرة واحدة يكرر عدة مرات و يكدس في ذهن المشاهد ان الموروث الروائي الشيعي فخ خطير و قد وقع فيه بالفعل جمع غفير من اعلام الطائفة و ادى بهم الى الضلال في العقيدة و تعطيل القرآن و المخالفة معه.
و في الوقت نفسه لا يذكر شيئا من الموروث الفلسفي و العرفاني الا باجلال و اعظام و يذكر نتاج مدرسة العرفاء ببهجة و طراوة و انها هي الحل الامثل للمشكلة. فحينما يقوم المشاهد عن محاضرته يقوم و قد حصلت لديه النفرة عن الموروث الروائي و اعتبرها فخا و مليئة بالزندقة و مخالفة القرآن و الاسرائيليات و المجوسيات و النصرانيات، بينما ينجذب الي الموروث العرفاني من امثال ابن العربي و يراه الحل الاخير و ان فيه من اللطافة و الدقة ما يستحق ان يأخذ بمجامع قلبه.
حتى و لو لم يستوعب فهم المشاهد شيئا من ابحاثه الا ان هذه النفرة و ذلك الاعجاب تبقى في نفسه مستقرا، نفرة عن الحديث و جذبة الى العرفان! فيرى الاول فخا يجب التجنب عنه و الثاني جنة يجب ان يقترب منه !
و لعمري ان هذا اخطر من كل اطروحاته التي تناقض ضرورة المذهب، فانه دعوة لبناء سقيفة ليست من خشب و لا حجارة، بل سقيفة ملكوتية توخر تراث اهل البيت عليهم السلام و تقدم تراث فلاسفة يونان و عرفان اكسيوفان في الوقوف على حقائق الملكوت و الوصول الى باطن هذا الدين و فهم القرآن العظيم
...
و لئلا يكون كلامى هذا صرف دعوى بلا دليل اذكر لكم بعض المقاطع من احدى محاضراته ، و هي المحاضرته الثانية عشر من سلسلة \"من اسلام الحديث الى اسلام القرآن \" و الذي تطرق فيها الى مسألة سهو النبي صلى الله عليه و آله ، و موجود نص المحاضرة على صفحته الرسمية:
قال:
«الخطورة هنا أعزائي وهو أن هذا الموروث الروائي تحوّل إلى أصول عقائدية ومباني عقائدية وهذه هي خطورة الموروث الروائي الذي اخترق مدرسة أهل البيت وهو أنه استطاع هذا الموروث الروائي أن يتحول إلى مباني عقديّة وأخذ يشكل العقل الشيعي في عقائده في أخلاقه، في سلوكه، في تعامله مع الآخر. تقول سيدنا من هم هؤلاء الذين تبنوا الجواب: ممّن وقع في فخ هذا الموروث الروائي الشيخ الصدوق، الشيخ الصدوق أعزائي وقع في فخ هذه الروايات ووقع في فخها بشكل شديد ومتشدد»
و قال بعد نقل كلام عن الشبخ الصدوق:
«هذه آثار الموروث الروائي الذي أصيبت به مدرسة أهل البيت»
و قال:
«القضية أعزائي مربوطة بكرامة خاتم الأنبياء انتم تعرفون عمن نتكلم ده نتكلم عن أول مخلوقٍ في نظام العالم عن واسطة الفيض بين الله وبين خلقه نقول بيني وبين الله الصلاة التي يصليها ساهٍ فيها حتى ينبهه أصحابه الذين بالأمس أسلموا على يديه بيني وبين الله أي منطق هذا ولكن هذا الموروث الروائي الذي قلت خطورته أدى بالشيخ الصدوق إلى هذا بالنحو الذي أدى يلعن المفيد لأنك تنكر ماذا؟ السهو.»
«هذا مجمع البيان يقوله ها أعرفوا هذا من أين دخل علي واقعاً أصيب بفخ أين فخ الموروث الروائي قال فأما ما سواه فقط جوزوا عليهم أن ينسوه»
« مع الأسف الشديد وجدت بعض الكتاب كاتبين أنه نعم هذه الروايات وردت في بعض مصادرنا الروائية ولكن بحمد الله تعالى بقية منظومتنا العقدية نقية »
« والكليني والعهدة على من على صاحب الجواهر وأبي علي الطبرسي الذي قرأنا عبارته تقول يعني واقعاً هؤلاء لم يقرءوا أقول هذه نتيجة الاستناد إلى إسلام الحديث من غير إسلام ماذا القرآن وإلا نظرية الإنسان الكامل في القرآن »
علما بان نظرية الانسان الكامل نظرية عرفانية جعلوها بديلا عن نظرية الامامة.
« ولا يقول لي قائل سيدنا هذا في الحوزات العلمية مولانا انتهى ذلك الزمان لم يعد شيئاً خافياً الكل ما هو معلن وهذه الكتب موجودة في المواقع والكتب منتشرة عزيزي هذا منطق العاجز ثم إذا كان في كتبنا ما يعيب نحن نعالجه بأنفسنا معالجة العيب بأنفسنا أفضل من معالجة العدو لما هو في كتبنا»
« النكت الاعتقادية المجلد العاشر ص27 و 28 يقول ولسنا ننكر بأن يغلب النوم الأنبياء في أوقات الصلوات حتى تخرج ولسنا ننكر سؤال: نعم هي المشكلة هو هذا الإسلام الحديث فيقضوها»
« بعد ذلك إذن أعزائي دعوى أنّ الموروث الروائي لم يؤثر على المنظومة العقدية دون إثباتها خرط القتات كما يقولون يعني الذي قال ذلك أمي جاهل لم يطالع تراثنا كيف أن الموروث طبعاً وهنا لو كان عندي وقت لذكرت لكم عشرات الموارد التي اثر فيها الموروث الروائي الدخيل والموضوع والمغالى فيه والكذب والزندقة اثر لبناء منظومة عقديّة في العقل الشيعي والى الآن هؤلاء الذين يناقشون أيضاً معتقدون وهم لا يعلمون أنهم اعتقدوا على أساس منظومة أو موروث روائي دخيل موضوع مختلق . فقط أن أريد أجيب أنه من يقول أنّ الموروث الروائي في المصادر لم يؤثر على المنظومة العقدية بينت ماذا لا الموروث الروائي اثر على كل منظومة. ومن هنا أبطل كل هذه العقائد وما هو يناظرها لماذا؟ لأنها مخالفة للقرآن القطعي لنظرية الإنسان الكامل في القرآن وللسنة القطعية من قبيل حديث الثقلين.»
«اعزائي كونوا على ثقة هذه هي الخطوة الأولى والمرحلة الأولى من المشروع التصحيحي الذي لابد من القيام به في كل موروث مدرسة أهل البيت ابتداءً من التفسير ومروراً بالعقائد والفقه والأصول والأخلاق والتاريخ والمعاجز التي نسبة إلى الأئمة والكرامات و…و… فإن اضعف هذه الحلقات كان موروث الروائي وإلّا أدعو الله سبحانه وتعالى أن أقف لأقول ما هو الذي ينبغي أن يحصل موروثنا الفقهي ومن أين اخترقنا ومن أين جاءنا وباء الاختراق في الفقه وفي الفتاوى الفقهية العلامة الحلّي وما إدراك ما العلامة الحلي لابد أن نعرف بأنه كيف اخترق الفقه السني ماذا الفقه الشيعي وأمّا في الأصول فما شاء الله لابد أن نرجع إلى أصول الآخرين إلى المستصفى للغزالي إلى الرسالة للشافعي لنرى ما هي الاختراقات لعلم الأصول الفقهي عند الشيعة أمّا الأخلاق فقد اشرنا إليه سابقاً وان شاء الله أزيده فأمّا التفسير فما شاء الله اختراقه تم على يد تفسيرين معروفين تفسير القمي وهو تفسيرٌ فيه بعض الروايات لعله صحيحة ولكنه مدسوسٌ مغشوشٌ متلاعبٌ فيه وكتابٌ من أبي الجارود الزيدي الملعون هذه تفاسير مع الأسف الشديد أن الإخباريين كانوا على الحق انه هذه لا تكون مدرسة ناصحة ولكنه لم يكن معهم الحق أن يكونوا حشوية ويستندوا على الاخبار ويبتلوا بفخ الاخبار»
...
و الملفت للنظر الاصرار و التركيز من الحيدري على ان ذلك من تبعات اسلام الحديث بصورة مطلقة و انه من خطورة التراث الروائي بصورة اجمع، حتى لو كان الحيدري يقصد قسما من الموروث الروائي الذي يراه غير صحيح، الا ان الصورة التي تنطبع عند المشاهد هو عدم الثقة بهذا التراث نهائيا ، لاسيما و انه يعمم كلامه لاكثر و كثير من هذا الموروث. فان تراثا يحتوي على نسبة كبيرة من الاسرائيليات و الزندقة و مخالفة القرآن و و و ... لحقيق ان يهجر و ينبذ و لا يقترب منه، لاسيما للعوام الذين هم القاعدة الكبرى من مطالعي محاظراته.
الان حينما استقر عند المشاهد عدم كفائة التراث الروائي لحلحلة المشاكل ، بل هو الفخ و هو الذي اوجد مشاكل كبيرة و خطيرة و كثيرون وقعوا في فخه بالفعل و ان هذا التراث اخترق مدرسة اهل البيت عليهم السلام ، بدأ في بيان البديل عن هذا التراث و ان كان قد لمح الى ذلك في طيات كلامه حيث جعل نظرية الانسان الكامل العرفاني بحيث النجم من التراث الروائي و أين الثرى من الثريا!
و الان وفي الدقائق الاخيرة من المحاضرة بدأ يجلل و يعظم من الموروث العرفاني بشكل صريح بعد كل تلك التهم التي وجهها للتراث الروائي ، فبين انها هي الحل الامثل.
قال في كلام نقله عن السيد الطباطبائي:
«ومن عظيم الجرم أنّ نعزل العقل كما فعلت من الاشاعرة، الاشاعرة قالوا العقل ما اله ما قاله الله فهو حسن ما فعله فهو حسن قال: لا ليس كذلك إذن ما هي النظرية، النظرية كما قلنا عند العرفاء حلو المشكلات عند النظرية العرفانية وهي حكومة الأسماء بعضها على بعضٍ صحيح الله قادرٌ ولكن الله حكيمٌ أيضاً فإذن عندما نضع الحكمة جنب القدرة هذه القدرة لا تفعل على إطلاقها من يقيدها؟ الحكمة سماحة، مو أنا أقيدها من يقيدها اسم الآخر. ها هي المعروفة بنظرية حكومة الأسماء الإلهية بعضها على بعض ولذا تجد القرآن ماذا يقول ما يقول انتم كتبتم عقلكم قال عليه الرحمة قال: كتب على نفسه الرحمة، هو الكتاب هو المقيد، نعم اسم كتب على اسم آخر وهذه هي المعروفة بنظرية حكومة »
...
و هكذا يتحول عند المشاهد مقام اهل البيت عليهم السلام العلمية بمقام العرفاء و الفلاسفة، و يرجح ان يجعل التراث الفلسفي و العرفاني ثقلا ثانيا بجنب القرآن!
و هذه هي سقيفة يدعو اليها السيد كمال الحيدري!
بقلم: الشيخ حسن الكاشاني من حوزة النجف الاشرف العريقة