يعرف القاصي والداني انه وخلال مسيرتنا النضالية منذ بدايات الاحتلال لأرضنا الغالية فلسطين ، أننا لطالما ناشدنا كل أحرار العالم للوقوف الى جوار قضيتنا العادلة ودعمها بكافة السبل ، سواء كان هذا الدعم من قبل الشعوب أو الحكومات أو حركات التحرر عربياً وعالمياً ، وهذا نهجاً تتبعه كل قيادات الشعوب التواقة للحرية والاستقلال ، فلا عيب أو غرابة في الأمر ، ومن هذا المنطلق استطعنا على مدار تاريخنا النضالي اكتساب دعم العديد من شعوب وبلدان العالم وأولها وأهمها مصر الكنانة ، وتجسد هذا في مواقف عدة لا تستطيع كل الحروف ان تحصرها ، فقد كان التلاحم بين قضيتنا والغالية مصر أشبه بوحدة المصير وبالترابط الأخوي ، ترابط تعمد بالدم والتضحيات التي قدمها الجيش المصري والثوار منذ بدايات العام 1948م وحتى يومنا هذا .
ولن نكون مبالغين ان قلنا ، أننا ندين لمصر ولشعبها الطيب والكريم بالكثير الكثير ويقر بهذا خاصة من يسكنون قطاع غزة ، فهي عمقنا الاستراتيجي ونافذتنا على العالم ، رغم الصعاب الجمة التي يعانيها الغزاوي كلما أطل برأسه ليشتم نسيم العالم الخارجي من خلال معبر رفح البري ، ولكن لا غضاضة في الأمر ، فلكل نظام سياسي جاء لحكم مصر أسلوبه في إدارة الأمن القومي للبلاد وهذا شأن سيادي ، رغم الكثير من التحفظات على أسلوب التعامل مع حاجاتنا الإنسانية ،التي لا أظن ان المقام أو الوقت الراهن يسمح بطرحها أو مناقشتها !
ومن الطبيعي ونحن نريد دائماً كل الخير لمصر ان نؤكد على ثوابت أهمها ، ان شعبها هو الجهة الوحيدة الذي يحدد من يحكمه وأي نظام يريد علماني أو أسلامي أو خلافه ، ولا يجب ان نتدخل في خياره هذا لا من قريب ولا من بعيد ، فمصر جارة وللجار على الجار حق الاحترام في استقلالية اتخاذ القرار ، يجب ان نؤيد ما يريده الشعب المصري وبحيادية كاملة واعتقد انه لمن الخطأ والإثم والخطر المحقق على قضيتنا بل ومن العيب الكبير ان نجعل أنفسنا طرف في أي خلاف بين الأشقاء في مصر ، ولنعود بعقلانية و أخلاص وطني ، لنهتم بقضايا شعبنا الفلسطيني فهذا أولى من مد أصابعنا في وضع سياسي ملتهب !
أفلا يكفي ما يعانيه شعبنا وقضيتنا الفلسطينية من صعاب وتدني في الرؤية المستقبلية حتى نجد أن بعض قادة شعبنا ، يتدخلون في شؤون بلداً وجارة عزيزة مثل مصر ، بل ويفتون بجواز هذا وبطلان ذاك وكأننا أوصياء على شعب مجيد وعريق مثل الشعب المصري ؟!
هل انهينا كل خلافاتنا الداخلية ووحدنا صفوفنا ومصيرنا وكلمتنا وأمسينا دولة عظمى وطاغية ، لنعلب بغباء بمصير دولاً أخرى ؟!
ألم نتعلم من كل مواقفنا الخاطئة سابقاً في التدخل بشؤون البلدان المضيفة والصديقة كما حدث من تصرفات لقيادتنا أبان الغزو العراقي للكويت عام 1990م ، وكيف كان لهذا الموقف من آثار مدمرة على منظمة التحرير الفلسطينية ، أفقدنا دعما لوجستيا وماديا خليجيا قد استمر لعقود وقاعدة جماهيرية كبيرة كانت مقيمة بالكويت والخليج كله ؟!
ولماذا يصر البعض وبعد كل تجاربنا ومعاناتنا في تدخل الكثير من الدول في شؤوننا الداخلية ان يضع انفه في شأن العزيزة مصر ؟!
أليس حري بنا أن نتعلم السياسة على أصولها ، و نكبر لنكون بحجم قضيتنا وتضحياتنا ونحترم إرادة الشعوب وان نهتم بأمورنا وقضايانا الداخلية والخارجية بدلاً من دس أنوفنا فيما لا يعنينا ؟!
ولماذا نتيح الفرصة للإعلام المشبوه والأقلام الصفراء ان تشوه صورة الفلسطيني في الشارع المصري ونوفر لهم المادة والحدث ونحن بأمس الحاجة للدعم العربي وتحديداً المصري ؟
لنتقى الله في أفعالنا، وفي مواقفنا ولنتذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال " من حسن أسلام المرء تركه مالا يعنيه "
فمصر يحكمها الإخوان المسلمين أو يحكمها علمانيين أو غيرهم، هذا شأنهم وحدهم وأهل مكة كما يقال أدرى بشعابها فلنبقى بشعابنا اذن ، بدلاً من حرصنا الدائم والغريب على أن يلحقنا العار !