العراق حضارة تصل جذوره التأريخية الى آلاف السنين، ومد الحياة الانسانية بالكثير من العلوم والمعرفة، ولا زالت اثار تللك الحضارة قائمة ليومنا هذا، الادب من معلمها، دليل الاستقرار والتقدم الفكري لابناء وادي الرافدين، ومنها جلجامش المكتوبة قبل خمسة الاف عام باللغة السومرية .
من اعظم المسلات حمورابي الملك العظيم، الذي حكم البلاد للفترة من 1792ـ 1750 قبل الميلاد، شخصية فذة لديه القدرة الادارية والتنظيمية العالية، تحتوي مسلته على 282 مادة في مختلف شؤون الحياة وتنظيم واجبات الافراد بكل دقة، واهم مافيها العقوبات، ولقد ركزت على السرقة، والزراعة (أو رعاية الأغنام)، وإتلاف الممتلكات، وحقوق المرأة، وحقوق الأطفال، وحقوق العبيد، والقتل، والموت، والإصابات. وتختلف العقوبات على حسب الطبقة التي ينحدر منها المنتهك لإحدى القوانين والضحية.
قبل اكثر من 3700 سنة العراق ينظم نفسه بشريعة وبما فيها العقوبات لضمان امن المجتمع، واليوم لا امن في المجتمع، حديث الشارع، بعد اكثر من عشرة سنوات على احتلال العراق لا يوجد امن، ويبدو ان هذه الحالة ستستمر الى ما لانهاية،
كيف لا في ظل غياب الاستيراتيجية الامنية لمكافحة الارهاب بل وانه يتفوق على الاجهزة الامنية من ناحية التكتيك، الى جانب تفشي الفساد في المؤسسات الامنية تحت رعاية القادة الفاسدين، وفساد اجهزة السونار الفاشلة، مع اعتذارنا لوزير الداخلية اصالةً الغير موجود لحد الان .
ما يحدث في مناطق العراق في طوزخرماتو والمقدادية وغيرها من مناطق العراق هي عملية ابادة وتهجير جماعي بطريقة المفخخات، يرافقه العجز الحكومي الكبير في توفير الامن للمجتمع .
ما هي الاسباب؟ هل تعود الى عدم وجود رؤية امنية واضحة ام الى انحسار السلطات الامنية بجهة واحدة ؟
لا شك ان الحالتين معاً ساهمت في انضاج العنف وتطور الافكار خارج القانون، مع ان القائد هو الاول والاخير في هذا الملف.
في مقدمة المقال تكلمنا عن الملك حمورابي، وماذا حدث بعده؟ تولى الحكم خمسة ملوك اخرهم انتهى على يد الحيثيون عندما احتلوا البلاد وخربوها، فهل ينتهي بنا المطاف الى الخراب والدمار.
نحتاج الى قيادة امنية صالحة، والى ثقافة الالتزام بالعمل وعدم التقصير، والعمل بضمير، والى اجهزة ومعدات عملية وصحيحة، لا يسجن مورها الى العراق بتهمة الغش او التلاعب فيما بعد، وقبل كل شيء، غربلة الاجهزة الامنية من الفاسدين، واعادة ترتيب الاوراق بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، الامر مرهون بتطور قدرات وكفاءة القوات الامنية، فالملاحظ الجمود الذي خيم على تدريب الاجهزة في الفترة الاخيرة وتكليفها بواجبات اخرى مما افقدها التركيز. |