• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : لماذا الآن ياجورج كيسي؟! .
                          • الكاتب : علاء كرم الله .

لماذا الآن ياجورج كيسي؟!

في أجتماع للمعارضة الأيرانية عقد في العاصمة الفرنسية باريس في 22/6/2013 حضره أكثرمن 600 شخصية سياسية وبرلمانية عالمية من 26 دولة، فجّر الجنرال جورج كيسي القائد السابق للقوات الأمريكية في العراق والذي كان أحد المدعوين للأجتماع  مفاجأة من العيار الثقيل عندما أعلن (أن فيلق القدس الأيراني هو من قام بتفجيرمرقد الأماميين في سامراء؟ في 22/شباط/2006 ؟!!).التصريح بقدر ما أثارزوبعة أعلامية كبيرة رقصت لها بعض النفوس المريضة من السياسيين الذين عرفوا بتوجهاتهم الطائفية اللئيمة وكذلك بعض الفضائيات الصفراء التي دأبت على بث سمومها القاتلة بين أوساط المجتمع العراقي بطريقة دس السم بالعسل!!،وشغل الأوساط الأجتماعية والدينية والسياسية وخاصة معتصموا الأنبار وصلاح الدين الذين طالبوا حال سماعهم التصريح بفتح تحقيق دولي بالموضوع!، ألا أن التصريح بنفس الوقت يثير جملة من التساؤلات تحتاج الى وقفة مع المنطق والعقل لمعرفة صحة مثل هذه التصريحات التي تضمر الكثير من الشرور للعراق وشعبه؟! وتقلب الكثير من مواجع وفواجع العراقيين، وتزيد من أثارة النعرات الطائفية التي يحرص غالبية العراقيين على وأدها رجال دين كانوا أم غير ذلك  كبارا وصغارا رجالا ونساء مثقفين وبسطاء وأميين .لست هنا في موضع الدفاع عن أيران بغضا وكرها بأمريكا التي دمرت العراق منذ أحتلالها له في 2003،فلا أحد يستطيع أن ينكر ويقلل من حجم التدخل الأيراني المرفوض بالعراق منذ سقوط النظام السابق ولحد الآن، وأيضا لا تستطيع أيران وباقي دول المنطقة والأقليم من أن تنكر تعاونها مع أمريكا بتقديم ما أستطاعوا من أجل أسقاط نظام صدام؟!، ألا أن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال  التصديق بكل ما تقوله أمريكا والغرب ضد أيران !، لا سيما والعالم كله يعرف  حالة العداء بين أمريكا ومعها أسرائيل و دول الغرب وبين  أيران منذ قيام الثورة الأيرانية عام 1979 ولحد الآن والذي وصل في السنوات الأخيرة وبسبب الملف النووي الأيراني الى التهديد بالهجوم على أيران من قبل أمريكا وأسرائيل؟!. ودعونا نحتكم الى منطق العقل لمعرفة مدى صحة تصريح الجنرال (جورج كيسي)  والغاية من وراء أثارتها؟!:
 
1- من المعروف وكما ذكرنا آنفا بأن هناك عداء واضح بين أمريكا وأسرائيل والغرب من جهة وبين أيران من جهة منذ  نجاح رجالات الدين في أيران أسقاط نظام الشاه الموالي لأمريكا والغرب منذ عام 1979 ، ومن الطبيعي ان تكون هناك تصريحات وتصريحات مضادة من أحدهما على الآخروالحرب الأعلامية معروفة بين الدول التي تعيش حالة من العداء أو الأختلاف ودائما ما تجد فيها الكثير من الكذب والتأويل والتلفيق.
2- ولأن الحرب الأعلامية بين الدول المتعادية دائما ماتعتمد على التلفيق والكذب والتزويرفأنها دائما ما تفتقد الى المصداقية لعدم وجود الأدلة والبراهين على مايدعون؟!.
3- أن العقل والمنطق والتاريخ والأحداث الجارية ليس على مستوى العراق حسب بل في عموم الدول العربية والأقليمية تقول بل وتؤكد أن أمريكا عدوة الشعوب العربية والأسلامية ولا تريد لها الخيرأبدا بقدر ما تريد تدميرها وتشويه صورة  الأسلام  بنقائه وأعتداله وعدم غلوه وتطرفه في كل شيء،وما جرى في العراق منذ سقوط النظام السابق ولحد الآن، وما يجري في مصر وتونس وليبيا واليمن خير دليل على ذلك  فهذه الدول  التي طالها التغيير والذي أطلق عليه (بثورات الربيع العربي)! والذي كانت ورائه أمريكا بنظرتها وسياستها الجديدة نحو أقامة  شرق أوسط ديمقراطي جديد وهي أكبر كذبة في عالم السياسة الذي تديره وتسيطر عليه أمريكا حيث  لم يحمل هذا التغييرالديمقراطي المزعوم  أي بوادر خير وتقدم وأزدهار لشعوب تلك البلدان بقدر ما فتح عليهم أبواب جهنم وأدخلهم في حروب عشائرية وأدخلهم في صراعات طائفية ومذهبية وأثنية وأفقدهم الشعور بالأمان والأطمئنان للغد حيث أضطربت وساءت  أحوالهم سياسيا وأجتماعيا ودينيا ومذهبيا وفي باقي مفاصل الحياة الأخرى ، وصار يقينا لديهم بأن قادم  أيامهم سيكون  أكثر سوء مما هم به الآن!بعد أن تولى أمرهم رجالات  الأسلام السياسي الأخواني السلفي القاعدي المدعوم من قبل امريكا!
4- لا يمكن بأي حال من الأحوال وتحت أي ظرف كان يمكن لعاقل أن  يصدق ما تقوله أمريكا في أي موضوع يخص العرب بأنه يكون لصالحهم!!، وهي بنفس الوقت ترعى مصالح أسرائيل ، بل وفي آحايين كثيرة تتقدم المصالح الأسرائيلية على المصالح الأمريكية!!، فهي وبريطانيا وفرنسا وباقي دول الغرب  من خلقوا أسرائيل منذ اكثر من نصف قرن ولا زالوا منذ ذلك التاريخ ولحد الآن  يمدوها بكل أسباب النجاح والتطور والتقدم والتفوق الأقتصادي والسياسي والعسكري والمخابراتي والعلمي ، بالمقابل أن أمريكا عملت ولا زالت  تعمل على تمزيق  وحدة الصف العربي من خلال زرع الخلافات والشقاق بينهم، ولو قارنا بين أحوال العرب وتماسكهم ووحدتهم بعد حرب أكتوبر 1973والتي رد فيها العرب بعض أعتبارهم من أسرائيل بعد نكسة حزيران عام 1967  رغم ان الأنتصار في تلك الحرب كان منقوصا! ( حسب رأي المحللين ومراكز الدراسات العسكرية أنتهت حرب 1973 بين العرب وأسرائيل بحالة لا غالب ولا مغلوب بعد ثغرة الدفرسوار التي أحدثها الأسرائيليون في الجيش المصري بعد أن عزلوا الجيش الأول عن الجيش الثالث!!)، وما بين أحوالهم  وما جرى بعدها ولحد الان من تفتيت لوحدة الصف العربي، لوجدنا كم من الضعف والفرقة والتشتت سادت  علاقاتهم حتى دخلوا في حروب مع بعضهم البعض! كل ذلك كان بفعل أمريكا ومن أجل مصلحة وعيون أسرائيل المدللة، فكيف يمكن بعد كل ذلك ان نصدق بأن أمريكا تعمل لصالح الدول العربية، وتتعامل معهم بكامل المصداقية؟!
5- أن الموقف الأمريكي الرسمي مما يحدث في سوريا بدعمها أرهاب السلفيين والأخوان المسلمين وجبهة النصرة الأرهابية (تحت مسمى  الجيش السوري الحر!!) ودعمهم  أعلاميا وسياسيا وعسكريا وأمدادهم  بأحدث  أنواع الأسلحة والخبرات والمقاتلين عن طريق تركيا الأردوغانية الأخوانية ودويلة قطر الأسرائيلية والسعودية الوهابية، ومنذ سنتين ولحد الآن من أجل أسقاط النظام في سوريا التي تعتبر آخر معقل للعلمانية والأسلام المعتدل والتعايش السلمي في المنطقة حيث ترمي أمريكا بكل ثقلها ومعها دول الخراب العربي والأقليمي!(تركيا- قطر- السعودية- باقي دول الخليج)،من اجل تدمير سوريا وتسليمها بيد الأرهابيين من الأخوان المسلمين والسلفيين ليكون حالها كحال مصر وتونس وليبيا واليمن.
6- بقدر ما يعيش الأخوة المعتصمون في الأنبار وصلاح الدين حالة من النفور والخلاف وعدم الرضا من الحكومة منذ بداية مظاهراتهم قبل اكثر من خمسة أشهر،بالمقابل عليهم أن لا يندفعوا أكثر وراء مثل هذه الأخبار والتصريحات الأمريكية التي تفتقد الى المصداقية والأدلة والبراهين، وعليهم ان يسألوا أنفسهم قبل أن يسألوا الأمريكان؟! من الذي كان يقود العراق ويسيطر عليه عام 2006 ألم يكن الجيش الأمريكي بكل تعداده (160000 )ألف مقاتل هو الذي يدير كل الملفات العسكرية حين لم يكن تعداد الجيش العراقي لا يتعدى بضعة ألاف جندي، فكيف سمحوا لهذا الأمر الخطير أن يحدث؟! ولماذا الآن؟!، على الأخوة المعتصمون أن يعوا جيدا أن المراد من وراء مثل هذه التصريحات هو جرهم من جديد الى الأقتتال والحرب الطائفية، بعد ان وجدت أمريكا  أن صوت الأعتدال والعقل والسلام بات هو الطاغي بين صفوف المعتصمين، وان هناك جهود حثيثة وطيبة وصادقة من قبل الحكومة وممثلي المعتصمين لتلبية مطالبهم العادلة وهذا مايخيف امريكا ويقلقها!!.
7- مهما بلغ الكره والحقد والحنق بأيران على العراق والتدخل في شؤونه الداخلية، ألا أنه من الصعب أقدامهما على مثل هذا العمل الخسيس والجبان حسب الأتهام الأمريكي لها ، لأعتبارات الدين والمذهب والعقيدة، لا سيما أذا عرفنا المكانة الكبيرة التي تحتلها مراقد الأئمة المعصومين عليهم السلام لدى عموم المسلمين في العالم ولأيران خاصة حكومة وشعبا بأعتبارهم  أحفاد النبي العظيم محمد صلى الله عليه وسلم. في حين لا توجد مثل هذه الأعتبارات لتنظيمات القاعدة الأرهابية المدعومة  من أمريكا!!، وما تفجير مرقد الصحابي الجليل (حجر بن عدي) في سوريا والذي أظهرحقيقة الحقد الطائفي البغيض لتنظيمات القاعدة والأخوان والسلفيين المدعومين من أمريكا وأسرائيل ودويلة قطر والسعودية الوهابية على باقي المذاهب الأسلامية ويكشف بالدليل القاطع من يريد تشويه صورة الأسلام  وكذلك المحاولات الرامية من قبل تنظيمات القاعدة لتهديم قبر السيدة زينب(ع) في سوريا وهي  أخت الأمام الحسين (ع) وجدهما الرسول الأكرم محمد (ص)  والذي يدافع عنه الجيش السوري وقوات حسن نصرالله المدعومة من أيران! وهذا أمر لم يعد خافيا على أحد،وانه يثبت بأن  أيران تحافظ وتقاتل حتى الموت من اجل الحفاظ على ذكرومراقد الأئمة الأطهار(ع) لأنهم آل بيت النبوة الأطهار، فكيف بها أن تهدم مرقد الأماميين العسكريين؟!، هذا أذا علمنا  أن من قاموا بهذا العمل الجبان قد ألقي القبض عليهم وأعترفوا بجريمتهم أمام الفضائيات!.
 
8- ومن الجدير أن نذكر هنا: أن سياسة المحتل معروفة وواضحة ولم تعد خافية على أحد مهما تباعدت الأزمنة أن كان أحتلالا أنكليزيا للعراق بداية القرن الماضي أو أحتلالا أمريكيا عام 2003 من هذا القرن!، فهي سياسة ثابته تقوم على مبدأ (فرق تسد)!تلك السياسة الخطيرة  التي أنتهجتها أمريكا منذ أحتلالها للعراق ولحد الآن، لتفرقة شمل العراقيين ودق أسفين الخلافات بينهم دائما واعتقد انها لا زالت تصر على لعب هذه السياسة القذرة واللاانسانية تجاه الشعب العراقي وتصريح الجنرال( جورج كيسي) لا يخرج من هذا الأطارالذي يراد به شحن الروح الطائفية لدى من يريدون الشر لهذا البلد، لا سيما وهم يرون كيف يتحد العراقيين ويردون على تنظيمات القاعدة الأرهابية بأقامة الصلاة الموحدة وراء كل تفجير! وهذا ما لاتريده امريكا وكل من يريدون السوء لهذا البلد!!.
 
بعد كل ماتقدم أرى ان تصريحات (جورج كيسي) لم تعد تنطلي على غالبية العراقيين بعد ان أصبحت اللعبة مكشوفة ومنذ زمن ليس بالقصير،أما من يريدون تصديق أمريكا فهذا شأنهم وأعتقد هم عمي القلوب! (وحدث العاقل بما لا يعقل فأن صدقك فلا عقل له) ياجورج كيسي؟!



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=33021
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 06 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15