• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : جامعة البصرة كلية الآداب قسم الترجمة .
                          • الكاتب : رافع بندر خضير .

جامعة البصرة كلية الآداب قسم الترجمة

 

 قبلَ أربع سنوات جمعَ قسم الترجمة في كلية الآداب جامعة البصرة مجموعة من الطلبة والطالبات الذين أصروا على إكمال دراستهم في هذا القسم الحيوي على الرغم من تقدم عمر البعض منهم وحصول البعض الآخر على شهادات جامعية متنوعة الاختصاصات  وكذلك زحمة مشاغلهم كون الأَعْم الأغلبْ منهم موظفين في الدوائر الرسمية وغير الرسمية .
إلا إن المشرفين على هذا القسم شددوا على ان يعاملوا طلبة الدوام المسائي معاملة طلبة الدوام الصباحي . مما عكر مزاج البعض منهم وحفز البعض الاخر على ترك الدراسة , ولكن السواد الأعظم من الطلبة استمروا بالمثابرة والبحث عن المفردة الغامضة (  ambiguity word ) في اللغة الانكليزية لكي توصلهم الى حافة الهدف علهم يحققونه .
واتضح فيما بعد . ان هذا الأسلوب هو الاسلوب الناجح وهو بالتأكيد  الذي يرتقي بمستوى  الطلبة ليصلوا الى  اختزال الكمْ الهائل من المعلومات التي تخص علم الترجمة.
كانت هناك عدة مفارقات في السنوات الأربع العجاف منها ان رئيس القسم في حينها الدكتور علي وناس كان يصر على ان يحضر الطلبة في الساعة الثانية ظهرا حيث تبدأ المحاضرة الأولى  مع علمه ان جميع الطلبة في الدوام المسائي مرتبطين  بوظائف تعيق البعض منهم حضور المحاضرة الأولى وكنا نعلم ان الدكتور علي وناس كان اشد الناس حرصا على تقوية عود الطلبة الذي لا زال طريا . هدوءه الرائع وطريقة تلفظه المفردة  كان محل إعجاب الدارسين  في عالم متغير المزاج مثل علم الترجمة .
الا ان رأفت ولطف  الدكتور علي مظلوم الذي كان يتغاضى عن بعض الغياب كونه كان غالبا صاحب المحاضرة الأولى . وأتذكر عندما يسجل الحضور ويقرا اسم ( فلان الفلاني ) ولم يجبه احد يقول بصوت عال (absent) ويبدأ محاضرته بهدير من المعلومات كأنها قطرات المطر البارد في ساعات القيظ  . لكن أناقة وروعة الدكتورة جوليانا يوسف يبهر جميع الطلبة ( الشياب ) كانت ( جولي ) تضع بأناملها الرقيقة خبرتها المتراكمة في مجال الترجمة وبصمتها التي  لم يكن من السهل  ان ننساها  . في حين ان جدية الدكتور كاظم العلي ومثابرته على إيصال المعلومة الى أذهاننا المشوشة بزحمة المشاكل أليوميه كان يمنعنا من الاستيعاب في بعض الأحيان ولكن إصرار هذا الرجل على ان يفتح هذه الصناديق المقفلة حتى أصبحت تستوعب ما يقول هذا المبدع .
 في حين ان الدكتور عادل الثامري بكل عذوبته وشبابه الدائم كان يغازل ذاكرتنا بمعلومات من غير المستحيل ان نتجاوزها فهي ترن في قلوبنا لحد الان .  اما الاستاذ رافد ( ابو العربي   ) رشيقا بمعنى الكلمة ويوزع محاضرته  بين غزل الشعراء ورقة العذارى وكان كريما معنا ككرم عروة ابن الورد ( أُقَسِمُ جسمي في جسومٍ كثيرةٍ ... واحَسو قراحَ الماءِ والماء باردُ )  . اما الأستاذة  منيرة  فهي منيرة بوجهها الصبوح وجمال أخلاقها  الرائعة كانت تمر علينا في المحاضرة مرور العطر على خدود الياسمين . ولا أنسى الدكتور هاشم لازم هذا العملاق الرائع بكل ما يحمل من نبل ودماثة خلق علمنا ما لم نعلم في الترجمة علمنا ان الترجمة تميل مع المترجم ميل القارب لأمواج البحر ان لم ينجوا بخياله الخصب او يغرق حينما لا يعرف قيادة الكلمات . وكنا ننتظر دائما ان تطل علينا بابتسامتها الرائعة الأستاذة نادية حيث تملي علينا المفردات العلمية وهي تومئ لنا ان فينا الخير الكثير وتوزع  طيبتها وعطر معلوماتها المذهل  على الجميع بالتساوي.
هذه التجربة بكل تفاصيلها السعيدة جعلت كل الذين أدركوا منفعتها  وعاندوا تعبهم واستمروا منطلقين الى  نقطة الهدف طيلة أربع سنوات من الإرهاق  الفكري  والتعب المضني . ها هم اليوم يصلون متباهين بجهدهم مباركين  سعي من سعى وتعبَ من تعبْ من الأساتذة المشرفين على تخرجهم مع العلم إن اغلب طلبة الدراسات المسائية من الذين تجاوزت أعمارهم  العقد الثالث والرابع ولكن طموحهم وقف شاخصا امام جميع المعوقات .
 في حين نجد اليوم شبابا في مقتبل العمر لم نشاهد فيهم الهمة التي أجدها في الأجيال السابقة  . هؤلاء الشباب هَمْهُمْ الوحيد هو (اللهو) وابعد ما يكون عنهم العمل والأكثر بعداً التعيينات لأن دوائر ألدوله والشركات (ببساطة شديدة)  لا ترغب بتعيين غير حملة الشهادات ولو أن معظم حملة الشهادات عاطلين عن العمل في العراق . نعم ان هذه الأجيال هي نتاج حروب وحصارات واحتلالات ولكن من المسؤول عن  عدم شحذ الهمم في نفوس هؤلاء العاطلين فكيف لثلاث أجيال أن يقفوا متحيرين وعاجزين على قراءة عنوان بسيط لإحدى دوائر الدولة لم يستطيعوا قراءة اسم الدائرة (إنها مصيبة كبيرة) لا اعرف على من اطرح هذا السؤال شباب بعمر الورد تَحمُر خدودهم خَجلاً وتتصببُ جباههم عرقاً لأنهم لا يقرؤون ولا يكتبون . فكيف ننهض ببلداٍ نصف اجيالهُ اميين ومن يستطيع ان يسخر هذه الثروة البشرية تسخيراً أمثلاً خدمةً للعراق ..
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=32637
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 06 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13