لا نختلف ان التيار الاسلامي السياسي الشيعي حاز الاغلبية الكبيرة في انتخابات مجالس المحافظات وقبلها في مجلس النواب , وهو تيار بعض اطرافه قديم في العمل السياسي والمعارضة لنظام صدام وهم الدعوة الاسلامية والمجلس الاعلى ومنظمة العمل , وبعضها الاخر تاسس بعد سقوط النظام وهم التيار الصدري وحزب الفضيلة , والجميع يرفع مفاهيم وشعارات اسلامية ويحرص في خطابه الى الجمهور وفي ادبياته على تصوير نفسه بانه الاكثر انسجاما واندكاكا مع هذه المفاهيم التي من بينها خدمة الامة والدين , وطرح القيم الاسلامية في تفاصيل الحياة اليومية على مستوى الفرد والجماعة . ان المراقب للتيار الاسلامي السياسي الشيعي خلال السنوات العشر التي مرت على التغيير يلاحظ انفصاما واضحا بين المدعى النظري وبين السلوك العملي , فيلاحظ تهافتا وتنافسا شديدين على المناصب الحكومية حتى تحولت السلطة من وسيلة في المفهوم الاسلامي الى هدف تقدم مختلف التضحيات من اجل تحقيقه والمحافظة عليه , ويلاحظ ايضا السلوك المشوب بالنفاق والتسقيط والصفقات , كما يسجل المراقب نسبة عالية من الفساد وقع فيها من تصدى لاشغال المناصب الحكومية من هذا التيار . لقد كشفت ازمة تشكيل الحكومات المحلية الحالية عن عمق ازمة هذا التيار وحدة الصراع بين اطرافه من اجل الفوز بمنصب المحافظ او رئيس مجلس المحافظة هنا وهناك , فكانت اولى الجلسات لاعضاء المجالس الجديدة تواجه بالمقاطعة من اطراف الازمة , فالتيار الصدري والمواطن يقاطعان جلسة مجلس النجف الجديد , ودولة القانون يقاطع جلسة مجلس محافظة ذي قار الاولى , فيما يقاطعها التيار والمواطن في الثانية والقانون يقاطع جلسة بغداد , فيما التيار الصدري يقاطع جلسة مجلس محافظة ديالى لاجل ترتيب اوراقه مع قائمة متحدون بعيدا عن ثقة جمهور الاغلبية الشيعية ويناغمه في هذا التوجه كتلة المواطن التي ترنوا ببصرها الى كرسي ئراسة الوزراء , ما هذه المهزلة لاعافاكم الله ولا سدد خطاكم ؟ الهذا خرجت الملايين لتنتخبكم ؟ كيف ستخدمون جماهيركم لاربع سنوات وانتم خصماء بعضكم لبعض تتربصون بعضكم ببعض دوائر السوء ؟ . من خضم هذه الازمة المفتعلة والصراع المتقد بنار الحقد , اقول من الاسلم للمواطن وحفاظا على صوته , اما ينتخب المحافظ من ابناء المحافظة مباشرة وليس من مجلس المحافظة , واما يعد الفائز باكثر الاصوات من المرشحين محافظا دون الحاجة الى موافقة وتصويت مجلس المحافظة , وبهذه الخطوة نحفظ للمواطنين اصواتهم ونحقق لهم رغباتهم دون ان تقتل تلك الرغبات في سوق الصفقات السياسية , وكذلك وبهذه الخطوة نقلل من حدة الصراع بين الكتل الفائزة الذي لا استبعد يوما ان يكون صراعا مسلحا لان اطراف الازمة يبدوا انهم من المغرمين بحب الدنيا , وحب الدنيا راس كل خطيئة كما في الحديث النبوي , ويحسن بنا ان نذكّر التيار الاسلامي السياسي الشيعي باضاءات من متبنياته النظرية , منها : ما قاله علي (ع) لعبد الله بن عباس عندما رآه ابن عباس يخصف نعله ولامه على ذلك , فقال له الامام : انه افضل من امرتكم هذه الا ان اقيم حقا وادحض باطلا . ومن الاضاءات ايضا , ما قاله السيد الشهيد محمد باقر الصدر لجمع من طلابه وهو يستعرض خطر حب الدنيا حيث قال متسائلا : من منا ملك دنيا هارون الرشيد ولم يقتل موسى بن جعفر ؟ , وهذا من سيماء الصالحين ان المؤمن لايبريء نفسه ولا يضمنها من الجنوح الى الانحراف والخطيئة في لحظة من اللحظات . هذا من ادب الاسلاميين احببت ان اذكرهم به , فما هي محصلة العمل ؟ . |