• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الإستنقاع الثقافي!! .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

الإستنقاع الثقافي!!

الماء يجري والحياة تتغير , ولا يمكن لأحدنا أن يعْبر النهر مرتين , لكننا نستطيع عبور المستنقع أكثر من مرة , فكل ما فيه راكد ومترع بالمتعفنات.
والخوض في المستنقع يتسبب في الأمراض الوبائية  , والسباحة في النهر يمنحنا القوة والصحة  , ويجدد ما فينا من طاقات الحياة , وإرادات التواصل والجريان.
وفي واقع ما يدور عندنا من نواعير المآسي والويلات , أن الثقافة الإجتماعية الموروثة والمتحققة فوق أرض الحاضر , إنما هي ثقافة مستنقعة آسنة متعفنة في قوارير القرورن , ولا تمتلك الجرأة والقوة والقدرة , والرؤية والتعبير على الخروج منها , والتحرر من عفونتها وأمراضها وأقياحها  , ومضاعفاتها النفسية والسلوكية والفكرية.
بل أننا أصبحنا متحللين , أو متفسخين فيها , وكأننا لا نمتلك نبض الحياة , ولا تجري في عروقنا دفقاتها وحرارتها ومعانيها.
وهذا التفسخ الثقافي , أوجد صيرورات معادية للبقاء والتفاعل مع أنوار العصر الوثاب , مما دفع إلى الإنعزال والإنكفاء في صناديق التلاحي بالصغائر , والتداعيات الناجمة عن عفونة فكرة وأخرى تزكم أنوف الحاضرين , وتتسبب في عمى البصيرة , بما تولده من إنفعالات وعواطف مسعورة , تشل العقل بسمومها الفتاكة , وتقضي على إرادة الحياة والإنسان.
فالواقع المأساوي المتحقق في عالمنا الظالم المتظلم المنكوب بذاته وموضوعه , إنما هو من إنتاج الإستنقاع الثقافي , وما ينجم عنه من تداعيات , مرهونة بشدة ودرجة العفونة المنبعثة من قاع المستنقع , الذي توحلنا فيه , وانطمرنا حتى سمة رؤوسنا بأطيانه النتنة.
فهل من قدرة على التحرر من آفات المستنقع , واستدعاء ماء الحياة الجاري , للدخول إليه وتطهيره من العظايا والخطايا والآثام , والأقياح والشرور والأحقاد والتنابز بالآلام.
فهل سنستلطف العيش في مستنقع الخسران  , وننكر أنهار الحياة وثورة الإنسان؟!!



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=32310
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 06 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12