ألأنتخابات ممارسة ديمقراطية من أهم ثمراتها التداول ألسلمي للسلطة ، وهذه نعمة منّ الله تعالى بها على الشعب العراقي ، وينفرد العراق بهذه التجربة الديمقراطية الحقيقية في المنطقة ، لهذا نرى الحقد الأعمى على العراق وشعبه من بعض حكومات المنطقة التي تحكم شعوبها بالدكتاتورية ، فلا تداول سلمي للسلطة في جميع البلدان الأسلامية والعربية ألا في العراق ولبنان ، رغم تأشيرنا على الديمقراطية اللبنانية أنها طائفية ، وهذا أيضا من زرع ألاستعمار الغربي وخاصة الاستعمار الفرنسي الحاقد على الأسلام .
ألعملية ألديمقراطية في العراق حقيقية وواقعية رغم ما شابها ويشوبها من ممارسات خاطئة أحيانا ، أذ زورت بعض نتائجها في الدورة السابقة تحت ظل المفوضية وبدفع أمريكي وأقليمي ، أما اليوم فثقتنا عالية بالمفوضية الجديدة ، ونتمنى لهم التوفيق في عملهم ، أذ جرت عملية أنتخاب مجالس المحافظات بشفافية عالية وجيدة رغم بعض الأخطاء التي حصلت التي هي في رأينا ليست من مسؤولية المفوضية فحسب ، منها أن مراكز ألأقتراع لبعض المواطنين بعيدة عن منطقة السكن مع صعوبة الوصول اليها بسبب الأجراءات ألأمنية المشددة ، ومنع حركة السيارات بسبب التهديدات الأمنية ، رغم تأشيرنا على بعض العناصر الأمنية بعدم التعاون لتسهيل مهمة نقل الجماهير بطريقة تسهل وصول المواطنين الى مراكز الأقتراع مع مراعاة عدم وقوع أختراق أمني .
أثناء الحملة الأنتخابية حصلت ممارسات غير صحيحة من بعض المرشحين الذين يندفعون للترشيح ليس لغرض الخدمة العامة ، بل من أجل الكسب والشهرة والمنصب ، كذلك حصلت أخطاء في الممارسة الديمقراطية من قبل بعض الناس ، الذين يفتقدون الى الوعي والثقافة الأنتخابية ، أذ لا يعرف الكثير من الناس المعايير السليمة التي على ضوئها يجب أختيار المرشح ألصالح والكفوء والنزيه والوطني .
أنتخابات مجالس المحافظات التي جرت قي 20 / 4 / 2013 م أفرزت الكثير من المعطيات ، منها ما هو أيجابي ومنها ما هو سلبي ، وأهم المعطيات ألأيجابية هو أختيار الشعب لممثيله بحرية تامة ، أما السلبيات التي نطمح ألى تجاوزها في المراحل ألأنتخابية القادمة فكثيرة ، منها ما يتعلق بالدولة كمؤسسة ، ومنها ما يتعلق بالناس المقترعين ، وأخرى بالمرشحين ، أما ما يتعلق بالدولة سواء كانت سلطة تشريعية أو تنفيذية ، ، أرى من الضروري تشريع قانون للأنتخابات يضع ضوابط ومواصفات فنية صحيحة للمرشحين ، على أن يمنع هذا القانون الترشيح لكل من هب ودبّ ، بل يجب أن يخضع المرشح لضوابط خاصة ، منها مثلا أخذ ضمان من كل مرشح بأن يحصل على حد أدنى من الأصوات ، وبعكسه يتحمل غرامة مالية تصاعدية كلما قلّ عدد الأصوات عن الحد الأدنى ، ويمنع من الترشيح للمرة الثانية كما نقترح أن تفرض غرامة مالية عالية لمن يرشح لمرتين ولم يفز ، مع منعه من الترشيح للمرة الثالثة ، لكننا نجد اليوم من يرشح للثالثة أوالرابعة بل حتى الخامسة هذه في رأينا بعض الضوابط التي نقترحها على القانون الجديد ، وهذا المقترح موجه الى مجلس النواب العراقي ليشرع مثل هذا القانون الذي يحدد ضوابط للمرشحين منها ضوابط الشهادة والعمر والكفاءة والوطنية والمهنية أضافة للتأريخ الشخصي الناصع ، تشريع مثل هذا القانون يساعد على تقليل عدد المرشحين من جانب ، ويسمح للترشيح فقط للكفوء ممن تتوفر فيه المواصفات المطلوبة ، وهذا سيساعد على أن يتولى الأنسان المناسب في المكان المناسب ، وهو خطوة مهمة للقضاء على الفساد ألأداري والمالي .
ومن التشريعات الاخرى التي تساعد على ترشيد عملية الانتخابات ، تشريع قانون ألأحزاب الذي يعرقل صدوره كثير من السياسيين الفاشلين ، أو ألذين يرتبطون بأجندات خارجية ، لأن قانون ألأحزاب لو شُرع سيغلق صفحات بعض السياسيين ، وينهي بريقهم الزائف من الساحة السياسية ، تشريع قانون ألأحزاب يساعد على تقليص عدد الاحزاب والمتنافسين في الساحة السياسية ، وهذا مما يخدم العملية السياسية في أنْ تسير بألأتجاه ألصحيح ، وبالتالي يخدم الشعب العراقي ، ألذي سئم من كثرة عدد الاحزاب والتكتلات ، وسيساعد على أختفاء الكثير من مدعي السياسة وأصحاب ألأجندات الخاصة والخارجية ، سيتخلص الشعب في حالة صدور قانون ألأحزاب من كثير من الوجوه المصطنعة وغير المؤهلة التي تعمل لصالح من يمولها داخلياً أوخارجياً .
وكمثال على فوضى الترشيح ، هناك من المرشحين الفاشلين من يرشح في كل دورة أنتخابية ، مع هذه الجهة او تلك ، بل بعضهم يدفع أموالا الى الجهة صاحبة القرار في الترشيح كرشوة من أجل ترشيحه ، واذا رُشح فأنه سيسلك كل السبل المشروعة وغير المشروعة لتسويق نفسه ، نرى مثل هذا الشخص يشتري مجموعة من المرتزقة للترويج لدعايته الانتخابية ، هذا الامر ما كان ليحصل لو كانت هناك ضوابط للترشيح ، وهذه من مسؤولية الدولة ، بسلطتيها التشريعية والتنفيذية .
السلبيات التي لها علاقة بالمرشحين كثيرة ، فمرشح اليوم ليس المطلوب منه المواصفات الفنية أو المهنية ، بل عليه أنْ يحمل شهادة الاعدادية مع توفير مبلغ من المال كي يدخل ميدان الانتخابات ، وهذا يكفي وفق معايير اليوم ، وأذا كان مدعوما ماديا من أي جهة خارجية أو داخلية فسيكون مسيطراً لخوض العملية ألأنتخابية ، بل البعض من المرشحين يأتي من خارج العراق ليدخل ميدان الانتخابات ، وبعد الفشل يغادر العراق ليعود من جديد في الانتخابات القادمة ، مع تأكيدنا بوجود الكثير من المرشحين من هم أهل لخوض العملية الانتخابية ، وهؤلاء هم من نتمنى الفوز لهم ، والذين لا يحالفهم الفوز من الجيدين المؤهلين سيتقبلون النتيجة عن رحابة صدر ، لأنهم مؤمنون بالمنافسة الشريفة بين الجيدين الصالحين من المرشحين ، وهذه هي اللعبة الديمقراطية التي يؤمن بها المرشحون المؤهلون ، والتي يؤمن بها الشعب العراقي .
كلامنا عن المرشحين الفاقدين للأهلية وهم كثيرون هذه الايام ، ومستعدون لخداع الجماهير وشراء الاصوات ، أذ يستخدمون مختلف انواع الكذب والخداع لتحقيق هذه الغاية ، لكن أملنا بجماهيرنا كبير، لتشخيص هؤلاء ولطمهم على وجوههم من خلال عدم التصويت لهم ، بعضهم يجبر الناس على اليمين لغرض التصويت له ، أو يدعي أنه قريب من مركز القرار ويستطيع أن يفعل أي شيئ من تعيين أو عمل صحوات الى غير ذلك من الاكاذيب التي تنطلي على البسطاء من الناس ، وكأنّ الامر أعتباطيا أو أنّ المسؤول في الدولة لا يحكمه القانون ، يدعي أنه قريب من رئيس الوزراء أو الوزير أو أي مسؤول في الدولة ، يعين هذا ويفصل ذاك على هواه من دون مسؤولية أو ضوابط ، وكأن المسؤول في الدولة مطلق الصلاحيات ، وبالفعل قام أحد المرشحين بجمع ملفات من الناس يدعي أنه سيعينهم ، ثم قام بحرقها خفية ، تخيلوا ماذا يفعل أو يقدم مثل هذا النموذج عندما يكون عضوا لمجلس المحافظة وهو يكذب ويخدع الناس البسطاء بهذه الأفتراءات ؟ لو كانت هناك ضوابط تحاسب مثل هؤلاء الكذابين الذين يريدون خداع الجماهير لما قام مثل هذا النموذج أو أحد حواشيه ومرتزقته بمثل هذه الأكاذيب .
أما السلبيات التي تتعلق بالمواطنين فهي أيضا كثيرة ، نذكر منها على سبيل المثال ، فقدان الوعي الانتخابي ، وعدم وجود الثقافة الانتخابية ، وانحسار الشعور بمسؤولية وأهمية الأنتخابات ، هذه أهم السلبيات الموجودة في الوسط الجماهيري .
بعض الافراد وللأسف الشديد مستعد ليتحول الى مرتزق يبيع نفسه لصالح بعض المرشحين الفاشلين من أجل حفنة من الدنانير ، ولا اعني بالفاشلين من لم يفز في الانتخابات ، لأن الانتخابات لابد من وجود الفائز أو غير الفائز لأن المطلوب عدد قليل من المرشحين من أصل العدد الكبير لهم ، انما اعني بالفاشلين المرشحين الذين لا يمتلكون أهلية الترشيح ورشحوا أنفسهم بوسائل ملتوية ، او خاضوا الانتخابات سابقا لمرة او مرتين وفشلوا فيها ، علماً أنّ الأنتخابات سباق مشروع بين المتنافسين الذي يمتلكون الأهلية ، لكن هذا السباق يجب ان يكون بوسائل نظيفة وشريفة ، الفاشلون هم الذين يدفعون الأموال السحت لغرض شراء الأصوات ، بواسطة المرتزقة المهيئين لخدمة المرشح الفاشل ، أذ يندفع المرتزقة لكسب الأصوات للمرشح الفاشل من خلال أعطاء الرشى بعنوان الهدايا ، لكن هذه الهدية مشروطة بأداء اليمين من قبل المواطن كي يصوت للمرشح صاحب الهدية ، او يلجأ المرشح الفاشل مع مرتزقته لكسب الأصوات لقاء أعطاء الوعود الكاذبة غير الواقعية الى الجماهير البسيطة التي تحتاج الى الخدمات او تحتاج توفير فرص العمل للعاطلين ، الى غير ذلك من الطلبات .
من السلبيات الأخرى التي شابت العملية الأنتخابية ، أنّ البعض أندفع للتصويت الى أحد المرشحين بدوافع عشائرية أو مناطقية أو حزبية أو مذهبية ، نقول لا بأس بالأنحياز لهذه العناوين أذا توفرت في المرشح مواصفات الأهلية من كفاءة ونزاهة ووطنية وتأريخ شخصي نظيف ، والملاحظة الأخيرة التي أود التطرق اليها ، هي ما يتعلق ببعض المرشحين المسؤولين في الدولة ، أذ يستغلون مناصبهم وآليات الدولة لغرض خدمة حملتهم الأنتخابية ، هذه السلبيات بمجملها بحاجة الى تشريعات لغرض التقويم والضبط كي تسير العملية الديمقراطية في البلاد في الأتجاه السليم والصحيح .