منذ زمن طويل تستوقفني الكثير من النبوءات في الكتاب المقدس . وكلما أتوغل في التفاسير وأبحث فيها ازداد ضياعا حيث تُسحب النصوص عنوة إلى جهة معينة يعني مثلا في هذه النبوءة تقول : ((من ذا الآتي من أدوم بثياب حمر من بصرة ؟ هذا البهي بملابسه المتعظم بكثرة قوته)) وعندما اذهب للتفاسير وشرّاح الكتاب المقدس اجدهم يسحبون النص بقسوة بالغة لكي يعني يسوع المسيح . فأقف هنا حائرة كيف يكون يسوع هو صاحب الثوب الأحمر والنبوءة تقول انه جاء من أدوم التي هي تشمل اليمن والحجاز وما جاورها ويسوع لم يذهب إلى هناك اضافة إلى أن النبوءة تشير إلى رجل عظيم محارب متعظم بكثرة قوته .
خذ مثلا تفسير القس تادرس لهذا النص كما في تفسير الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص تادرس يعقوب اشعياء 63 - تفسير سفر أشعياء تحت عنوان : المسيح دائس المعصَرة فيقول : ((يتكلم السيد المسيح عن برّ لا بفمه فقط وإنما بكل كيانه وحياته التي بذلها بإرادته المقدسة خلال حبه الإلهي لأجل تبريرنا، ليُصلح من حال طبيعتنا الفاسدة ويهبها شركة الطبيعة الإلهية من جهة الموقع رآه قادمًا من "آدوم" التي تعني "ترابًا" أو "دمًا". وكأن الرب جاء إلى حيث سقطنا، إلى آدوم، حيث عدنا إلى ترابنا لكي يحول ترابنا إلى سماء. لقد قيل لنا "لأنك تراب وإلى تراب تعود الآن إذ نزل مخلصنا السماوي إلى أرضنا لنتحد معه نسمع الصوت الإلهي: "لأنك سماء وإلى سماء تعود". هذا هو برّ المسيح الذي يرفعنا كما من المزبلة ليُقيمنا في سماواته)) يعني خلط عجيب لا تخرج منه برأس ، القس هنا لم يُبين ماهي (( المزبلة )) التي جاء المسيح ليُقيمنا منها .
وأما القس أنطونيوس فقد جاء بتفسير جدا غريب كما في : شرح الكتاب المقدس العهد القديم القس انطونيوس فكري تفسير سفر اشعياء فقد قال : ((هنا استعارة مأخوذة من الشرق حين كان أهل الشرق يجمعون العنب ويطرحونه في معصرة عظيمة ثم يخلع الشبان ثيابهم ونعولهم ويلبسون ثيابًا بيض ويدخلون إلى أرض المعصرة حفاة الأقدام فيدوسون العنب فتتلطخ ثيابهم بدم العنب الأحمر وكان الشباب يخرجون من المعاصر وثيابهم ملطخة وحمراء. هنا في الآيات القادمة نتقابل مع شاب يلبس لباسًا احمر هو المسيح الفادي الذي غطى دمه جسده ليفدى كنيسته. وهذا الشاب داس المعصرة إشارة لأنه داس أعداءه وأعداء شعبه (الشياطين) والفرحة (فرحة عصير العنب) إشارة لفرحة الكنيسة بخلاصها من أعدائها)). شيء محيّر جدا .شنو عنب شنو ملابس بيض ؟
سألت يوما زميلتي في الكهنوت الأخت (هدى بطرس ايشو) وكانت كاثوليكية مثقفة . قلت لها ما معنى هذا النص ؟ قالت : لا أدري ولكني سوف اسأل صديقي لي قسيس جدا متبحر في الكتاب المقدس. ثم قالت بعد مدة . أن هذا النص يتعلق بشخص يأتي من المسيحية ليقضي على دولة الشيطان ويوحد الاديان وهذا الشخص غير معروف.
فقلت في نفسي إذن هم يعرفون أن هذه النبوءة مستقبلية تتعلق بشخص لم يأت بعد . وهذا ما شجعني على البحث في مصادر الأديان الأخرى خصوصا وقد رأيت ان البوذية والهندوسية والمسيحية جدا متعلقة بالثياب التي لونها مائل للحمرة.
وبعد بحث وعناء كبير أصبت بالخيبة وذلك لأن هذه الأديان إثنان منها وثنية والنبوءة مقدسة تتعلق بشخص مقدس عظيم له قوة وامكانية . والمسيحية نبيها رجل مسالم لم يخض حربا ولم يكن له جيش .
فلجأت لدراسة الدين الإسلامي ولكني أين اجد شخص من هذه الديانة يرتدي ثوب أحمر ويكون بهذه المواصفات ؟
وبعد بحث مضني عثرت على النص الذي اطلبه والذي جعلني اترك البحث واخرج إلى حديقة المنزل وانا اشعر بنشوة غريبة تجتاح بدني . لقد انطبقت كل مواصفات هذه النبوءة على شخص واحد وبشكل مذهل جغرافيا وعسكريا ومدنيا .
فماذا تقول النبوءة في سفر اشعياء : (( من ذا الآتي من أدوم ، بثياب حمر من بُصرة ؟ هذا البهي بملابسه ، المتعظم بكثرة قواته . المتكلم بالبر العظيم للخلاص. مابال لباسك محمر، وثيابك كدائس معصرة؟))
سوف استعرض معك أخي الطيب وصديقي هذه النبوءة في الحلقة الثانية . فانتظرني .