(1)
طريقتان للحركة ..
حين نلاحظ نمط العمل الذي يمارسه الفاعلين الاجتماعيين والمؤثرين في الوضع العام نجد ان ثمة طريقتان متمايزتان لتلك الممارسة
الطريقة الاولى : تضع بنظرها ان تحقق ماربها بوسائل مختلفة قد لا تكون محكومة بضوابط الاخلاق من الصدق والامانة والانطلاق من الواقعيات ومن هنا توظف كل وسائل الاعلام وتستغل عواطف الجمهور وتتلاعب بالوعي العام وتزيف الحقائق من اجل ان تبقى في موقع الفعل وتمارس اكبر قدر من التاثير مستفيدة من الجهل تارة ومن الطمع اخرى ومن ضعف النفوس ثالثة .
مثل هذه الفعاليات يطول لسانها في تجريح الاخرين وتبرئة الذات من أي نقص تتكلم بكثرة وتحاول قدر المستطاع تلميع صورتها لدى العامة لتصل او لتحافظ على مواقع التاثير والصدارة .
الطريقة الثانية : تضع بنظرها ان يكون الضابطة الاخلاقية معيارا اساسيا في تعاملاتها لا تتحدث بمنطق الاعلام الذي قد يزيف حقيقة ويتلاعب بالقناعات لانها في الاساس لا تهدف الى جر اكبر عدد من الاتباع لصفها بل تنطلق من ان الفعل الاجتماعي العام هو مسئولية وتكليف وان كل كلمة وكل سلوك يضع صاحبه امام المسئولية العظيمة امام الله سبحانه منتهى مسئولية كل مسئولية فلا تراها تكثر من الكلام او من الرد على من يتهمها ومن الدفاع عن الاشخاص ومن الدعوة الى ذوات لانها لا تجد في ذلك ضالتها فتراها تبين الحقيقة لمن يطلبها ولا تستخدم اساليب لفرض الراي او تسويقه على الطريقة الاعلامية لانها لا مطمع لها بما يجلبه الاعلام لها من ثمار بل كل مطمعها بالاثر الحقيقي لمن يطلب الحقيقة
المرجعية الدينية لو نظرنا اليها بعين الانصاف وجدنا انها تعمل ضمن النمط الثاني فهي لم تسوق لشخص المرجع اعلاميا ولم تكثر من القول في مسائل الخلاف ولم تسع يوما لاستخدام لغة لكسب شارع ولم تتصد يوما للدفاع عن شخص المرجع حين يناله شخص هنا او اخر هناك ولو اردنا ان نحلل هذه الظاهرة لامكن القول ان ذلك يرجع الى ان المرجعية لا تهتم بكثرة الاتباع لانها ترى في ذلك ثقلا ومسئولية تضاف الى مسئوليتها وان المسئولية كلما عظمت عظم الحساب عليها فهي لا تمثل غنيمة يسعى المرجع خلفا بقدر ما تمثل تكليفا شرعيا يحاول الخروج عنه دون ان يكون مقصرا امام الله سبحانه ونبيه واهل بيته .
من هنا ندرك لماذا لا يتصدى المراجع للإعلام على الرغم من كثرة التهم التي توجه اليهم وفي الواقع ان هذه الاشكالية تحل بالنظر الى :
اولا : ليس كل المواقف تتطلب الكلام فبعض المواقف يكون السكوت وعدم الكلام خير جواب لها المصلحة العامة قد تقتضي ان لا يجيب الانسان لان الاجابة تعني بشكل واخر اعترافا وانسياقا باتجاه منزلقات خطيرة؛
يقول الشاعر : لو كل كلب عوى القمته حجرا لاصبح الصخر مثقالا بدينار
ثانيا : المرجع الحق لا يكترث بكثرة الاتباع ولا يهتم ان يكون عدد من يقلده اكثر وذلك امر طبيعي بالنظر الى ان المرجعية تعني مسئولية امام الله وتعني تكليفا لا تشريفا وبالتالي كلما كان مسئوليته اقل كان افضل ومن هنا فلا يحرص المرجع على استعمال الاعيب الاعلام من اجل ان يكثر نفوذه وتاثيره لانه يرى في ذلك حملا اثقل ومسئولية اعظم ..
يتبع الحلقة الثانية ..
|