تعرضت في الأيام الأخيرة أربعة صحف عراقية إلى هجمات واعتداءات على مقارها وهي المستقبل العراقي والبرلمان والناس والدستور، وتعرضت العناصر العاملة فيها للخطر والقيام بحرق وتخريب محتوياتها، وتهديد بعض الصحف الأخرى مثل جريدة “البينة الجديدة” عن طريق أميلها العام حيث هددوا الزميل عبدالوهاب جبار رئيس التحرير بالتصفية ووعدوا جميع المنتسبين فيها بالمطاردة والقتل ، ويؤشر ذلك ظاهرة خطيرة لابد من الانتباه لأبعادها ومغزاها واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية حرية التعبير وحياة العاملين في المؤسسات الإعلامية .
إن الأمر الأكثر خطورة في هذه الحوادث يكشف لنا عن أنه وبعد الشروع بالعملية السياسية منذ أكثر من 10 سنوات من إن هنالك قوى مازالت تعتقد بان التعبير عن الرأي أو الاحتجاج يتم باستخدام العنف والقوة وهذا الأمر في غاية الخطورة لأنه يتقاطع مع القانون والدستور والأعراف الديمقراطية التي يستوجب إن يكون هناك رأي ورأي آخر يعبر عنه بكل الوسائل باستثناء أساليب العنف والقمع وإلا فإننا سنعود إلى منهج الغابة التي لا تعترف بقانون أو بدستور وتعتمد على مخالب القوي في افتراس الضعيف .
إن الذي حدث يحتاج لإعادة نظر في ضرورة تثقيف المجتمع بجميع مستوياته لإتباع النهج الديمقراطي في الحوار واحترام الرأي الآخر ، فضلا على ضرورة تفعيل القانون لردع كل الجهات التي تستخدم العنف في الحوار أو الاعتراض ، وبدون ذلك يعد الحديث عن الديمقراطية أمرا غير معقول في ظل هذه الأوضاع ، ويعني ذلك أيضا تراجعا ليس لحرية الصحافة فقط بل لحرية الإنسان في الاعتقاد والتفكير والانتماء وحقه في اختيار ما يراه مناسبا في الأفكار والعقائد والمرجعيات .
ونؤكد من اجل سلامة المسار الديمقراطي إن تتخذ كل الإجراءات التي تعزز هيبة القانون وتردع كل المجموعات مهما كانت هويتها أو سلطتها في الاعتداء على أشخاص أو مؤسسات مارست حقها الطبيعي في إبداء الرأي أو نقل الأخبار ، وعلى الآخرين إن يدركوا بان الوسيلة الحضارية الوحيدة التي تدلل على وعيهم وثقافتهم إن يردوا على الأخبار والمقالات بردود معقولة وبمقالات أخرى تحمل وجهات نظرهم وان لا يلجأوا إلى أساليب قانون الغابة .
firashamdani@yahoo.com