بسم الله الرحمن الرحيم
شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان-185-البقره
شهر رمضان شهر الخير والبركة والألفة والسمو الروحي .أنه الشهر الذي يلتقي على بركاته ومعانيه الجليلة السامية الفقير والغني والرئيس والمرؤوس فترق فيه القلوب ، وتخشع فيه النفوس لخالق هذا الكون البديع العظيم وتتنادى فيه الأرواح الظامئة ألى رحمته التي وسعت كل شيئ لتنهل من غفرانه .وتتنور ببركاته وتعيش في أشراقات جلاله في لحظات قدسية نورانية تتفتح فيها أبواب السماء لطلب المغفرة والعفو من كل نفس أمارة بالسوء مهما ارتكبت من العصيان والجحود بحق خالقها جلت قدرته . وبهذا الأرتباط العظيم بين الخالق والمخلوق تتنور القلوب وتهتدي
النفوس على طريق المحبة الأنساني من خلال الآية الكريمة التي خاطب الله بها خلقه من أقصى الأرض ألى أقصاها تلك الراقية بسموها وبلاغتها وعمقها النوراني الوهاج بسم الله الرحمن الرحيم : (ياأيها الناس أنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله أتقاكم أن الله عليم خبير . )13-الحجرات. فبين الله سبحانه وتعالى في هذه الآية العظيمة الوشيجة التي تربط بني الأنسان بعضهم بالبعض الآخر من خلال صفة التقوى التي ترفع من قيمة الأنسان المعنوية وتجعله كائنا راقيا متنورا يجمع الصفات التي أرادها الله له لتضيئ قلبه وروحه
ووجدانه بقيم الخيروالصفاء والجمال وبالتالي لكي يكون عامل أسعاد لنفسه وعائلته ومجتمعه ولكل أبناء جلدته من البشر مهما ابتعدت المسافات في كوكبنا الأرضي ليحصل بذلك على النعيم الأزلي الخالد في جنته التي وعده بها. بسم الله الرحمن الرحيم : (تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا. )63-مريم( وتزودوا فأن خير الزاد التقوى ) (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا)4-الطلاق قد قال رسول الأنسانية الأعظم محمد الصادق الأمين ص : (كرم المرء دينه ومروءته عقله وحسبه خلقه . ).
أن القوة التي تدير عجلة الحياة بسرعة وتمنح هذا العالم النشاط والحيوية والعلاقات الأنسانية الصافية والنقية هي قوة الأيمان بالله والتقوى له وهما الصفتان اللتان تزرعان الرقي والسمو والرفعة في النفوس البشرية الطافحة بالخير والتسامح والمحبة في عالمنا الذي نعيشه . والصوم في هذا الشهر الكريم هو أحدى فرائض الخالق العظيم الذي جعله الله لعباده لكي يكون لهم جنة من النار (بضم الجيم )أي وقاية وحاجز وهو أفضل الشهور خيرا وبركة كتبه الله على أبناء أمته الأسلامية لكي يتنازل الغني الذي تغريه الدنيا وزخارفها عن غروره وكبريائه فيمسه
الجوع ويشعر بجوع الفقراء ومعاناتهم ولابد أن تنبض في نفسه كوامن الخيرفي نفسه فيندفع بالعطاء والأحسان مما أنعم الله به عليه من خيرات الدنيا . ولابد أن يكون الصائم الملتزم بمفاهيم الصيام السامية والعالية أن يكون في عبادة ربانية حقيقية ترفع من قيمته الأنسانية فضلا عن الفوائد الصحية التي ذكرها الأطباء في هذا المضمار.
أن صون اللسان وغض البصر وصلة الرحم والتصدق على الفقراء والمساكين والأبتعاد عن الموبقات واللذات المحرمة والحفاظ على دم المسلم من قبل أخيه المسلم والأستغفار والتوبة ألى الله توبة نصوحا والأبتعاد عن المكاسب الشخصية وأكل المال الحرام على حساب الفقراء والمحرومين وعدم التحايل من أجل الوصول ألى أهداف تتعارض مع مصلحة المجموع وقول الصدق والتحلي بالشجاعة الخلقية في المواقف الصعبة وقول الحق مهما كانت النتائج . كل هذه الصفات وغيرها ترقى بالنفس الأنسانية ألى مراتب عليا وتجعلها متفاعلة تفاعلا أيجابيا في مجتمعها بعيدا عن
الأنانية والوصولية والأنتهازية ونوازع الشروشهوات النفس الجامحة التي لاتشبعها كل خزائن الأرض كما قال الشاعر:
والنفس راغبة أذا رغبتها –وأذا ترد ألى قليل تقنع
والقناعة بالنسبة للمسلم وغيرها من الصفات الأنسانية الكثيرة التي لايحصر عدها هي من جوهر ديننا الأسلامي الذي يتعرض للتشويه المستمر من أعدائه التقليديين والسطحيين منذ أن أشرق نوره الوضاء على البشرية وبشر به سيد الأنبياء ومنقذ البشرية الهادي الأمين محمد بن عبد الله ص وأعداء الأسلام كثيرون اليوم سواء أكانوا في الغرب الذين لم يتوصلوا ألى عمق معانيه الأنسانية الكبرى والتي غايتها أسعاد البشرية في الدنيا والآخره أو من بعض المنتمين أليه شكلا من منتهكي الأعراض وقاتلي النفس التي حرم الله قتلها ألا بالحق من دعاة التكفير
والتعصب تلك النفوس التي جبلت على الشروالتعصب والرغبة الجامحة في الأنتقام والتدمير.وعملية الصوم بالنسبة للمسلم هي عملية تنازل عن كل شهوات الجسد ورغبات النفس الأمارة بالسوء التي تقود الأنسان ألى مهاوي الرذيلة والعدم وهي محطة ألهية وارفة الظلال عظيمة الفوائد واسعة الرحمة في هذه الحياة الدنيا لأن يقف الأنسان المسلم فيها ويراجع نفسه ويصحح من خطاياه وأخطائه لكي يصعد في سلم الكمال الروحي والخلقي وفق المنهج القرآني العظيم الذي رفعمن قيمة هذا الأنسان وكرمه بسم الله الرحمن الرحيم : (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر
والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا. )70 –الأسراء أن هذا الكتاب الألهي العظيم الذي حري بكل مسلم وغير مسلم أن يتدبر معانيه الراقية السامية لكي يضع قدمه على الطريق الصحيح الذي خلقه الله من أجل أن يسلكه لأنه النور الذي يهديه ألى هذا الطريق طريق النعيم السلام والخير والسعادة والهداية والهناء الدنيوي والأخروي. بسم الله الرحمن الرحيم : (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات ألى النوربأذنه ويهديهم ألى صراط مستقيم. )16-المائده
أن أمتنا الأسلامية اليوم في وضع لاتحسد عليه فهي تمر في ظروف عصيبة وتعتريها أزمات كبرى وأعداء هذه الأمة يتمادون في التعدي على مقدساتها وقيمها أكثر فأكثر كلما شعروا ويشعرون بضعفها وهوانها نتيجة النعرات الجاهلية التي تعصف بها من الداخل وأخطرها فتكا ودمارا هو هذا التعصب القومي والمذهبي التي تبشر به فضائيات مشبوهة مدفوعة الثمن تحت أسماء ومسميات أسلامية لكنها تقطر سما زعافا مثل مايدعونه ببرنامج (الحوار الصريح بعد التراويح ) في فضائية معروفة بتوجهات صاحبها مهما حاول أن يجلبب نفسه بمحاولة جمع المسلمين وتوحيدهم لكنها في
الحقيقة صارت بوقا لكل واعظ خبيث مكفر لايحمل في نفسه ألا الخبث والمكر والبهتان فبلغت فيها أقوال هؤلاء المتعصبين الذين جعلوا من الأسلام بعبعا يخيف الآخرين وفرقوا الأمة وجعلوا من المسلم المسلم أن يكفر أخيه المسلم ويستبيح دمه وهم يتفرجون على ذلك وكأن الأمر لايهمهم من بعيد ولا من قريب وهاهي الأمة تتمزق يوما بعد يوم نتيجة لهذه الخطابات الطائفية التكفيرية المشوهة الحاقدة البعيدة كل البعد عن روح الأسلام وجوهره وقد قال الله في محكم كتابه العزيز بسم الله الرحمن الرحيم : ( وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون .)
25-المؤمنون . ( إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون . )92-الأنبياء.وقد قال رسول الله ص : (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده . ) وفي رواية أخرى (المسلم من سلم الناس من لسانه ويده) فماذا سيقول هؤلاء لربهم بعد أن أصبحوا أبواقا ومطايا لأعداء الأمة يركبونها متى شاءوا ورغبوا ليحققوا أغراضهم الدنيئة المعادية من خلالها نتيجة سقم الآراء ورواسب الجاهلية الجهلاء التي تشبعوا بهافي هذه الفضائيات التي لاترعى حرمة لرمضان ولا في غير رمضان ولم تستطع أنفسهم الأمارة بالسوء التخلص منها وراحوا يكيلون المدح لملوك العهر والفساد والطغيان
والأستبداد ويحيطونهم بهالة من العظمة والتبجيل المزيفين لخداع عقول الناس وصرفها عما يرتكبون من آثام بحق شعوبهم .
أن ديننا الأسلامي العظيم الذي سداه ولحمته التسامح والمحبة ولم الشمل والتكافل والرحمه والعطف والمساواة ومحاربة الظلم والظالمين يحاول هذا النفر الضال من المحسوبين عليه أن يجعل منه دين تعصب وحقد وتكفير وانتقام وخضوع للطغاة والمتجبرين الذين يعتبرون أنفسهم ظل الله في الأرض ظلما وعدوانا وحاشى لهذا الدين السماوي العظيم أن يكون مهادنا للطغاة المتنعمين بخيرات الشعوب على مر تأريخه ولن يكون أبدا كذلك مادمت الأرض رغم هذه الأبواق التي شوهت كل معاني الأنسانية التي يتميز بها ديننا الأسلامي الحنيف . وقد قال الله في محكم كتابه
العزيز بسم الله الرحمن الرحيم : (ومن أحسن قولا ممن دعا ألى الله وعمل صالحا وقال أنني من المسلمين . )33-فصلت
أن الأنتماء للأسلام تكريم من الله جلت قدرته ينبغي أن يكون المسلم مؤتمنا عليه عاضا عليه بالنواجذ سالكا طريقه المستقيم الذي لاعوج فيه متمسكا بحبله المتين القرآن العظيم وسنة نبيه الكريم سيد البشرية ومنقذها من الضلالات الجاهلية والعنعنا ت الطائفية والعنصرية التي تنخر في جسد الأمة و لاتزيدها ألا ضعفا وتخاذلا أمام أعدائها .
أن قيم رمضان تؤكد تلك الحقيقة الأسلامية التي تخاطب المسلم وتقول له أبتعد أيها المسلم عن الفحش والسباب والبهتان واحفظ لسانك من الزلل وقد قال رسول الله ص نقلا عن أبن مسعود في كتاب البخاري (الأدب المفرد) : (سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر ) و(ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيئ . ) فهل يرعوي من في قلبه ونفسه شيئ من هذه الترسبات الجاهلية العمياء أن ينأى بنفسه عنها لكي يرفع رأسه ويحتفظ بكرامته الأنسانية وخلقه العالي السليم من دكل دنس ورجس وضعف وقول زور .؟ ولا يسعني ألا أن أخاطب السياسيين في عراقنا الجريح الذي يمر
عليه شهر رمضان وشعبه محروم من أبسط الخدمات ويعيش حمى هذه الصراعات العقيمة التي طفح كيلها وانتشرت رائحتها الكريهة وابتعدت عن كل مفهوم أخلاقي وأنساني وأصبحت شديدة القرف لدى معظم الأوساط الشعبية التي تحترق في جحيم الحر والفاقة والحرمان وانعدام أبسط الخدمات وقد قال رسولنا الكريم محمد ص (من بات ولم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم ) فهل سيكون شهر رمضان شهر الله الأسمى موسما لتراشق التهم والتخوين وخطب التهديد و الوعيد التي تلقى من الفضائيات منذ حوالي خمسة أشهر وخاصة بين من يدعي أنه المتمسك بقيم الأسلام العظيم ومبادئه
الأخلاقية أم سيكون شهرا للحكمة والموعظة الحسنة وتحسس آلام الملايين ومعاناتهم وغسل القلوب من الأحقاد والأدران التي أفرزتها صراعات السياسة بين أبناء الشعب الواحد وسببا للتخفيف من آلامهم وجراحاتهم بعيدا عن أجندات هذا الصنم أو ذاك من حكام الأبد الذين لايريدون لشعبنا الخير والأستقرار أبدا. هل يسلك سياسيوا العراق الطريق الأصوب لأنقاذ الشعب بالأسراع في تأليف حكومة قوية نزيهة تليق بالشعب العراقي وتخفف من معاناته الطويلة ؟ ليفوزوا بالسعادة في الدنيا والآخرة وأقول لكل سياسي يحاول الوصول ألى الكرسي على حساب المحرومين من أجل
نوازعه الذاتية فقط لقد ذهب حكام كثيرون من هذا النمط بعد أن تلاعبوا بأموال الشعب ومقدراته وخانوا الأمانه وبنوا القصور الفارهة لكنهم لم يحصلوا ألا على لعنة التأريخ والأجيال وسقطوا في مزبلة التأريخ غير مأسوف عليهم والأمورتقاس بخواتيمهاوأقول لكل واحد منهم :
لعمرك ماالسعادة في الكراسي-ولكن التقي هو السعيد .
جعفر المهاجر
السويد في 11/7/2010
|