على الرغم من أن أغلب محافظات العراق ومنذ 9/4/2003 تشكو انعدام الخدمات ،وتلكؤ المشاريع وفشلها ،وبالتالي فشل الحكومات المحلية فيها ،ولهذا الفشل عدة أسباب أهمها انعدام الكفاءة ،وكذلك انعدام الذمم ،والفساد الإداري ،وأيضا هناك أسباب أخرى تتحجج بها هذه الحكومات ،منها ،قلة التخصيصات المالية للمحافظات ،والتداخل في الصلاحيات بين المركز(بغداد) والمحافظات غير المنتظمة بإقليم وبوجود قانون مجالس المحافظات رقم (21) المعدل ،إلا محافظة واحدة لم نسمع عنها أو منها الشكوى مع أنها تشترك مع شقيقاتها المحافظات الأخرى بذات المشاكل ،زائدا ما أصابها من تدمير منظم على السلطة البعثية طيلة حكمها من 17/7/1968إلى يوم 9/4/2003لاسيما بعد انتفاضة آذار 1991التي عرفت بالانتفاضة الشعبانية ،وشمل هذا التدمير كافة شؤون الحياة ،ولو استعرضنا ما جرى على مدينة العمارة لوجدنا أن الحيف قد أصابها من كل السلطات العراقية التي استلمت الحكم في 1921تقريبا ،لكن وكما ذكرنا كانت حقبة البعث التي دامت 35عاما هي الأقسى على هذه المدينة .والحقيقة كنت عندما أقرأ واسمع عن هذه الانجازات وهذا النجاح في محافظة ميسان ومركزها العمارة ،أتساءل مع نفسي ،هل لهذه الانجازات من حقيقة على الواقع ،وهل هناك مظاهر لهذا النجاح ،وهل من أرقام ،كما يقال،تؤيد ما يذاع عن هذه المدينة ،وهل له أسس ومقدمات ،وأعني هل هو نتاج تخطيط علمي ودراسات ؟ ثم تساءلت ،أغلب محافظات العراق تشكو المدارس الطينية،ترى ما وضعها في العمارة ؟ وأيضا ترى ما وضع الواقع الصحي في العمارة ،وهل من نجاح أم حاله حال الواقع الصحي العراقي البائس ؟ وما هو حظ الطاقة الكهربائية وهل الكلام عن التحسن ؟ وأنا في خضم هذا الحوار مع الذات تلقيت دعوة كريمة ،جليلة من عضو مجلس محافظة ميسان ،الأخ (ميثم الفرطوسي) رئيس لجنة الصحة والبيئة ،ونائب رئيس لجنة الأمن في المجلس المنتمي لنفس كتلة المحافظ (كتلة الأحرار)،لبيتها بأسرع ما يمكن ،عسى أن أعثر على إجابات عن أسئلتي آنفة الذكر ،والحقيقة وأنا في الطريق الرابط بين مدينتي الحبيبة (الكوت) ومدينة العمارة تعمدت وعلى غير عادتي أن اسأل المسافرين الذين يرافقونني ،وكذلك سائقي الأجرة عن حال (العمارة)،والأعمار فيها ،والخدمات التي تقدم لأهالي العمارة ،فكنت لا أسمع غير الرضا ،لا بل سمعت الكثير من مفردات الفخر بمدينتهم وما ينجز فيها . استقبلني الأخ ميثم الفرطوسي بحفاوة ،وكرم أهل العمارة المعروف وبمعيته الأخ سعدون معلة العقيلي عضو مجلس محافظة ميسان ،رئيس لجنة الخدمات ،والأخت الكريمة ذات النشاط والعطاء الكبيرين (رقية النوري) عضوة لجنة حقوق الانسان ،وهما
أيضا من كتلة الأحرار ،وبعد تبادل التحايا مع الإخوان ،طرحت عليهم أسئلتي ،وكانت الإجابات قد أحدثت في ذهني والحق يقال هزات متداخلة منها الفخر بعراقيين لم يقفوا أمام تعقيدات القوانين مكتوفي الأيدي ،بل عملوا ،وجدّوا في العمل،فأنجزوا ما حقهم أن يفخروا به ،والهزة الأخرى تمثلت بشكوى ،من حال المحافظات الأخرى ،لماذا لم تأخذ من العمارة نموذجا وخط سير لهم فيبلغوا ما بلغته العمارة .وكان أول المتحدثين الأستاذ سعدون معلة رئيس لجنة الخدمات ،الذي أكد في بداية حديثه أن مركز المحافظة ،مدينة العمارة كانت تظم في يوم 9/4/2003،من 24 إلى 28حيا سكنيا ،أما الآن تظم 60حيا سكنيا منها 56 قد كملت فيها عناصر الخدمة المقدمة للمواطنين من الكهرباء،الاتصالات ،المجاري،الماء،الأرصفة ،التبليط ،ومجاري مياه الأمطار فضلا عن المدارس ورياض الأطفال والمراكز الصحية والمستشفيات والمدارس،أي أن الذي يجري في العمارة أن التبليط هو آخر مرحلة بعد إكمال بناء الأحياء السكنية فالخدمات من كهرباء واتصالات ،والمجاري ،والمراكز الصحية يتم العمل بها عند إنشاء الحي وليس بعد بنائه وسكن الناس فيه ،وبعد أن سألته عن الأربعة أحياء المتبقية ،أجابني أنها في أطراف المدينة ويجري العمل فيها على قدم وساق . وأكد أن هذا الذي قدم هو نتاج تخطيط مدروس ونتاج تبادل السلطة السلمي ،كما أنها نتاج رغبة أهل العمارة بالتقدم ،ورغبة أعضاء مجلس المحافظة جميعا وفي مقدمتهم أعضاء كتلة الأحرار في أن يقدموا المزيد من العطاء لمدينتهم .وأكد على أنه لحد سقوط صدام حسين لم يكن هناك حوض تفتيش واحد(منهول) في العمارة إلا في بعض الأحياء القليلة والآن البنى التحية قد اكتمل انجازها،وقد خرجنا الآن من الأقضية والنواحي إلى ما هو أبعد أي إلى خارجها لإنشاء هذه البنى ،علما أن السكان في العمارة يبلغ تعدادهم 650000نسمة بعد كانوا ما يقرب 350000،وأكد التخطيط العمراني جاء بجهود كوادر هندسية متخصصة مخلصة ورائهم محافظين يؤيدون ويرغبون بالتقدم مثل المهندس عادل مهودر ،وقد تحولت العمارة إلى جاذبة للسكان بعد أن كانت طاردة لهم وقد استقبلت في السنوات الأخيرة هجرتين في حقيقة الأمر ،المهاجرين قسرا(المهجرين) ،والمهاجرين إليها اختيارا بعد التقدم الذي حصل فيها، ومن الداخل إلى المركز أي من الأقضية إلى المركز ،وبعد أن كانت العمارة تعيش في زمن ما قبل التاريخ ولا نستطيع أن نضعها حتى في مصاف العالم العاشر،تحولت اليوم إلى مدينة يفخر بها كل عراقي ،وذكر الاستاذ سعدون معلة أنه من 2005إلى 2012لدينا 1200مشروع اكتمل منها 90% وقد أظهرت بيانات التخطيط أن العمارة هي الأولى في انجاز المشاريع وأيضا في إنفاق الأموال المخصصة لنا ،أي لا يتم إعادة أي أموال إلى الخزينة لتدور مرة أخرى بسبب إنفاقها على المشاريع ،على الرغم من المركز(الوزارات في بغداد) قد ظلم مجالس المحافظات في التخصيصات المالية لتنمية الأقاليم إذ تخصص بغداد من الميزانية العامة 91% للوزارات و9% للمحافظات وننجز من هذه النسبة القليلة كل مشاريعنا، ودوائرنا الخدمية ال24جميعها فيها مشاريع، وبدأنا بالبنى التحتية في حين أن مشاريع الوزارات متلكئة ،وقد خطرت في ذهني معضلة طالما تعاني منها المحافظات وهي مشكلة المتجاوزين ،فأجاب، هناك 8000عائلة متجاوزة تقريبا خصصنا كمجلس محافظة لكل عائلة 100متر في حي سكني تم تخصيصه لهم باسم حي الرحمة وفي حالة وجود مشروع في منطقة ما يمنح المتجاوز قطعة ارض ويرحل إلى هذا الحي وحسب رغبته،وعن مشكلة السكن ،أكد هناك مشاريع سكنية بالشكل العمودي لدينا 4-5مشاريع سكنية.وعلى المستوى الترفيهي للمواطنين أنجزنا 158حديقة في عموم محافظة ميسان ،وعلى مستوى نظافة البيئة كانت هناك مشكلة الرعي في داخل مركز العمارة حالة مستشرية وظاهرة طبيعية تم القضاء عليها ،وكذلك تم القضاء على ظاهرة الكلاب السائبة عددها 560 كلب ،الرعي انتهى داخل المدينة ،وقد وزعت 164000حاوية قمامة على الناس .أن هذه الدورة من المجلس 2009قد بدأ العمل الفعلي بعد سنتين من عمرها.إلى هنا أقف كمقدمة لما سأقدمه في الحلقات القادمة وبأرقام في الانجاز وتصميم عال المستوى يمكن أن يتحول إلى نموذج لمحافظات العراق الأخرى .أن لجنة الخدمات التي التقيت برئيسها عن كتلة الأحرار الأخ سعدون معلة قامت بتنفيذ وانجاز مشاريع يمكن لي أصف ما قامت به على أنها أرقام قياسية إن لم أقل أكثر من ذلك ،أن العمارة التي كانت توصف ويضعها الآخرون حتى قبل عتبة التخلف ،تحولت اليوم وبعزم أبنائها الذين آلوا على أنفسهم أن يعملوا بنكران ذات قل نظيره في باقي المحافظات ،ودون الالتفات إلى الخلفيات السياسية والعقائدية ،إلى حالة نجاح باهر .وكمقدمة للحلقة الثانية أنوه أن العمارة ما عادت تشكو المدارس الطينية مثلا ففي أواخر 2013تزول آخر مدرسة طينية من أراضيها .إلى اللقاء في الحلقة القادمة وتكملة حديث وأرقام سعدون معلة .