يُحكى أنَّ رجلاً ذهب إلى مدرسة ولده الذي يَدرُسُ في الصف الأول الابتدائي ، ولكن ليس للسؤال عن المستوى العلمي لولده أو سلوكه داخل المدرسة كما يُظنُّ لأول وهلة ، بل ليشكو إلى مدير المدرسة ما ألمَّ بولده من ظلمِ ألحقهُ به المعلم المعني بتدريسهم ، وملخص شكوى هذا الأب (المغوار) كما يأتي:
\"لماذا ترهقون الأطفال بالفروض والواجبات البيتية ؟! إنهم ما زالوا صغاراً و لا يتحملون ذلك ، وتنص الأنظمة والتعليمات بعدم إعطاء أي فرض أو واجب بيتي للصف الأول الابتدائي ، فلماذا تخالفون القوانين وتتعبون التلاميذ الصغار بالكتابة اليومية والمتكررة لدروسهم ؟!\" - انتهى قول هذا الفارس البطل - والذي أيده جمع آخر من أولياء الأمور(البواسل).
وحرصاً من مدير المدرسة على تطبيق الأنظمة والتعليمات وتجنباً لإثارة أي مشاكل قد يحلو لبعض المشاغبين ممن يصطادون في الماء العكر إثارتها،أبلغ المديرُ المعلمَ المعني بهذه (الشكوى) بعدم إعطاء التلاميذ أي واجب بيتي.. وهذا ما كان فعلاً !!!
لسنا هنا بصدد مناقشة الأنظمة والتعليمات - رغم تفاهة بعضها- أو مناقشة إدارات المدارس أو المعلمين لأنهم ملزمون بتنفيذها والتقيد بها.. وإنما لنا هذه الهمسة في أذن هذا الوالد (الفذ) وأمثاله ممن يُفتَرَضُ أنهم يحرصون على فلذات أكبادهم!!
من الجميل جداً أن يراجع أولياء الأمور مدارس أولادهم ليطلعوا على مستويات أبنائهم العلمية وسلوكهم في المدرسة بشكل عام .. فالتواصل بين البيت والمدرسة يعد من أهم مقومات العملية التربوية والتعليمية ، والأجمل من هذا هو معرفة الآباء شيئاً من الأنظمة والتعليمات ذات الصلة بهذا الأمر.. ولكن تعقيباً على الشكوى والتذمر الذي ذكرنا آنفاً،ولو سلـّمنا أن المعلم المذكور قد خالف التعليمات والأنظمة والضوابط بإعطاء واجب بيتي بسيط لتلاميذه..فإنـّا نضع هذه التساؤلات أمام هؤلاء (الأشاوس) من أولياء الأمور:
ما الفائدة التي يجنيها هذا المعلم من (مخالفة التعليمات) وإعطاء الواجب البيتي للتلاميذ الصغار، وما هو الأذى المترتب على التلاميذ من تنفيذ أوامر المعلم وكتابة الدرس لعدة مرات ؟!! بل على العكس تماماً.. فليس في ذلك إلا التعب المضني لهذا المعلم المخلص المتفاني الذي يستحق الشكر الجزيل بل ويستحق وقفة إجلال وإكبار وتعظيم لما يفعله من أجل أن يرتقي بمستوى هؤلاء التلاميذ المساكين وهم يخطون أول خطوة لهم في طريقهم الطويل جداً .. ثم ألا يسهم تكرار الكتابة هذا في إتقان التلاميذ لدروسهم وجودة خطوطهم ؟ والتعلم في الصغر كالنقش على الحجر، فيا أيها البعض من الآباء..كونوا للمعلمين المخلصين عوناً واتقوا الله في أبنائكم.. فهم أمانة وضعها الله في أعناقكم.
|