ان المتتبع لبداية تظاهرات الانبار يجد ان الخلفية التي انطلق منها تلك التظاهرات كانت خلفية طائفية بامتياز لأنها تبنت حراكا طائفيا تمثل بنصرة المجرمين والقتلة من حمايات العيساوي .
ولان هذه التظاهرات كان مخطط لها في مطابخ مخابرات دول اقليمية ودولية كان لا بد من اختلاق سبب لقيام تلك التظاهرات ولم يجد مخططوها فرصة مثلى للتنفيذ كالتي تمثلت باعتقال حماية العيساوي من القتلة والمجرمين .
ومن هنا بدأ تنفيذ مخطط التظاهرات التي تبنتها تلك الدول وبمعية المجاميع الارهابية وبعض المرتزقة من السياسيين وبعض المشايخ
ومنذ البداية كان ما يظهر بالأعلام المروج لتلك التظاهرات يختلف تماما عما يحدث في ساحات التظاهرات حيث عمدت وسائل الاعلام المأجورة على عدم اظهار الشعارات الطائفية التي رفعها الكثير من المشاركين فيها .
وتجنبت تلك الوسائل التطرق لأي شعار او كلام طائفي يقال في تلك الساحات خشية افتضاح المغزى الحقيقي للتظاهرات، وتبنت شعارات وظفتها على اساس انها مطالب مشروعة للمتظاهرين من اجل خلط الاوراق وعدم بيان الهدف الاساسي من التظاهرات .
ونتيجة الضغط على الحكومة من قبل السياسيين والمجتمع الدولي وبعض الشيوخ المعتدلين ورجال الدين الافاضل ولأجل اسقاط ورقة المطالب المشروعة عمدت الحكومة الى التعامل بجدية مع تلك الورقة وشكلت لجان لدراسة المطالب ومدى مشروعيتها ومسؤولية الحكومة عنها .
وبذات الحكومة فعلا بتنفيذ جميع المطالب المشروعة التي تقع ضمن اختصاصها ومسؤوليتها والتي تركزت حول السجناء والسجينات والمسائلة والعدالة والعفو العام ( والذي لا يقع ضمن اختصاصها ) فكان هنالك عفوا خاصا باستثناء المادة اربعة ارهاب التي شكلت مطلبا غير مشروعا يتم الان التعامل معه بطريقة قانونية لغرض تفسيره .
وقد لمس الكثير من المتظاهرين وشيوخ العشائر ورجال الدين ووجهاء القوم الجدية التي تعاملت بها الحكومة مع مطالب المتظاهرين المشروعة وخاصة فيما يتعلق بحقوق الجيش السابق واملاك ازلام النظام البائد .
ورغم كل هذه الجدية والتعامل الموضوعي للحكومة مع مطالب المتظاهرين الا اننا كنا نعرف ان هنالك اهدافا سياسية غير التي اعلن عنها .
ولم تمضي الا ايام قلائل حتى تسلق المأجورين والخونة منصات الاعتصام ليعلنوا عن اهدافهم الحقيقية . فشاهدنا كيف انبرى احمد العلواني ورافع العيساوي وعلي حاتم السلمان واحمد ابو ريشة ، ليعلنوا وبصلف واضح تحديهم للحكومة وعدم اعترافهم بها وبالقانون والدستور وهناك اشرطة فيدوية تثبت ذلك بثتها عدة قنوات فضائية.
بعدها اعتلى منصات الاعتصام رجال دين وشيوخ مثلوا توجهات واجندات خارجية لعل ما وضح منها كان قطري وتركي ، وبدأ هؤلاء بترديد نغمات تحدي واضح اتسمت بطائفية لا غبار عليها لكي يصعب فهمها .
ولعل ابرز من وجه الخطاب الطائفي واثارة الفتنة كان سعيد اللافي واحمد العلواني وعلي السليمان واحمد ابو ريشة ثم لحق بهم عبد المنعم البدران .
وكان واضحا في خطابات هؤلاء رائحة المال الحرام القادم من الخليج وتركيا . خصوصا وان تبني شعارات للقاعدة قد اوضح صورة تلك التظاهرات التي خرجت عن سلميتها وعدم طائفيتها بعد ان رفع قادة الاعتصام من قاعديين وازلام البعث والعملاء شعار (بغداد لنا ) .
وهذه النغمة تبنتها ابنة المقبور رغد صدام حسين وهو ما يوضح بان التظاهرات باتت تقاد من ثلاث محاور:
المحور الاول : دول اقليمية ودولية : وهذا تمثل في الاموال القادمة من تلك الدول وترجمها المتظاهرون برفع صور امير قطر ورئيس حكومة تركيا اردوغان ومطالبتهما بالتدخل في الشأن العراقي وهذا من ضمن المخطط الذي يدعو الى مطالبة المتظاهرين لتلك الدول للتدخل فيحدث التدخل .
والمحور الثاني : ازلام البعث: وكان هذا واضحا منذ بداية التظاهرات يوم رفعت صور المقبور والعلم القديم وتبني شعارات بعثية رددتها ابنة المقبور مثل - العراق لنا - وبغداد لنا - وقادمون يا بغداد – بالإضافة الى الاغاني التي كانت تبث في ساحات الاعتصام وتتغنى بالبعث وقادسيته المشؤومة .
المحو الثالث : تنظيم القاعدة : حيث تمكن عناصرها من السيطرة على منصات الخطابة وعلى نوع الخطاب المسموح بإلقائه وقد شاهدنا كيف تغنى القيادي في القاعدة المجرم شاكر وهيب بالقاعدة وسط تصفيق وتهليل بعض الاغبياء من اهالي الانبار الذين اول من عانوا من مفاسد القاعدة يوم تورطوا بإدخالها لبلدتهم فحصدوا شر ما زرعوا ، واليوم قد يقعون بنفس الخطأ اذا ما تركوا الامور تخرج من سيطرتهم .
ورغم كل هذا ما زال البعض يخدع نفسه او يحاول خداع الاخرين بالقول ان التظاهرات سلمية وغير طائفية وهنالك من يصدق هذا .
ورغم وضوح الصورة لحقيقة اهداف التظاهرات الا ان بعض الوسائل الاعلامية المأجورة ما زالت تحاول التبرير والخداع والتطبيل للتظاهرات بكونها سلمية وبعيدة عن الطائفية .
والغريب في الامر ان الخطاب الطائفي وصل الى حد استفزاز مشاعر الطائفة الاخرى التي تمتعت بضبط للنفس بصورة تحسد عليها لتفويت الفرصة على المتآمرين.. ولكن للصبر حدود .
والشيء المخجل ان نشاهد شركاء بالعملية السياسية يشهّرون بالحكومة من على منصات التظاهر وفي بعض الفضائيات ناسين او متناسين انهم يشكلون جزءاً مهما وكبيرا من الكابينة الحكومية
ومما يؤسف له ان نجد ان بعض الاطراف من غير طائفة المتظاهرين يحاول التملق والتودد لقادة التظاهرات من الارهابيين والبعثيين والعملاء بصورة جعلته مرفوضا حتى من اتباعه .
وما زال هنالك من يصر على ان المتظاهرين اصحاب مطالب مشروعة خاصة بعد ان اعترف وجهاء وشيوخ الانبار الاصلاء من سيطرة القاعدة والبعث على التظاهرات .
لقد بانت النوايا والاهداف اللا مشروعة للتظاهرات واضحة ولا تحتاج الى عدة تفسيرات ،وعلى الحكومة ان تفرز الصالح من الطالح وتتخذ الاجراء المناسب وتتصدى للمؤامرة قبل استفحالها .وهنا يصبح من المهم والضروري ان لا تراهن الحكومة على الوقت لأنه قد يكون نافعة ضارة وعليها ان تضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه العبث بمقدرات الوطن والمساس باللحمة الوطنية .
كما عليها( الحكومة ) ان لا تتعامل مع قادة التظاهرات من الخونة والعملاء سواء اكانوا سياسيين او قاعديين او ازلام البعث وفق مبدأ ( عفا الله عما سلف ) لان العفو عن هؤلاء كفر وخطيئة لا تحمد عقباها مستقبلا .
وعلينا لكي لا نخدع بأقوالهم ان نتذكر المقولة الشهيرة لرئيس وزراء بريطانيا الحالي ديفيد كامرون يوم قال ( عندما يتعلق الامر بالأمن الوطني فلا يسالني احد عن حقوق الانسان ) .
|