أن الذي يدرس تاريخ العراق جيدا يجد أن الولاء في العراق الى مثلث وهو ( شيخ القبيلة- فقية –سياسي) وهذا الولاء لم يتغير منذ قرون عديدة فأصبح هذا الولاء ملازما للعراقيين يصنع الوعي والثقافة والتاريخ الى يومنا هذا ’ وهذا المثلث لا يمكن له أن يصنع تاريخ أو يولد ثقافة المواطنة لأن شيخ القبيلة والسياسي والفقيه على النقيضة من مبدأ المواطنة . أن أيجاد مواطنة في العراق أمر معقد ويرجع هذا التعقيد الى وجود أحزاب وحركات ونخب لاتؤمن في أعماقها بالمواطنة أصلا كما أن السياسي العراقي لا يعترف بالحدود والجغرافية وولاؤه لايتوقف عندهما بل يتجاوزهما الى أبعد من ذلك ففي أواخر الستينات كان الطرح السياسي للحزب الشيوعي العراقي هو الولاء لموسكو والصين ولا يختلف القومي والأسلامي عن الماركسي في مسألة الولاء العابر لحدود الوطن ’ أن هذا المثلث قد تفكك في أغلب البلدان العربية ولم يعد ساري المفعول بل دخل اليه مبدأ المواطنة وثقافة الوطن الواحد وخصوصيتة ’ لكن في العراق لا يزال هذا المثلث يلد ويصنع الثقافة والحدث بعيد عن مفهوم المواطنة بسبب الصراع على أراضيه فهناك المشروع الأمريكي والأقليمي الذي لا يريد لهذا المثلث أن يتفكك من أرض الرافدين فأمريكا بعد احتلال العراق كرست دور القبيلة في العراق وفسحت لها المجال للقيام بأدوار أمنية وسياسية تحت رعاية شيخ القبيلة وكذلك أستحدثت وكرست الوعي الديني التقليدي المستورد كي يبقى الوعي الديني في العراق سطحيا وبلا مضمون مرتبط بواقع العراق والوطن كما أبقت على السياسيين العراقيين المنتمي للمشروع ( الليبرالية أو المشروع القومي أوالمشروع الماركسي ) وهذه المشاريع تأسست خارج العراق ولا يمكن لمثل هذه المشاريع أن يكون ولاؤها للوطن ’ أن السر وراء استمرار هذا المثلث يعود الى أن الوعي في العراق مرهون بهؤلاء ( شيخ القبيلة والفقيه المستورد والسياسي) فهم صناع العقل العراقي وتركيبة ’ أن الذهنية والمعرفية التي يتمتع بها هذا المثلث تتجاوز الوطن أذ تتمتع بعقل غنائمي يتحرك بين المصلحة والمكسب ’ أن العالم الغربي والأقليمي يعرف هذه الحقيقة ويعي هذا المثلث جيدا لأنه الطريق الى مركزية العراق الأقتصادية والسياسية والدينية ’ أن جميع المشاريع غربية كانت أو أقليمية لا يمكن لها أن تمر ألا عن طريق هذا المثلث فهو دائما يجد ثغرة في هذا المثلث ثم يتحرك والتاريخ العراقي مليء بالشواهد فهناك قبائل كانت موالية لبريطانيه وأخرى مواليه للدوله العثمانية وهناك قبائل كانت تؤيد المشروع النازي فقد أمر الرئيس الأمريكي بنقل (الشيخ أبو ريشه شيخ أحد القبائل الغربية) الى أمريكا حيث كان يستقبله في البيت الأبيض وكأنه رئيس دولة وكذالك رجال الدين والفقهاء سنه كانو أم شيعه يستقبلونهم في الدول من قبل الملوك والرؤساء ويزورهم في بيوتهم كبار المسؤولين في العالم فهذه (الوطنية بامتياز)أما في الزمن الحالي وسياسة الهرج والمرج في العراق فالسياسي كما هو وكما عهدناه لا يزال يأخذ شرعيته من خارج الحدود العراقية فهناك من يوالي أيران وهناك من يوالي السعودية والأردن وهناك من يوالي تركيا وهناك من يوالي أمريكا وبريطانيا ولا ندري ما هو المستقبل الذي سوف يبنيه لنا سياسييون العراق بهذه الولاءات المتعددة والمتناحرة ؟
30-1-2013 |