• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : اللحية السفليّة تثير السخريّة .
                          • الكاتب : ماجد عبد الحميد الكعبي .

اللحية السفليّة تثير السخريّة

 على هامش فتوى دار الافتاء المصرية : اطلاق اللحية عادة وليس من الشرع .. يمكن القياس على ذلك فنقول : ارتداء النقاب عادة أعرابية وليست من التعاليم الاسلامية .

 قديما وحديثا .. كانت الثقافة الشكلية تشغل حيزا كبيرا من اهتمام الاعراب  الذين اتخذوا الاسلام شكلا دون مضمون : لحية طويلة وجلباب قصير ولقلقة صوتية بعبارات الخير و الاحسان . لان الشكل يمثل ركنا مهما في الذائقة  البدائية حيث الالوان الفاقعة والزاهية و الاشكال والهيئات والرسوم و الحجوم ، فهي التي تخطف البصر عندما لا يكون هناك مجال للتدبر او التفكر ، ويكون المرء حينها  مثل الطفل ذي العقل الساذج الذي لا يميل الى التركيز على المفاهيم والمدركات العميقة ، لذلك يكتفي بملاحظة وملاحقة الاشياء و اشكالها فقط ،  فهو يحتاج الى اشباع حواسه البصرية وليس لديه طاقة على تحمل الجهد الفكري او التدبر العقلي ، وهو – ايضا – يجنح الى الاشياء الواضحة والجلية ، لذلك دائما يطلب الدليل المادي المرئي والذي يمكن ان تشاهده العين بوضوح ، لانه يؤمن بما يراه عيانا وبما يُخيفه  فقط ، ومن هنا فقد كثر النفاق والمنافقون بين الأعراب اكثر من غيرهم .

 ان الاهتمام بالشكل يعد من السمات الواضحة للمنافقين الذين ( لا يفقهون من الدين إلا اسمه ولا من القران إلا رسمه).  وهؤلاء و امثالهم ، هم المقصودون بقول الرسول الكريم (ص) : ( يخرج ناس يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ). اما في عصرنا الراهن ،  فخير دليل على ذلك تلك الصيحات و التمجيدات التي تدعو الى تزكية ( رئيس ما ) وتطهيره من الذنوب  ، ليس لشيء مهم و انما ( لانه ملتح ويصلي بعامة الناس جماعة ) ، فلا حديث عن عدله او قسطه ، عن فعله وعمله و ادائه ، المهم : شكله و لقلقته وتلاعبه بالجمل المكررة  و الالفاظ المعتبرة  ، والمحفوظة كابرا عن كابر من  زمن المعلقات الجاهلية الى المدونات السايبرية.

ولقد نال هؤلاء القوم – قديما - حظهم من السخرية والتهكم عندما وقعوا فخا لألسنة الشعراء العباسيين في عصر ُيعلي من القيم الجمالية الشكلية ويسخط على المظاهر القبيحة للأشكال . يقول د. شوقي ضيف واصفا حال الشعراء : (ولعلهم لم يكثروا من التندير على شي كما اكثروا من التندير على الِّلحى )  . ومن اشهر الاشعار التي تهكّمت بهؤلاء قول مروان بن ابي حفصة  :

-          لقد كانت مجالسنا فساحا          فضيَّقها بلحيته رباحُ

-          مبعثرة الأسافل و الأعالي       لها في كل زاوية جناحُ  

وقد تفرّد ابو الحسن علي بن العباس الملقب بـ ( ابن الرومي) من بين الشعراء الهزليين  بسخريته من اصحاب اللحى الطويلة فمرة يرسم صورا كاريكاتورية مضحكة جدا كما في قوله :

-          ان تطل لحية عليك وتعر ض          فالمخالي معروفة للحمير

-          علَّق الله في عذاريك مخلا            ة ولكنها بغير شعيــــــــــــر

وقوله :

-           ولحــيةٍ يحمــــــلها مائــــــق            مثل الشراعين اذا اشرعا

-          لو غاص في البحر بها غوصة        صـــــــاد بها حيتانه اجمعا

ومرة اخرى يصوّر مشهدا  هزليا ، متخيلا صراعا يدور بين اثنين : صاحب اللحية الطويلة والحلاق المشمئز من منظر الشعر الطويل ، فقال : 

-          اِنْ انتَ صادفت أخا لحيةٍ       قد جَلَّلَتْ من كِبَرٍ صدره

-          فاقبض بيسراك على اصلها   و ضَعْ على حلقومه الشفره

-          فان خشيت الله في قتله         وخفت منه سطـوة مـــرّه

-          فثِبْ الى عثنونه ناتفاً           فاتِ عليه شعرةً شعــــره

أمّا الشاعر العباسي الساخر ، ابو الحسن محمد بن محمد الملقب بـ ( ابن لنكك البصري ) فيوجز القول في وصف هؤلاء الشكليين السفليين ( ليس  الروس طبعا !) ، ليفضح حقيقتهم التي غطتها الاشكال :

-          لا تخدعنْك اللحى  ولا الصور     تسعة اعشار من ترى بقرُ

-          تراهمُ كالسحاب منتشــــــراً        وليــس فيه لــطالبٍ مطرُ

-          في شجر السرو منهمُ مثلٌ         له رواءٌ وما له ثمــــــــــرُ

انهم حمير و بقر في نظر الشعراء !!.. 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=26211
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 01 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14