السياسيون المتناغمون مع الارادة الشعبية في بناء دولة عراقية وطنية مؤسساتية موحدة بعيدا عن التأثيرات الخارجية متواجدون وحاضرون في الساحة السياسية العراقية ، وجهودهم وطموحاتهم الوطنية هذه يحس بها الشعب العراقي ، ويشعركذلك بمعاناتهم وهم يسيرون في هذا التوجه الوطني ، ويشعر الشعب ايضا بالعراقيل والمعوقات التي يزرعها في طريقهم شركاؤهم السياسيون الاخرون ، دعاة تمزيق وتقسيم العراق تحت مسميات وحجج كثيرة ، منها مسمى الفيدرالية ، او حجة التهميش او تحت مسمى التقسيم الطائفي او القومي ، الى غير ذلك من المسميات ، التي هي صدى لأجندات دول خارجية يريد وكلاؤهم من السياسيين داخل العراق تنفيذها وتطبيقها مستخدمين وسائل عديدة لتحقيق غرضهم التمزيقي هذا ، منها العنف والارهاب ، وخلق الفتنة الطائفية بين أبناء الشعب الواحد ، والتحريض على العصيان والتمرد المدني ، وعرقلة العمل والأداء الحكومي من خلال تواجدهم داخل مؤسسات الدولة ، مع دعم أقليمي مفضوح لهؤلاء السياسيين ، خاصة من محور الشر الطائفي في المنطقة ، تركيا والسعودية وقطرممثلة أسرائيل والمنفذة لخططها الصهيونية ، ولقد ثبت بالواقع الملموس أنّ المشاركة مع هذا الصنف من السياسيين باتت مستحيلة لأنهم أدوات بيد قوى خارجية معادية للعراق ولتجربته السياسية الجديدة ، التي أزعجت دول الاقليم الدكتاتورية الطائفية .
مشروع تقسيم دول المنطقة الى دويلات صغيرة ضعيفة لا حول لها ولا قوة ، بالاساس هو مشروع صهيوني أمريكي ، ترى الصهيونية فيه ، وكذلك امريكا والدول الغربية الاخرى الواقعة تحت النفوذ الصهيوني ، خير ضمانة لبقاء أسرائيل ، ووسيلة لانشغال هذه الدويلات بنفسها ومشاكلها بعيدا عن الكيان الصهيوني ، الذي يخشى من قوة هذه البلدان الاسلامية لو كانت موحدة وقوية ، وتمتلك جيوشا قوية ، وقد تبنى كيسنجر وزير الخارجية الامريكي الاسبق هذا المشروع الصهيوني ، تحت مسمى مشروع الشرق الاوسط الجديد ، أذ طُبق هذا المشروع أخيرا في السودان ، ويراد تطبيقه في الصومال ، وهناك دعوات لتطبيقه في الدول التي تشهد ما يسمى الربيع العربي، وهو في الواقع شتاء قارص بالنسبة للشعوب ، لكنه ربيع بالنسبة للحركات السلفية المتخلفة ، التي تدّعي الاسلام الاوحد ، وهو رؤيتها وفهما للاسلام على الطريقة الوهابية ، مع تكفير كل المذاهب الاخرى التي تختلف عنها او اعتبارها مرتدة ، الحركات السلفية الوهابية اصبحت اليد الضاربة لمشروع كيسنجرالصهيوني التقسيمي ، الذي يراد تطبيقه اليوم في سوريا والعراق ولبنان وبقية البلدان العربية والاسلامية الأخرى .
لقد تحولت الحركات السلفية الوهابية الى أداة بيد الصهيونية لتمزيق العالم الاسلامي، من خلال تبني دول محور الشر في المنطقة ( تركيا والسعودية وقطر ) لهذه الحركات ، ودعمها بالمال والسلاح وتسهيل عملها وارهابها تحت مسميات كثيرة ، ودعم أفكارها التكفيرية المتخلفة ، وفد نجحت الحركات السلفية بدعم من دول المحور الامريكي الصهيوني في سرقة ثورات الشعوب التي شهدت ما يسمى الربيع العربي ، وهذا ما تريده الصهيونية ، أذ هو الخطوة العملية الاولى لتقسيم هذه البلدان وتحقيق الحلم الصهيوني في تمزيق بلدان العالم الاسلامي الى دويلات صغيرة ضعيفة متناحرة على أساس قومي او طائفي او ديني او أي مسمى اخر .
المراقب والمتابع للساحة السياسية العراقية ، وللسياسيين العراقيين وتصريحاتهم ومواقفهم ، يستطيع تشخيص الأتجاهات السياسية المتصارعة داخل الساحة السياسية، وتشخيص التيار الوطني الذي يبدو وكأنه يصارع ضد التيار ، بسبب موقف السياسيين الآخرين من الأتجاهات السياسية الأخرى البعيدة عن الخط الوطني، والسياسيين أصحاب ألأجندات الشخصية اوالخارجية ، والذين يحملون عداء للعملية السياسية الجديدة ، ومما يدعو للأستغراب أن الأتجاهات السياسية التي تلعن الحكومة هي نفسها مشتركة فيها وتحتل مواقع مهمة في مؤسساتها المختلفة .
تتنوع الأتجاهات السياسية المتواجدة في الساحة ، التي تشترك في تكوين الحكومة وتعارضها ، لكن أخطرها الأتجاه المدعوم من خارج الحدود ، الذي يشترك في الحكومة ويعادي العملية السياسية ، أذ يمارس دور الحاكم والمعارض ، بل الهادم والمقوض لمؤسسات الدولة وللعملية السياسية الجديدة ، والقاتل للمواطنين والشخصيات الوطنية الحريصة على بناء العراق ، ومثل هذا السياسي يعتبر الأخطر في الساحة السياسية العراقية ، لأنه يمارس دور القاتل ، ويتقمص دور الضحية ، ويستغل مواقعه في الحكومة لتنفيذ أجندته التخريبية ، هذا الصنف من السياسيين هدفه تغيير المعادلة السياسية الجديدة في العراق ، وخير من يمثل هذا اللون من السياسيين المجرم الهارب طارق الهاشمي وفي تقديرنا يوجد عدد من السياسيين الاخرين من أمثال طارق الهاشمي ، ممن لا زالوا يقومون بنفس الدور ، ولا بد من كشف أوراق هؤلاء لأنهم الأخطر على العملية السياسية ، هؤلاء يعوقون بناء العراق بل يسعون لتمزيقة ، او تغيير المعادلة السياسية لصالحهم ، وهؤلاء يمثلون الخط الوهابي التكفيري ، ومعهم الخط البعثي الدموي ، وكلاهما مدعوم من المحور الامريكي الصهيوني حليف محور الشر الطائفي في المنطقة .
اما الاتجاهات الاخرى في الساحة السياسية العراقية ، منهم من يشترك في الحكومة ويحمّل رأس الحكومة مسؤولية الأخفاقات التي تحصل أثناء الأداء في العمل ، رغم أنّ وزراء هذا الاتجاه مشتركون في الحكومة ، وربما هم المسؤولون عن هذا الأخفاق ، ومن السياسيين من تقتضي مصالحهم الشخصية محاربة بناء الدولة القوية لأن في فرض القانون وسلطة الدولة ينحسر نفوذ هؤلاء السياسين الذين تعلوا أصواتهم في أوقات الأزمات او حدوث المشاكل ، هؤلاء لا يعيشون الا في هذه الاجواء ، لأنّ بناء دولة المؤسسات أضعاف أو أنهاء لنفوذهم الذي يقوى في غياب القانون والسلطة القوية ، أضافة الى أنّ هؤلاء يعتمدون على ميلشيات في تنفيذ مخططاتهم وطموحاتهم الشخصية ، فهم يفضلون بقاء الدولة ضعيفة ، لأن الدولة القوية تنهي نفوذهم اللامشروع ، وعداؤهم وحقدهم ينصب على رأس الحكومة السيد نوري المالكي ، لأنه هو من يتزعم الدعوة لبناء دولة المؤسسات وبناء العراق القوي الموحد ، لهذا السبب جاء حقدهم عليه ، ويتمنون أستبداله بآخر يفسح لهم المجال في تنفيذ خططهم التي تنطلق من مصالح ذاتية ، هؤلاء السياسيون نراهم يصطفون مع أي جهة تعادي المالكي ، حتى لو كان الشيطان ، لأن أفقهم السياسي ضيق ومحصور بمصالحهم الذاتية ، ولا يتعداها الى المصلحة الوطنية العليا للشعب العراقي .
وهناك فئة من السياسيين تصطف مع الاخر المعارض لأنهم يتخيلون أنفسهم هم الأفضل لقيادة البلاد ، واصطفافهم لا من أجل الاخر، بل يسيرون على قاعدة عدو عدوي صديقي ، أذ ربما يؤول هذا الأصطفاف الى تغيير المالكي والمجيئ ببديل عنه من مجموعتهم ، لأنهم يعتبرون أنفسهم هم الاحسن وهم الأفضل ، لأفكار وأوهام خيالية غير موضوعية ، متناسين أنّ من يحدد رأس الحكومة هي الارادة الشعبية ، وليس الرغبات الشخصية ، وهناك من السياسيين مَنْ يستغل قرب موعد الأنتخابات ، فيتحرك في هذا الظرف بالذات لغرض تشويه سمعة الحكومة أو الدعوة لأسقاطها لأغراض أنتخابية ، سيما وأنّ الأنتخابات على الابواب .
كل هذه التوجهات في الساحة السياسية العراقية ، حتى التوجهات المرتبطة بأجندات الدول الخارجية ، او المتورطة في الأرهاب ، أو التي تتنافس من أجل مصالحها الشخصية على حساب المصلحة العامة ، تشترك في الحكومة من جهة ، وتلعنها او تدعو لأسقاطها من جهة أخرى ، وهذه حالة فريدة لا يوجد مثيل لها في دول العالم الديمقراطية ، لكن يا ترى ما هو موقف الشعب من هذه الحالة الشاذة في الساحة السياسية العراقية ؟
من المؤكد أنّ الشعب يريد بناء دولة المؤسسات القوية ، دولة القانون ، ومن مصلحته القضاء على جميع أنواع التخندق الطائفي او الحزبي او القومي ، والقضاء على كل المظاهر المسلحة خارج مؤسسات الدولة ، والقضاء على الأرهاب المدعوم من دول أقليمية ، ومن مصلحة الشعب العراقي ايضا أنْ يلتزم السياسيون بالدستور ، والمحافظة على العراق من التمزيق تحت أي ذريعة كانت ، وعدم ألغاء مادة ( 4 ) أرهاب ، لأنّ الاأرهاب ما زال موجوداً داخل العراق ويستهدف جميع العراقيين بغض النظر عن الدين او المذهب او القومية او المناطقية ، وعدم ألغاء قانون المساءلة والعدالة ، لأنّ فلول البعث المدعومة من دول الشر الطائفية ، لا تزال تطل برأسها بين الفينة والأخرى ، وتتحين الفرص للتسلل الى مؤسسات الدولة ، كذلك يريد الشعب عدم التدخل في شؤون القضاء وضرورة أبقائه مستقلا بعيدا عن التدخلات السياسية ، ويريد الشعب ايضا عدم العفو عن المجرمين والأرهابيين وسراق المال العام ، هذه هي مطالب الشعب العراقي التي لا يمكن المساس بها ، ومن يطالب بالغاء هذه المطالب فهو أما أنْ يكون من فلول البعث الدموي الطائفي ، او من المتورطين بالارهاب بشكل من الأشكال ، أوهو منفذ لأجندة خارجية معادية للشعب العراقي ، العراق لكل العراقيين ، والشعب بمختلف ألوانه وأطيافه يريد وحدة وسلامة العراق من أي عدوان ، ويقاوم أي دعوة للتمزيق والتفتيت تحت أي مسمى من المسميات . |