لم تكن ثورة الحسين (عليه السلام) في نظر المفكرين الغربيين مجرد ثورة طارئة، بل اعتبروها ثورة كونية ذات اهداف ومباديء عالية ، وقد تناولها كثير من المفكرين وقسموا ابعاد نهضتها وفق رؤى علمية وفلسفية واتجهوا بها الى عدة اتجاهات ، تقوم البينة الجديدة بنشر جزء بسيط من تلك التقسيمات ليتعرف القارىء الكريم على الكيفية التي ينظر بها المفكرون الغربيون الى ثورة امامنا الشهيد سيد شباب اهل الجنة الحسين (ع)..
الإتجاه الاول، نهضة الحسين ثورة سياسية، يرى اصحاب هذا الإتجاه ان الامام الحسين بنهضته قد حقق هدفين الاول هو انه قد اوضح للعالم مظلوميته واهل بيته واحقيتهم في استلام ادارة الامة الاسلامية والثانية انه قد فضح زيف حكم بني امية ، فاتخذ العديد من المفكرين والسياسين وزعماء دول من نهضة الامام الحسين عليه السلام الطريق والقدوة لتحقيق النصر في قضاياهم المصيرية والدعوة الى الاقتداء بالامام لتحقيق ذلك ، ومن هؤلاء :
1- الزعيم الهندي ( غاندي):
حيث قال: « انا هندوسي بالولادة ، ومع ذلك فلست اعرف كثيراً عن الهندوسية، واني اعتزم القيام بدراسة دقيقة لديانتي نفسها وبدراسة سائر الأديان على قدر طاقتي ، ولقد تناقشت مع بعض الأصدقاء المسلمين وشعرت بأنني كنت اطمع في ان اكون صديقاً صدوقاً للمسلمين. وبعد دراسة عميقة من قبل غاندي لسائر الأديان فقد عرف الاسلام بشخصية الأمام الحسين ، فتأثر محرر الهند بشخصية الامام الحسين تأثراً حقيقياً وعرف ان الامام الحسين مدرسة الحياة الكريمة ورمز المسلم القرآني وقدوة الاخلاق الانسانية وقيمها ومقياس الحق، فخاطب شعبه مركزاً على مظلومية الامام الحسين عليه السلام قائلاً: تعلمت من الحسين كيف اكون مظلوماً فأنتصر ...لقد طالعت بدقة حياة الامام الحسين ، شهيد الاسلام الكبير ، ودققت النظر في صفحات كربلاء واتضح لي ان الهند اذا ارادت ان تنتصر فعليها ان تقتدي بالإمام الحسين».
2- يقول الالماني ماربين في حسن سياسة الامام الحسين :
« ان الحسين كان يبث روح الثورة في المراكز الاسلامية المهمة كمكة والعراق واينما حل ، فازدادت نفرة قلوب المسلمين التي شكلت مقدمة الثورة على بني امية».كما قال ماربين: الحسين بمبلغ علمه وحسن سيرته بذل كمال جهده في افشاء ظلم بني امية واظهار عداوتهم لبني هاشم .كما ذكر الفيلسوف الالماني ماربين في كتابه السياسة الاسلامية: ان الحسين مع ماكانت له من محبة في قلوب المسلمين كان بإمكانه تجهيز جيش جرار لمقاتلة يزيد لكنه قصد من استشهاده الانفراد والمظلومية لافشاء ظلم بني امية واظهار عداوتهم لآل النبي .وهذا دليل حسن سياسة الامام الحسين والابعاد الطويلة الامد لهذه النهضة ، كذلك اشار ماربين: يرد طلب الحسين عليه السلام من اولاده واخوانه وبني اخوته وبني اعمامه وخواص صحبه ، الانصراف وتركه وحيداً الى رغبته في فضح بني امية بقتل هؤلاء المعروفين بين المسلمين بجلالة القدر وعظم المنزلة ، مما سيجعل من قتلهم معه مصيبة عظيمة وواقعة خطيرة ، وفي هذا دلالة على حسن سياسته وقوة قلبه وتضحية نفسه» .
3- ويذكر الكاتب انطوان بارا في كتابه الحسين في الفكر المسيحي :
« ان ثورة الحسين كانت اول ثورة سجلت في تاريخ الاسلام ، وفي تاريخ الاديان السماوية الاخرى ، ماكان منها على مستوى المباديء او القيم العقائدية» .
4- بينما يرى المستشرق الالماني كارل بروكلمان :
« الحق ان ميتة الشهداء التي ماتها الحسين ، قد عجلت في التطور الديني لحزب علي ، وجعلت من ضريح الحسين في كربلاء اقدس محجة».
الاتجاه الثاني : نهضة الحسين مثال التضحية والخلود، يرى المفكرون الغربيون من اصحاب هذا الاتجاه ان نهضة الحسين وتضحيته بنفسه وبأهل بيته وصحبه في سبيل دينه ورسالة جده انما كانت تضحية خالدة لن تنتهي وتستعر الى ابد الدهر ومن هؤلاء المفكرين:
1- المستشرق الانكليزي د.ج.هوكار الذي يقول في تضحية الامام الحسين :
« دلت صنوف الزوار التي ترحل الى مشهد الحسين في كربلاء والعواطف التي ماتزال تؤججها في العاشر من محرم في العالم الاسلامي بأسره .. كل هذه المظاهر استمرت لتدل على ان الموت ينفع القدسين اكثر من ايام حياتهم مجتمعة».
2- المستشرق الفرنسي لويس ماسينيون الذي اشار الى عمق التضحية في صولة الامام الحسين ضد الظلم فيقول:
« لقد أخذ الحسين على عاتقه مصير الروح الاسلامية وقتل في سبيل تحقيق هذا الهدف فوق بطاح كربلاء.
3- المستشرق الامريكي غوستاف غروينيام يشير هذا المفكر الى تأثير تضحية الامام الحسين بنفسه على مر العصور دون ان تهدأ النفوس او تنسى تلك التضحية حيث يقول :
« ان وقعة كربلاء ذات اهمية كونية، فلقد اثرت الصورة المحزنة لمقتل الحسين ذلك الرجل النبيل الشجاع في المسلمين تأثيراً لم تبلغه اية شخصية مسلمة اخرى.
الاتجاه الثالث، نهضة الحسين اسمى شجاعة عرفها التاريخ ،يرى المفكرون من اتباع هذا الاتجاه ان نهضة الامام الحسين انطوت على ابلغ واسمى شجاعة عرفها التاريخ تخطت الشجاعة التي يبذلها الفرد من اجل حماية عائلته او بيته او وطنه او عشيرته لتسموا على من اجل اعلاء كلمة الله والدين وليعود الاسلام كما بدأ. ومن هؤلاء المفكرين :
1- الآثاري الانكليزي وليم لوفتس تحدث عن شجاعة الامام الحسين بقوله:
« لقد قدم الحسين بن علي ابلغ شهادة في تاريخ الانسانية وارتفع بمأساته الى مستوى البطوله الفذة».
2- المستشرق الانجليزي السير برسي سايكوس ، اشار الى خلود الامام وصحبة بسبب الشجاعة الفذة التي قدموها من اجل حماية الدين بقوله:
« حقاً ان الشجاعة والبطولة التي أبدتها هذه الفئة القليلة ، على درجة بحيث دفعت كل من سمعها الى اطرائها والثناء عليها لا إرادياً . هذه الفئة الشجاعة الشريفة جعلت لنفسها صيتاً عالياً وخالداً لازوال له الى الابد.كما اشار ايضاً في موضع اخر متحدثاً عن شجاعة الامام : « الامام الحسين وعصبته لقليلة المؤمنة عزموا على الكفاح حتى الموت وقاتلوا ببطولة وبسالة ظلت تتحدى اعجابنا واكبارنا عبر القرون حتى يومنا هذا».
3- يروي انطوان بارا في كتابه الحسين في الفكر المسيحي عن مستوى وقيمة الشجاعة التي قدمها الامام عند الله تبارك وتعالى بقوله:
« ان الله اوحى الى محمد اني قتلت بيحيى بن زكريا 70 الفاً وانا قاتل بأبن بنتك 70 الفاً و70 الفاً».
الاتجاه الرابع:- نهضة الامام الحسين هي قدوة لكل الشعوب التي تريد النهوض ضد الظلم. ويرى اصحاب هذا الاتجاه ان الشعوب المستضعفة والمظلومة والمغصوب حقها لابد ان تتخذ من نهضة الامام الحسين عليه السلام القدوة التي يجب ان يقتدى بها ومن هؤلاء المفكرين :
1-المشرع الفرنسي فكتور ماسيون : يصف هذا المشرع طريقة قتل الامام وكونها كانت جوهر الخلود بالنسبة للإمام ولمن طلب الآخرة وفضلها على الدنيا لأنه كان يعلم بهذا قبل مقتله ، اذ يقول المشرع الفرنسي :
« ان التمثيل بالجسد جرم اكبر من جرم القتل ويعتبر ان للميت حرمة لا يجوز اهانتها فإذا اهينت اعتبرت اهانة للرب خالق الانسان ومكونة على صورته ومثاله».
2- وفي الموضوع ذاته يقول انطوان بارا:
« ان التعذيب والقتل والتمثيل تعتبر جرائم ثلاث في عرف القانون ، فإذا نظرنا بهذا المنظار القانوني الى مقتل الحسين، وكيف عذب قبل الذبح ، ثم ذبح ومثل بجسده الطاهر اشنع تمثيل واشده مهانة ، فالقتل يستجلب لعنة الله وقد جاء النهي عنه في التوراة والانجيل والقرآن على قدر خطورته الدينية والاجتماعية والانسانية ، لأن الانسان مخلوق على صورة الله ومثاله وقتله معناه تغييب لصورة الله ومثاله فيه ، وازهاق لوديعة غالية اودعها في هيكله البشري فكيف اذا كان المقتول قبساً من النبوة وبضعة من الرسولية وجزءاً كبيراً من محبة الله للانسان؟» ويقول: « كان الحسين عليه السلام شمعة الاسلام التي اضاءت ممثلة ضمير الاديان الى ابد الدهور».
2- ويقول قس مسيحي عن الامام الحسين :
« لوكان الحسين لنا لرفعنا له في كل بلد بيرقاً ولنصبنا له في كل قرية منبراً ولدعونا الناس الى المسيحية بأسم الحسين». |