اعتقد مصطلح العدالة في العصر العراقي الحديث يستوجب النظر في اعادة صياغته وفقا لطرق النظم الاجتماعية المستحدثة في بلاد الرافدين أو بلاد مابين النهرين أو ارض السواد وهي كما وصفوها لم تزل داكنة السواد حقا !!! . فلم يعد هذا المصطلح يتماشى والحداثة العراقية الجديدة وديمقراطية الدولة الحديثة.
فمن باب الفضول اتذكر فصلين من العدالة في روايتي هذه وهي قصة الصديقين اللذان لمع نجم احدهما مثل ما انطفأ الآخر وبالسرعة الفائقة .. حيث كان لي صديقا عاش حياته بالحيلة والفهلوة إذ انه مطرودا من الوظيفة العسكرية لأسباب لا يصح ذكرها , وعمل الرجل في مجالات عدة التجارة والمقاولات والتهريب وغيرها , ولم يتجاوز الدراسة الابتدائية في تحصيله الدراسي ,, المهم دار الزمن وسقط النظام وصار صاحبي مسؤولا عن احدى المكاتب السياسية الجديدة في البلد وسرعان ما تطور واصبح قائدا كبيرا في الجيش حيث كانت المناصب والرتب العسكرية توزع بالكيلو على طريقة اصحاب البطيخ !!!! .. وطبعا لم ينسى الرجل ما تربى عليه فلم يبقي على شيء يصادفه , تاجر في الزيت والبنزين والكاز ومواد الإعاشة وعسكر الكثيرون باسعار متفاوتة وحسب درجة القرابة والصداقة , لكن ظلم الحكومة له , أحيل على التقاعد برتبة أدنى بعد أن كون ما لا يحلم به من ثروة وأموال منقولة وغير منقولة فتقاعد ظلما وبهتانا وبراتب اعلى من راتب المدير العام لأي مؤسسة حكومية ..
أما صاحبي الآخر فكان مهندسا وخبيرا في الطيران لكنه طرد من الوظيفة العسكرية عند تحرير العراق !!!! مثل ما طرد الكثيرون وكان برتبة عميد اركان , وبعد تشكيل القوة الجوية العراقية وبإلحاح منا كأصدقاء واقارب قدم طلبا لإعادته الى جيش العراق والاستفادة من خبراته العسكرية في بناء العراق الجديد , وبعد فترة ليست بالطويلة اختفى صاحبي ولم اعد اعرف اين أختفى وما حل به ,, حتى التقيته بالصدفة في تركيا وكانت تلك الصدفة كالمعجزة بالنسبة لي , عندها وبعد جلسة عتاب في شقة رثة صغيره شعرت بأنني مذنب بحقه بعد ان اطلعني على كتاب صادر من جهات عليا في الدولة بعد ثلاثة اشهر من اعادته ينص على طرده من منصبة ((( لعدم كفاءته ))) !!!!!!!!!!!!!!! ولم يصل البيت حتى بدأت مرحلة المطاردة والتهديد بالقتل فوصل به المطاف مشردا في الغربة ...
وعلى هذه الطريقة الحديثة من العدالة العراقية يسير البلد ولا نعلم الى أي منحدر ينحدر فلربما على طريقة ((جعيص وبعيص)) اللذان سأحدثكم عنهما في لقاء آخر إن بقيت حيا .......
|