ببالغ الحزن والاسى تلقيت نبأ وفاة الانسان الكبير والشاعر والكاتب المبدع ( محمد علي الخفاجي ) لقد كان شخصية ابداعية مرموقة في عالم اللغة والكتابة والاعمال الابداعية الناضجة والملتزمة بهموم وطموحات الشعب , وماتحمل من معاني ودلالات انسانية رائعة بقيمها السمحى . لقد سمعت عن مرضه الطويل , وما كان يعاني من الاهمال والنسيان من جانب الدولة ومن وزارة الثقافة التي تنكرت لابناء العراق الاوفياء , لقد عرفت هذا الانسان الرائع المفتون بحب الشعب والوطن والاخلاص بصدق اليه5 , اضافة الى قامته العالية من الابداع , فكانت جلستنا في مقهى البرلمان ايام الجمع نتداول شؤون الادب والثقافة والاصدارات الجديدة , وهموم الشعر وقليل من السياسة ضمن الاجواء انذاك وامسيات الاتحاد الادباء , وكان يحمل طاقة ابداعية مرموقة , اضافة الى تميزه بالالقاء المتميز الذي يشد السامع ويلعب في عواطفه . وكانت حرارة قصائده تشعل النار في الصدور , وبعدها وقعت الغربة بثقلها على كاهلي , وفي بداية الثمانيات من القرن الماضي , التقيت به صدفة في يوغسلافيا , فكان لقاء حارا وحميما وتطرقنا في ايام معدودة عن الوطن والشعب وارهاب النظام الدكتاتوري وحالة الشعب المعيشية وحالة الادب والثقافة والمسرح وعن ابداعاته , وعن الحرب المجنونة التي شنها النظام الفاشي ضد ايران , وعن التصفيه الدموية لقادة حزب البعث من قبل صدام المقبور وعن اشياء كثيرة تشعل الجلسات بالحنين الى الوطن والناس . وذكرحادثة سردها لي قد تكون موجودة عند البعض وهي : بان السلطات الامنية كانت تضايقه كثير وتقلق راحته وتشد عليه الخناق من اجل كتابة قصيدة تلقى ضمن مهرجان شعري يحضره القائد المقبور , ينعقد في المجلس الوطني , رغم محاولات التهرب والتخفي ومحاولات الاعتذار بشتى الحجج , لكنه رضخ تحت التهديد في استخدام الارهاب والسجن والمحاربة في العيش , فاخرج احد قصائده القديمة ليلقيها في المهرجان وكان القلق والخوف يأكله بشتى الهواجس من ان ينفضح امره , فتكون النتائج السلبية في انكشاف خداعه وتمرده من الاستجابة , فكان في حالة يرثى لها .. وقال : تجمعنا لفيف كبير من الكتاب والشعراء وكان يتقدمهم وزير الاعلام انذاك ( لطيف نصيف جاسم ) وفجأة مرت سيارات المقبور وترجل احد رجال الحماية في حالة غضب وهيجان والشرر يتطاير من عينيه, ويشتم ويسب بكلمات بذيئة تدل على انعدام الخلق والاخلاق والاداب . يقول صدقي الرائع تسمرنا في مكاننا كالاصنام , ولكن زاد الموقف في التعقيد واللقلق بان وزيرنا الهمام كان في حالة يرثى لها , فكان يرتجف بهلع وخوف من اخمص قدميه حتى قمة شعر رأسه , وجهه تحول الى وجه ميت , مما زاد الموقف احراجا وقلق اكثر . فقال تصور وزير اعلام يصيبه الهلع والخوف فكيف المواطن العراقي مثلي ومثل حالي .
فتحية وداع والم وغصة في النفس والشعور بالبكاء فكنت تحلم بعراق يرفل بالحرية والديموقراطية , وعندما افترقنا قلت زمن الخير آت لا محالة فلا تحزن في الغربة , لايا صديقي الطيب والوفي امنيتك لم تتحقق بعد , لازال العراق يرفل بالحزن والسواد , لازال يعيش في معاناة قاسية . لازال الظلام يغطي سماء العراق , لازال يفقد ابناءه الاوفياء دون اهتمام ورعاية . آه والف آه الى متى تظل المأساة تلف العراق , الى متى يظل الظلم والحرمان هو السلطان القاضي وهو عزائيل الموت
فالف تحية وداع ايها الصديق الوفي لشعبك وانت تحمل هذا الوفاء الى حياة ثانية , لقد اقول بحرقة والم لقد رفسك العراق باقدامه ليتخلص منك ومن كل وفيء وصادق ونزيه
لهذا الوطن .. أسال الله ان يتغمدك برحته ورضوانه
وانا لله وانا اليه راجعون |