• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مسلم بن عقيل المجس الرائد الذي لم يكذب الحسين .
                          • الكاتب : القاضي منير حداد .

مسلم بن عقيل المجس الرائد الذي لم يكذب الحسين

 الرائد يسبق القافلة بمسافة كافية، لاتخاذ التحوطات اللازمة، ازاء ما يلاقيها في مجاهل الصحراء، ومسلم بن عقيل (ع) اثبت سداد انتداب الحسين بن علي (ع) له، سفيرا يسبقه لجس موقف اهل الكوفة على ارض الواقع، قياسا بما وعدت به رسائلهم وهي تدعو سبط الرسول (ص) للاقدام مقبلا على خلافة بالحق تدحر استيلاء يزيد على السلطة بالباطل، ورثا لم يجزه الاسلام.
المفصل الدقيق الذي تنثني عنده قامة التاريخ، هو خروج الحسين (ع) ثائرا ضد توريث الخلافة من دون وجه حق، تتكامل تلك العطفة التاريخية بالتهيئة للموقف وتنفيذه بعد التشاور مع خاصته.. اهل بيته واصحابه وجيش لم يبقَ منه عند المواجهة.. لحظة التحام الجمعين.. سوى اثنين وسبعين رجلا فقط.
المشارورات الممهدة للقدوم على الكوفة بغية تسلم الخلافة، من قبل الامام الحسين (ع) تمت مع الاتباع والمريدين الذين شكلوا قاعدة ثورية بالفهم الحديث للتنظيمات.
ما جعل الحسين يبعث سفيره.. ابن عمه مسلم بن عقيل، لتهيئة الاجواء التي وجدها الحسين محسومة بناءً على رسائل الكوفيين التي وصلته تحث على الاقدام من مدينة رسول الله (ص) الى العراق واعلان الخلافة الراشدية في الكوفة ما يبطل خلافة يزيد بن معاوية (لعنه الله).
احسن مسلم بن عقيل اداء المهمة، سفيرا لابن عمه؛ من خلال حسن التدبير في ادارة العمل السياسي المؤسس على منطق الاسلام، ما يجعل الغلبة للحسين نظير يزيد الفالت من سياقات الهدى الى احضان الضلال.
اذن المناظرة الدينية التي انتهجها مسلم بن عقيل.. سفير الحسين، في الدعوة لخلافة راشدة، تعيد الاسلام الى سواء السبيل، تتفوق على هرطقة عبيد الله بن زياد وعمر بن سعد وسواهما من اتباع الظالم.. المتمسحون باذيال الرذيلة.
المنطق المبني على حجج اسلامية وايات قرآنية واحاديث نبوية وشواهد من سيرة الخلفاء الراشدين واحداث صدر الاسلام التي ما زالت ساخنة حينها، لم يبق اسماعا صاغية لدعاة الباطل وهم يدلسون الحق ضد الحسين لصالح يزيد، فلا يستجيب المنطق لطرح من دون بناء صحيح.
استند بن عقيل للبديهيات التي وجدها شاخصة، شديدة الحضور، بقوة الحق ورصانة العدل، فبعث رسالته التي قدم الحسين بموجبها الى العراق مقبلا، بعد ان حدد له سفيره: اقبل.
افبعد الحق الا الضلال!؟
عجز الحوار؛ وجد ابن سعد حجته زاهقة؛ فلجأ الى الاسلوب المعروف في تاريخ الدهاة، اغراقا للمنافقين بالهبات المرغبة، وايغالا بفظاعة التنكيل القاسي اسقاطا على المناوئين.
فكانت الغلبة الدنيوية لعمر بن سعد على مسلم، ظل بعدها والي الكوفة يتربص انتظارا لمقدم الحسين كي يغتصب البيعة ليزيد منه عنوة، وقد انقطعت السبل بابي عبد الله عن ان يدرك انقلاب الكوفيين على سفيره، خضوعا ليزيد.. رغبة ورهبة.
سجل التاريخ قوة اداء مسلم بن عقيل في توطيد عزم العراقيين على موالاة الحسين حين يصل الكوفة، وسجل له صنع المستحيل كي يبلغه بالعدول عدولا.. فما داموا قد استجابوا لمغريات يزيد وتلويحاته بالويل والثبور؛ فان مسلما وهو يشارف على الاستشهاد، بليغ الحسين بان الموقف لم يعد لصالحه، وان الباطل استحكم ممن ظنهم موالين للحق، الا ان الحسين آثر الشهادة تثبيتا للموقف المبدئي امام الله والناس والتاريخ، ليؤدي التكليف الإلهي الذي حمله وهو لم يزل نورا في اللوح المحفوظ، يتوزع بين ظهر علي ورحم فاطمة.. عليهما السلام.
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=24705
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 11 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15