وسط التصعيد المتفاقم ، بين الحكومة الاتحادية و إقيم كردستان، تجري المحاولات لترقيع العلاقات المهلهلة ، التي هي بالأساس ، تعاني من حالة الانهيار.
و يسعى الوسطاء ، و آخرهم النجيفي لحل هذه المعضلة . واقع الحال، و المعطيات التي لا يمكن التكتم عليها ، وهي لا يمكن للنجيفي و لا لغيره معالجة أمرها . فالموضوع و عقدته ، أكبر من ذلك بكثير . و هناك وضع مريض ينتاب العملية السياسية . أو بالأحرى العملية السياسية هي المريض. و ما يجري من محاولات لترميم تداعيات انهيار الوضع بكامله ، إنما هي محاولة بائسة . و الهدف منها الإبقاء على الوضع برمته على حاله . و هي غاية يراد منها . أن يجري توفير المناخ – حتى لو كان مريضاً – بغية الحفاظ على المصالح الضيقة للكتل السياسية و في ظروف آمنة .
في نفس الوقت تتكشف هذه الصراعات ، عن مدى تدني أي اهتمام بقضية الشعب ، الذي هو بأمس الحاجة للعمل الجاد بغية معالجة الفساد و الارهاب و الاهتمام بكل اهتماماته المؤجلة منذ زمن بعيد ، و إيجاد السلطة المقتدرة – و هذا عامل في غاية الأهمية - لتخطي الصعوبات التي تعترض سبل الخروج من هذه الأزمات .
فالصراع الدائر بين كل الكتل ، و بالأخص بين الحكومة الاتحادية و الاقليم ، لا ينبئ عن بصيص أمل لخروج العراق من تفاقم هذه الأزمات . و ستبقى الأمور سائرة نحو التردي ، دون أن تكون هناك نية جادة للخروج إلى النور من هذا النفق المظلم .
أي أن كل شيء سيبقى على حاله متوقفاً، و سيكون الشعب العراقي بنتيجة هذا التوقف ، هو الخاسر الأكبر. و سوف لن يحدث انفراج بالوضع ، سواء في صالح كردستان ، أو لعموم العراق .
و تبرز من جديد الضرورة الملحة ، لإدراك : أن السبيل الوحيد لحل كل الأزمات ، المتفاقمة بين يوم و آخر ، هو العودة للطريق الأسلم الذي يعتمد على تكاتف كل القوى العراقية الخيرة – و ليس سوى ذلك – سواء الكردية أو العربية و سائر الأقليات ، من أجل إيجاد الوضع السياسي الأمثل ، المقتدر على معالجة كل القضايا التي ما زالت ترواح في مكانها .
إن حقوق و مصالح الشعب الكردي التي ضحى الكثير من أجلها عبر سني النضال الدامي ، سوف لن تتحقق ما لم يتم الاعتماد على وحدة الشعب العراقي بكل مكوناته ، من أجل إزاحة كل المثبطات و عوامل العرقلة ، الساعية إلى الحيلولة دون سير العملية السياسية نحو الانفراج السياسي لصالح الشعب .
و من جديد تصبح قضية الشعب الكردي ، قضية مرتبطة بمصير الشعب العراقي ، المعافى و الحر الديمقراطي ، و القادر على تقرير مصيره السياسي و مصير الشعب الكردي .
و أعتقد .. ما لم يتحقق ذلك ، فإن القضية الكردية ، ستبقى تخوض في قلب الأزمات ووسط أجواء غير صالحة على مستقبله .
هذا هو الطريق الأمثل الذي هو أعلى و أرقى من محاولة الأفراد مهما كانت تسمياتهم . فالمشكلة ليس قضية أفراد يقررها النجيفي أو غيره . إنما يأخذها الشعب بيده ، في أجواء صحية ، تتطور فيها العملية الديمقراطية لصالح الجميع . |