النص الفائز بالمركز الثاني للشعر الحر بجائزة النور للإبداع لعام 2010

1

كُنّا حُفاةً
نَرْتَـدي أَفْياءَ أشْرِعَةِ الْــقَوارِبِ ،
نَشْرَبُ الْــفَقْرَ الْــمُـعَتَّقَ ، والْــمُعَــبَّــأَ
في حَقائِــبِـنا الَّتِي ثَــــمِـلَـتْ
بِـأَوْراقِ الشَّذى الْــــفَوّاحِ
في الْكُتُبِ الْـجـَديدَةِ والدَّفاتِـرْ

2

كُنّا صِغاراً،
بِاتِّـجاهِ الشَّمْسِ نَرْسُمُ سُلَّماً
نَتَسَلَّقُ الأَيّــامَ ، والأَعْوامَ
وِحْداناً ،
زَرافاتٍ
وَنَرْجَعُ كَيْ نَزُفَّ لِصَبْرِنا ،
الْـمَـكْدودِ في غَزَلِ الْــقُرى ،
أَحْلى الْــبَشائِــرْ

3

كُنّا نَرشُّ عَلى طَريقِ الْــغَيْمِ
ألْــواحاً وَطَبْشوراً
لِـــيَـكْتُـبَ ، أو لِــــيَــمْـطرَ في أَزِقَّـتِـنا
مِنَ الأَلْوانِ ما يَكْفي
لِنَدَّخِرَ الَمَحابِـــرْ

4

كُنّا ،
وَكانَتْ جَدَّتي ..... يا جَدَّتي
ما قابَـلَتْ حَجَرَ الرُّحى ،
تَتْلو مَواويلَ الْـهَوى ،
إِلّا وَبَرْعَمَ في دَمي ،
الْــمَـتْبولِ مُنْذُ طُفولَتي،
ديوانُ شاعِرْ

5

كُنّا
وَكانَ أَبي بِــــمِـنْـجَـلِـهِ
صَباحاً
يَجْمَعُ الْــبَرَكاتِ وَالْحَسَناتِ
مِنْ أفْواهِ ما غرَسَتْ يَداهُ ،
وَفي الْــمَساءِ
يُفَرِّقُ الأوْهامَ عَنْ أحْلامِ
أجْنِحَةِ الشَّواطئِ وَالْــقَناطِــــرْ

6

كُنّا
وَكانَ السَّطْرُ يَنْطقُ
بِاسْمِ فانوسي الَّذِي اغْتَسَلَتْ
بِسِحْرِ شُعاعِهِ الذَّهَبيِّ قُرْباناً
حُروفُ النّورِ في كُلِّ الليالي
وَهْوَ صابِرْ

7

وإذا رقَصْنا
حَوْلَ أعْيادِ السَّنابِــلِ،
وَهْيَ تَكْــرَعُ خَمْرَ أعْراسِ البَيادِرْ،
تَتَقافَــزُ الأقْمارُ
في أبْوابِ دورِ الطّينِ
مِنْ تَحْتِ الضَّفائِرْ

8

كُنّا نَــمُـرُّ
فَتَنْبتُ الشُّطآنُ والْــكُــثْــبانُ تِـبْــراً
تَـحْتَ أرْجُلِنا
وَتَـزْدَحِمُ الظِّـلالُ لِقُدْسِ قِرْطاسٍ
تُرَدِّدُهُ مَعَ الْــفَجْرِ الْحَناجِرْ

9

كانوا صِغاراً
والصِّغارُ سَيَكْبرونَ وَيَقْرَؤونَ
الصَّمْتَ في رَيْبِ العَناوينِ الَّتِي
اتَّسَخَتْ بِــها الْــجُـدْرانُ ، والأبْدانُ
مِمَّنْ شَطَّ رِجْساً
وَهْوَ يَرْتَكِبُ الْــمَـقـابِـرْ

10

صاروا كِباراً
والأماني تَحْتَ أَضْلُعِهمْ
يُحاصِرُها بِــأشْواكِ الأسى
عُشٌّ مُسافِرْ

11

طالَ الْــمَدى ،
نَشْقى وَيَضْحَكُ ،
نَسْتَغيثُ وَيَسْتَريحُ،
وَيوقدُ الْــمَـيْدانَ مَوْتوراً ،
فَيَبْصُقُ كُلُّ شَيْطانٍ بِفيهِ الْـــمُسْتَرابِ
صَحيفَةً عَجْلى ،
تُتَرجِمُها إلى الأحْياءِ والأمْواتِ
أَسْلِحَةُ العَساكِرْ

12

تَلِدُ الشِّفاهُ فَتَىً
يُذيبُ بِـآيَــةٍ
أَقْواسَ مَمْلَكَةِ الْـحَديدِ ، وَتاجَها
وَبِأَصْغَرَيْهِ يُدَنْدِنُ
الإنْسانُ والْعِرْفانُ والرَّيْحانُ
"صَبْراً آلَ ياسِرْ"

13

الصَّبرُ عَرْشُ وُرَيْقَةٍ صَفْراءَ
تَكْظمُ جُرْحَها ،
حَفَّتْ بها صَلَواتُ
بُشْرى جَدْوَلٍ
يَعْفو بِحُبِّ الْماءِ
عَمَّنْ يَعْــبُدونَ كُروشَهُمْ ، وَيُتاجِرونَ
بَعَوْرَةِ الأزْهارِ وَالأشْجارِ
إيـماناً بِكافِرْ

14

فاضَتْ فُصولُ الْـبَـوْحِ
وَاهْتَزَّتْ مَراجيحُ الْهَوى ،
وَالْـوَرْدُ يَنْبتُ بِالشِّفاهِ ،
وَراحَةُ الصَّبِّ الْــمُــعَنّى
في جَناحِ الطَّيفِ تَغْزلُ ريشَةً
مَجْنونَةً
وَلْهى
لِيَحْتَضِنَ الرِّياحَ مِنَ الْــمَنافي عائِداً
فَــالْــمَــوْلِدُ الْــمَــأْمـولُ لِلْــفَجْرِ الْـــمُــنَـدّى
الآنَ يَنْتَظرُ الْـمُسافِرَ
وَالْــمُهاجِرْ
********************************
البصرة في ‏20‏ آذار‏، 2010