إنّ الثورة التونسية ليست حبرا على ورق. ولا يمكن أن تكون كذلك لا لشيء سوى لأنّ الواقع السياسي العالمي يأتينا بصفة دورية بما يتضمن تذكرة حية بأنّ الشعب العربي، وشعب تونس جزء منه، يعاني الأمَرّين من السياسة العدوانية والاستقوائية لذلك الكيان المزروع زرعا في قلب المنطقة العربية، الكيان الصهيوني. وأحداث غزة الأليمة التي اندلعت بفعل فاعل عنجهي وإجرامي في الأسبوع الثاني من شهر نوفمبر تعدّ تذكرة كبرى باستحالة بإصرار ممنهج للكيان الصهيوني على ممارسة كل أشكال القمع تجاه الشعب الفلسطيني الشقيق الأعزل.
ومن أوجه التمرد على كل القوانين والمواثيق الإنسانية والدولية أن يعمد الكيان المصطنع إلى قتل المدنيين الأبرياء العُزل وعلى الأخص الصغار منهم بينما هُم في عقر دارهم ويعانون الويلات منذ ما يزيد عن نصف قرن من استعمار استيطاني غاشم. كما أنّ أحداث غزة الحزينة والأليمة تذكرة للشعب العربي بأكمله أن لا خيار له سوى الإعداد الجيد للتصدي للاستعمار الصهيوني وللاحتواء الامبريالي بجميع الوسائل، إن المتاحة أم تلك التي ينبغي التفكير فيها على التو. وفي باب الإعداد الاستراتيجي على المدى المتوسط والبعيد نقترح ما يلي:
أولا: تجريم التطبيع في دستور البلاد التونسية والتنصيص على معاقبة من تسوّل له نفسه القيام بممارسة تطبيعية بقانون.
ثانيا: التنويه لدى كل بلد أجنبي أنّ تواصل علاقاته الدبلوماسية مع تونس رهنٌ بنأي حكومة هذا البلد عن مساندة الكيان الصهيوني وعن دعم سياسته الاستيطانية والعنصرية والاستبدادية والقمعية في فلسطين المحتلة.
ثالثا: تشكيل لجان متابعة في كل بلد عربي تتولى مهام رصد التطورات الآنية على الساحة الفلسطينية والتفكير في سبل مساندة المقاومة الفلسطينية، ولجان مختصة تتولى تجسيد الأفكار والمقترحات الناجمة عن عمل لجان المتابعة وذلك في شكل أعمال مباشرة لفائدة الشعب الفلسطيني تطال كافة مجالات النشاط والحياة.
رابعا: إعداد برامج مدرسية، تونسية وعربية، ترسخ في الشعور وفي الفكر وفي السلوك مبدأ المساواة بين التونسي، والعربي، وساكن البلاد المتقدمة حيث إنه من غير المعقول أن نتحدث للناشئة عن ضرورة اكتساب العلم والمعرفة وأن ننجز المناهج لتحقيق ذلك والحال أنّ الشباب يشعر بالدونية تجاه الأجنبي المتطور مع العلم أنّ هذا الأجنبي مازال يمارس أشكال الاستعمار تجاه الشعب العربي مثلما يحدث في غزة وأيضا في سوريا، ومثلما حدث في العراق وفي ليبيا.
خامسا: إحداث وزارة للاستراتيجيات والعمل المشترك في كل بلد عربي تعنى بكل ما يتعلق بالعمل العربي الرامي إلى مجاراة القانون الطبيعي للوحدة والاتحاد بين مختلف مكونات الشعب العربي أينما كان.
محمد الحمّار
|