في عدد يوم امس الثلاثاء قرأت مقالا في الشرق الاوسط السعودية تحت عنوان ( العراقي المفقود .... الامن المفقود) ولكون كاتب المقال هو اعلامي عراقي وعمل في صحيفة شبه رسمية عراقية وهو الاخ فلاح المشعل استوقفتني بعض العبارات في هذا المقال حيث يتحدث عن الامن المفقود في العراق وكأنه يضع اللوم كله على العراقيين سياسيين وافراد الشعب الذين لا حول لهم ولا قوة وهم يتصدون لكل تلك الهجمات الوافدة اليهم من دول الجوار دون منازع فلم يكن أي من العراقيين له القدرة على القيام بكل تلك التفجيرات ولم تكن تلك الثقافة منتشرة بين صفوفهم ولم تكن تلك النزعة الطارئة على مجتمعنا هي من ذوات الدوافع الداخلية في كل فرد من الشعب العراقي .
انا اتفق معك ان كل الدول التي تتحدث عنها تمكنت الى حد ما من السيطرة على منابع الارهاب وجففت كل خلاياه تقريبا ولكن عندما تقوم على تجفيف بحيرة من الماء اين يمكن ان تذهب بمائها الذي يملأها ؟ ألا تحتاج الى مكان اخر كي تفرغ ما في هذه البحيرة من ماء لتجف..... ذكرت هذا المثال لان عملية تجفيف منابع الارهاب في تلك الدول تم تحويل ما فيها من حثالات البشر الى العراق منذ السنتين الاولى لسقوط نظام البعث وبقي الدعم المعنوي من خلال الفتاوى القذرة لعلماء السوء قي السعودية تنمي افكارهم ليوغلوا في قتل العراقيين وكذلك ابقاء الدعم المادي الكبير الذي يغذي كل عملياتهم الارهابية من اجل ان يبقى هؤلاء بعيدين عن دولهم وكي تبقى مشاكلهم بعيدة عن ممالكهم وعروشهم ،، هذا التدخل في الشأن العراقي وبفعل دولي من قبل الجوار لا يقتصر على دولة دون اخرى وانما الجميع شارك في ذلك وبنسب متفاوتة من قبل الدول الست التي تجاور عراقنا الحبيب وكأننا امام مهرجان ارهابي بدأ يتفاعل في السنة الثانية بعد سقوط نظام صدام وحزبه المشؤوم حزب البعث وللأسف حتى الدول التي تعرضت لأذى هذا المقبور ونظامه أحس بالندم على زواله بل تعاطفت معه وهو من شرّد عوائلهم وانتهك اعراضهم في فترة احتلال الكويت ودخول منطقة الخفجي السعودية وايران التي حاربها ثمان سنوات ، مع كل ذلك نجد انهم دعموا كل الخلايا البعثية النائمة التي سهلت عمل التنظيمات الاجرامية من القاعدة وغيرها داخل العراق ولذلك كانت ولا زالت مصالح هذه الدول هي الاساس عندهم وقبل كل شيء ولا معنى للحفاظ على امن العراق طالما ان النار الملتهبة بعيدة عن خيامهم .
الحديث عن ضعف الخدمات وتعطيل المشاريع التي أشار اليها الكاتب هي واحدة من المشاكل التي تتراكم في العراق لأسباب ربما الكاتب نفسه يعرف جيدا وبدقة كيفية تأخيرها وتفاقمها مع مرور السنين حيث يقول (العراقيون فشلوا في كل هذا ولم يحصدوا سوى الانهيارات المتلاحقة، وأرقام ضحايا تتضخم يوميا، وخسائر مادية، وتعطيل مشاريع الاستثمار والبناء بعد أن تقهقرت الخدمات بكل جوانبها، وتآكلت الأحلام في سراب التحول إلى الدولة المدنية الديمقراطية بعد أن تقلصت الحريات وتراجعت الحياة في عموم آفاقها، وصار المراقبون المحليون والدوليون يتندرون بسخرية مرة عن قدرة الفساد على إنتاج دولة «جديدة» تدعى العراق!) ولكن كيف ومن هو الذي يؤخر كل ذلك هل يجب ان نضع اللوم على شخص واحد أليس ذلك من الغبن ونحن نرى ان التعطيل للقوانين والمشاريع قائم على قدم وساق من قبل البرلمان العراقي نفسه وفقا لحسابات ضيقة ومحسوبيات سخيفة جدا لان الكل يبحث عن الوجاهة وتوفير ما يمكن توفيره لحزبه ولنفسه ولعل مشروع البنى التحتية هو خير دليل دامغ على ان البنية السياسية في العراق مهزوزة ولا يمكن ان تصل الى مراميها الحقيقية طالما ان الحسابات بهذا الشكل عندما نوقف مشاريع خدمية توفر للمواطن الخدمات والعمل ونقوم بالتشكيك بها خوفا من ان تحسب لجهة ما او شخص ما ،، لهذه الاسباب نجد ان العراقي مفقود وامنه مفقود في ظل التناحر السياسي الحاصل تحت قبة برلماننا الموقر وهم يتصارعون على كل صغيرة وكبيرة . |